تونس- الفلاحة التونسية في حاجة إلى ثورة شاملة وإصلاح جذري

احتفلت بلادنا منذ أيام بالذكرى الخمسون لتأميم الأراضي الفلاحية وسط تنامي الاحتجاجات والمطالب الفلاحية ووسط مؤشرات مختلفة على تدهور الوضع الفلاحي بالرغم عن الصابة المعلنة في الحبوب هذه السنة بالإضافة إلى الآفات المرضية المعلنة في الأشجار وفي السلالات البقرية في الشمال الغربي …



احتفلت بلادنا منذ أيام بالذكرى الخمسون لتأميم الأراضي الفلاحية وسط تنامي الاحتجاجات والمطالب الفلاحية ووسط مؤشرات مختلفة على تدهور الوضع الفلاحي بالرغم عن الصابة المعلنة في الحبوب هذه السنة بالإضافة إلى الآفات المرضية المعلنة في الأشجار وفي السلالات البقرية في الشمال الغربي …

وفي الواقع فإن الملف الفلاحي مطروح منذ سنوات وحتى ما قبل الثورة على النقاش دون أن تتمكن لا الإدارة ولا الفلاحون في صلب منظمة إتحاد الفلاحين التي كانت تابعة كليا للحزب الحاكم على وضع اللبنات الأولى لرؤية واضحة أولا للوضع الفلاحي في البلاد وقانيا لأي آفاق للاصلاح تكون عميقة وشاملة ..

وفي هذا الصدد أكد وزير الفلاحة السيد الأسعد لشعل بمناسبة 12 ماي وبكل صراحة أن تونس تفتقد لرؤية استراتيجية شاملة لفلاحتها ولسياستها الفلاحية وان الاستراتيجيات الموجودة جميعها قطاعية وغير متناغمة مع متطلبات الوضع العام.

وأعلن الوزير بالمناسبة في حديث مع وكالة تونس افريقيا للأنباء إنطلاق وزارته في الإعداد لنجاح الاستشارة الوطنية حول " الفلاحة التونسية في أفق 2025 " التي ستستغرق 6 أشهر وستمتد إلى شهر أكتوبر 2014 ومن المنتظر حسب وزير الفلاحة أن تمكن هذه الاستشارة من مقارنة مختلف المقاربات للفبلاحة التونسية وللفاعلين والمتأثرين بها حتى يقع التخطيط لإستراتيجية واضحة المعالم ومتفق عليها …

وتأتي معضلة الملكية العقارية للأرض الفلاحية في مقدمة المسائل الصعبة الحل حسب الخبراء في المجال . فإن استثنينا بعض الأملاك الكبرى القليلة فإن غالبية القطع الفلاحية ذات مساحات تتراوح بين 1 و10 هكتارات وهي مساحات لا تسمح بالمكننة الفعالة كما أنها تزيد من تكاليف الانتاج ومن صعوبة مسالك التوزيع . ولئن كان لإحداث تجمعات في شكل شركات تعاضدية للمنتجين يبدو أحد الحلول المعقولة لتجاوز التشتت فإنه يصدم أولا بنزعة الاستقلالية عند الفلاحين عندنا كما يصطدم بتارسخ التعاضد المقيت في ذهن العديد من التونسيين .

وتأتي مشكلة توفر المياه والتصرف فيها في المراتب الأولى أيضا. وقد أشار وزير الفلاحة في تصريحاته المذكورة إلى هذه المعضلة داقا ناقوس الخطر لتكاثر الاستغلال العشوائي واللاقانوني للمياه السطحية معلنا أن حوالي 80 ألف قناة و10 ألاف بئر وقع حفرها واستغلالها في السنوات الثلاث الأخيرة مما أجهد كليا الحوض السطحي مشيرا إلى ضرورة مراجعة وسائل الردع القانونية الحالية التي لم تعد تفي بالغرض …

 

وقد أعلن الوزير صراحة إلى ضرورة مراجعة شاملة لنظام الجمعيات المائية وجمعيات التصرف في الموارد المائية المتواجدة حاليا والتي تتميز جميعها بديون هامة لشركتي الكهرباء والمياه من جراء سوء التصرف وعدم تجديد القوانين المنظمة بما يتلاءم والمستجدات …

ومن المشاكل العالقة والعميقة في الفلاحة التونسية سوء تنظيم مجالات التوزيع التي تزدحم بالوسطاء حتى ليصل عددهم أحيانا بالعشرات مما يزيد في ارتفاع الأسعار وفي المضاربات الضارة في نفس الوقت بالفلاح وبالمستهلك.ولقد لفت الفلاحون في عديد المرات النظر إلى هذه المسألة مطالبين بمراجعة القوانين وإحداث مجمعات أسواق جهوية أو مختصة حسب الانتاج لمحاربة جحافل "الهباطة " الذين يستحوذون على مقدرات السوق الوطنية في بئر القصعة بقوة المال والنفوذ وأحيانا بالعنف لتغليب مصالحهم…

وبالطبع فإن القائمة طويلة ولا يمكن في هذا المجال حصرها وبالتأكيد أن انفراج الوضع السياسي والتعدد النقابي الذي تشهده الساحة الفلاحية سيساهم في تحسين تشخيص الوضع كما سيساعد في ابتداع الحلول الأكثر نجاعة وفي الاستماع إلى كل الأطراف المعنية لأن الملف الفلاحي كثير التعقيد ومتعدد الارتباط بالصناعة وبالنقل علاوة على ارتباطه بإشباع الحاجيات اليومية لملايين التونسيين.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.