عبد اللطيف الحناشي : الوضع السياسي في تونس مرتبك

قال أستاذ التاريخ المعاصر والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي” إن الوضع السياسي العام في تونس مرتبك ويتسم بنوع من الغموض لأن الحكومة الموجودة ورغم أنها حكومة وحدة وطنية لا تجد السند السياسي المتين الذي يمكنها من أداء مهامها بصفة أنجع”.

وبين في تصريح لوكالة تونس إفريقيا اليوم الأربعاء أن عدم توفير الدعم والحزام السياسي للحكومة يربك أداءها ولا يجعلها قوية في قراراتها، موضحا في هذا الجانب أن أكثر الأطراف المساندة لها اليوم من الممضين على وثيقة قرطاج هو الإتحاد العام التونسي للشغل في حين تحتج منظمة الأعراف التي تعد جزء منها حول بعض الجوانب وتهدد بالانسحاب على خلفية مشروع قانون الميزانية.

كما لفت في هذا الإطار إلى أن حكومة الوحدة الوطنية التي كانت تتكون من عدد من الأحزاب والمنظمات الوطنية باتت مشكلة من حزبين اثنين (نداء تونس وحركة النهضة)وغادرها آخرون بصفة رسمية أو مخفية.

وقال ” إن حزب حركة نداء تونس الذي كان من المفروض ان يساند حكومته بات اليوم غير ثابت من حيث سلوكه ومواقفه تجاهها، وهو ما يمكن ملاحظته عبر ممارسته لضغوطات متنوعة خفية في الغالب على الحكومة”، مبينا أن هذه المسألة تتجلى من خلال عدم توفق الحكومة في تعيين وزير للصحة بعد وفاة الوزير سليم شاكر بالرغم من أن هذه الوزارة أساسية فيما تقدمه من وظائف.

من جهة أخرى أكد الحناشي أنه رغم ما تواجهه الحكومة من إرباك فإنها تجتهد في ممارسة برنامجها وتوفقت في الحد الأدنى، مشيرا الى أنها قامت بخطوات هامة وجيدة في محاربة الفساد رغم أن “العملية تبدو بطيئة بالنظر إلى ضعف الحزام السياسي من جهة ولأنه لا يمكن محاربة الفساد المتغلغل كالأخطبوط في المؤسسات بإجراء واحد من جهة أخرى”.

كما رجح إمكانية ان يكون رد فعل لوبيات الفساد عنيفا ومتعدد الاشكال، مما يشكل خطرا على الدولة وعلى المسار خاصة، حسب تعبيره.

على صعيد آخر اعتبر ” أن المشاكل الداخلية للأحزاب وأوضاعها غير المستقرة أثرت على الوضع السياسي العام، ويتجلى ذلك من خلال الاستقالات التي تعيشها أغلبها ومن خلال مواقفها السياسية غير الثابتة والتي لا تعبر عن أفكارها وبرامجها مما يربك العملية السياسية”.

ولفت في هذا الجانب إلى أن العلاقات بين الأحزاب ليست متينة ولا تنبني على أسس فكرية وموضوعية وإنما في أغلبها تحكمها نزوات ظرفية وعلاقات ذاتية وهو ما يفسره التحاق الإتحاد الوطني الحر بحزبي بالحكومة ودعم اتفاق قرطاج الذى سبق وأن انسحب منه.

كما بين أن هذه المسألة يفسرها كذلك حزب مشروع تونس الذي كان مؤيدا للحكومة لكنه اليوم ينتهج سياسة البين بين آخرها الدعوة إلى جبهة برلمانية وهو أمر مخالف للعلوم السياسية التي تؤكد أن البرلمان لا يمكنه أن يحتوي سوى تكتلات ببرامج واضحة وسلوك معين، حسب قوله.

أما عن حزب آفاق تونس فقد أشار إلى أنه كان مساندا للحكومة ولحزبي النهضة والنداء لكنه اليوم يبرز على شكل ناقد لحكومة الوحدة الوطنية مما حدا بالبعض إلى القول بأنه يعيش حالة انفصام سياسي.

وبالنسبة لأحزاب المعارضة في إشارة إلى الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي فقد أبرز الحناشي “أنها الوحيدة التي ظلت واضحة في موقفها من الحكومة ومن الأحزاب المشكلة لها ومن سلوكها واختياراتها”، مبينا أن الوضوح شيء مطلوب لإنجاح التحالفات التي يجب أن تكون على أرضية واضحة وشفافة وفق توجهات محددة تؤدي الى الانعكاس إيجابيا على الوضع السياسي.

وفي هذا الجانب قال “إن ما نشاهده اليوم لا يعدو سوى نزوات بين الأحزاب جراء عمليات إغواء من الأحزاب الكبرى إلى الأحزاب الأقل تمثيلية”، مرجحا أن السبب يعود إلى وجود مصالح خاصة تقودهم.

وعن تحالف حزبي حركتي النهضة ونداء تونس أفاد بأن تحالفهما غير متين وهو ما عبر عنه النائب عن حركة النهضة عبد الفتاح مورو ورئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في تصريحات سابقة، مبينا أن تحالفهما لا يستنذ إلى قاعدة سياسية أو فكرية وأن النقطة الأساسية التي تجمعهما هو إنجاح عملية الإنتقال الديمقراطي بأي ثمن .

وحول الجبهات التي يتم الدعوة إليها قال “إن أغلب الجبهات التي تم الدعوة إليها من قبل رئيس حركة مشروع تونس إثر خروجه من نداء تونس قد آلت إلى الفشل”، موضحا في الآن نفسه أن الإعلان عن جبهة برلمانية أسفر اليوم عن بروز تكتل جديد لم يتوضح طبيعته بعد بين أحزاب حركة النهضة ونداء تونس والوطني الحر .

من جهة أخرى بين أن الوضع السياسي في تونس مرتبط كذلك بالوضع على المستوى الإقليمي، موضحا أن الوضع الامني والسياسي الذي تعيشه ليبيا وتحصن المجموعات الإرهابية الفارة من سوريا والعراق إثر هزائمها هناك له انعكاس شديد على الوضع في تونس سياسيا وإجتماعيا واقتصاديا.

وفي هذا الإطار قال “إن تونس لم تتمكن من الخروج من الأزمة الإقتصادية بالنظر الى أن ليبيا كانت تمثل كذلك المجال الحيوي لتونس”.

أما عن علاقة البلاد بالإتحاد الأوروبي فقد اعتبر أن الدعم المقدم من المؤسسات والبلدان الأوروبية لإنجاح التجربة في تونس في شكل هبات وقروض لم تمكنها من الخروج من هذه الأزمة المتشعبة.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.