التونسيون متورطون حد النخاع وضحايا الفساد يوميا

 

يطلق عليها فى تونس رشوة او قهوة و بقشيش فى عدد من البلدان الاخرى العربية و متابش فى افريقيا الوسطى فى ما تعرف ب بروبينا فى امريكا اللاتينية و وعاء خمر فى اوروبا.

تتعدد التسميات لكن الظاهرة تعنى كلها نفس الاساءة والمخادعة التى تمنع النمو وتغير وجهة الاستحقاقات لغير مستحقيها وتشجع على اللاعدالة وتقوض الثقة فى هياكل الدولة.

وتقدر كلفة الفساد فى تونس بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية بنسبة 2 بالمائة من الناتج الداخلى الخام اى ما يعادل نقطتين من نسبة النمو السنوية.

وتضاهى قيمة هذه الخسائر نقدا وفق غلوبل فاينيشل انتغريتى 2ر1 مليار دولار امريكى فى السنة اى 110 دولارا بالنسبة للشخص الواحد 1 دولار يساوى 965ر1 دينار تضيع كل سنة فى المعاملات غير المشروعة.

واعتقد التونسيون انه برحيل الرئيس المخلوع وافول نجم اصهاره الطرابلسية الذين كانوا يجسدون الفساد ويسيطرون على دواليب الاقتصاد والموسسات العمومية ابان ثورة 17 ديسمبر2010 /14 جانفى 2011 فان المرتشين والراشين سيتقلص عددهم او يضمحلون.

لكن على العكس اذ يبدو ان هولاء الطرابلسية تركوا وراءهم ارث الرشوة و الفساد المنظم ليس فقط لاتباعهم لكن ايضا لعدد كبير من التونسيين الذين لم يقع لسوء الحظ تحصينهم ضد هذا المرض الخطير.

هذا الضرر هو المسوول عن الاجواء المسمومة التى تحف بالشان العام وسرطان يمنع اى نمو او تطور وفق تقدير الجامعى فى مجال علم الاجتماع ورئيس الجمعية التونسية لعلم الاجتماع عبد الستار السحبانى.

ما يخيف التونسيين اليوم هو توسع رقعة هذه الممارسات الدنيئة فى المجتمع والتى يتم تقبلها كقضاء وقدر او بشكل الى ليكونوا فى نفس الوقت شركاء وضحايا.

من جهة اخرى فان دراسة نشرت نتائجها موخرا من قبل الجمعية التونسية للمراقبين العموميين اظهرت ان التونسى لا يرفض قطعيا الفساد الاصغر الذى قدر خلال سنة 2013 بنحو 450 مليار دينار 0 وتبدو درجة تقبل التونسى لعدد من الممارسات جد مقلقة.

ويرفض 37 بالمائة فقط من التونسيين الذين وقع استجوابهم فى اطار ذات الدراسة تقديم الرشوة لرجل امن لتجنب دفع مخالفة مقابل 40 بالمائة يرفضون تقديم اى رشوة لعون يعمل بقطاع الصحة العمومية للمرور سريعا الى الفحص الطبى او تحديد موعد قريب ممارسات معمول بها فى المستشفيات العمومية وحتى صلب اقسام الاستعجالى 0 وابرزت الدراسة مستوى من الفصام فى العلاقة اليومية للمواطن مع هذه الظاهرة.

فرغم ان التونسى ينظر اليها كشكل من الانحطاط الاخلاقى وخرق لمبادى الدين فانه يرى ان الرشوة تسهل المعاملات اليومية 70 بالمائة من المستجوبين والنفاذ الى خدمات الادارية حتى الاكثر بساطة منها والاقل كلفة الحصول على مضمون ولادة او الخدمات البلدية مثال ويبدو انه لا يوجد اى قطاع فى مناى عن هذا التهديد وهذه الممارسات اللااخلاقية.

ويكثر الفساد بحسب التونسيين فى قطاعات الامن والديوانة والعدل والخدمات الصحية والجماعات المحلية.

وفى ما يتعلق بالفساد الاكبر اظهر تقرير صدر سنة 2011 عن الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد ان المجالات الاكثر عرضة للفساد تتعلق بمجالات العقارات والاراضى الفلاحية والموسسات العمومية والصفقات العمومية واسناد للزمات والخوصصة وتكنولوجيات الاتصال والاعلام والديوانة والقطاع المالى والجبائى والعدل.

التونسى لا يبلغ عن الفساد بل يتاقلم مع الوضع رغم ان 91 بالمائة من الاشخاص المستجوبين يدعون الى الابلاغ عن حالات الفساد كان 84 بالمائة منهم ضحايا لعمليات فساد ولم يقوموا بالتبليغ ابدا عن هذه العمليات وفق دراسة الجمعية التونسية للمراقبين العموميين فى ما اعتبر 58 بالمائة منهم ان الوشاية لن تفضى الى شيى.

لان التبليغ عن حالات الفساد وفق ذات الدراسة لا يمكن ان يكون له الوقع المطلوب ولا يمكن ان يكون ناجعا الا اذا ما اعتبرت الدولة الرشوة جريمة وابدت القدرة والرغبة فى محاسبة المسوولين عنها.

ودعا رئيس الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد سمير العنابى فى هذا السياق الى ارساء نظام لمتابعة هذه الظاهرة ومزيد التنسيق والتناغم بين الهياكل والاقسام المكلفة بمقاومة الفساد معتبرا ان هذا الاجراء لا غنى عنه لجعل التبليغ عن حالات الفساد تفضى الى النتائج المرجوة.

واضاف ان بامكان الفساد الذى من طبيعته ان يكون غير معلنا ان يتوسع خلال الفترات الانتقالية التى من شانها ان تشجع على كل ما هو غير منظم لما اتسمت به من عدم استقرار وضعف الدولة واجهزة المراقبة لديها 0 اسوأ من ذلك فا تقريرا اصدره البنك العالمى حول الفساد فى تونس ابرز ان القوانين فى البلاد من شانها ان تعمل على تكاثف مد الفساد.

فالهندسة التشريعية الموجودة منذ ما قبل الثورة والذى لا يزال جزء كبير منها سارى المفعول هى فى ذاتها نتاج المحاباة وفتحت المجال لتوسع التشريعات والاجراءات.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.