الانقطاع المدرسي ظاهرة صعبة ومركبة وخطورتها لا تكمن في ذاتها فحسب وإنما في الظواهر التي تولدها

تقف عدة عوامل معقدة ومتداخلة، تتصل أساسا بالعائلة والمحيط والمناهج الدراسية، وراء الانقطاع المبكر عن الدراسة،
وفق ما أكده المشاركون في ندوة دولية انعقدت، اليوم الاربعاء بتونس، ببادرة من مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية بعنوان “الانقطاع
عن الدراسة في المجتمعات: تجارب ومقاربات”.

وأكد المدير العام لمركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية المنصف وناس أن دراسة أنجزها، على مدى ثلاث سنوات، فريق من المختصين
بوحدة البحث “الأسرة والتغيرات الاجتماعية ” بالمركز، شملت خمس ولايات وأثبتت أن الانقطاع المدرسي ظاهرة صعبة الطبيعة ومركبة ومتعددة الأبعاد ويحتاج فهمها الى مقاربة علمية وقراءات متنوعة، وان خطورتها لا تكمن في ذاتها فحسب وإنما في الظواهر التي تولدها.

كما أظهرت الدراسة حسب وناس، أن الظواهر التي يولدها الانقطاع المدرسي تكتسي أكثر خطورة منها، على غرار العنف المجتمعي والانخراط في التهريب والارهاب والتشدد الديني والاقتصاد الموازي، باعتبار أن الانقطاع المدرسي خزان بشري لامحدود يغذي مختلف هذه الظواهر.

ولاحظ مدير عام المركز أن هذه الندوة الدولية التي تتواصل على مدى يومين ستخصص لفهم هذه الظاهرة في المنطقة العربية وتشخيصها وتقديم قراءات علمية تشخيصية وتوضيحية حولها من أجل اقتراح الحلول المناسبة لمعالجتها.

وأفادت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة نزيهة العبيدي، أن عدم التعلم أو الانقطاع المدرسي، لأي سبب كان يسجل في خانة العنف المسلط على الأطفال مشيرة إلى تراجع نسبة الأمية إلى حدود 18.1 بالمائة في صفوف التونسيين مقابل تضاعفها في صفوف النساء.

وأكدت أن ظاهرة الانقطاع المبكر عن المدرسة تمثل استنزافا للموارد البشرية والمادية في المجتمعات العربية، مشيرة إلى أن الوزارة تعمل ضمن استراتيجية متكاملة ومتعددة الأطراف على الحد من التسرب المدرسي من خلال ضمان مجانية التعليم وتوفير النقل والمبيتات وانفاذ القانون لاجبار
الأولياء على تعليم أبنائهم ومعاقبة المخالفين منهم.

وأفادت أن 64 بالمائة من الأطفال لايذهبون إلى الروضة لذلك تم اقرار سنة 2017 سنة للطفولة، مؤكدة أن الوزارة اتخذت الى حد الآن 300 قرار
باغلاق روضات عشوائية وأن الوزارة تكفلت هذه السنة بمصاريف رياض الأطفال لفائدة 3000 طفل، كما تعمل على ترميم رياض الأطفال البلدية
ومحاولة استغلالها لفائدة الاطفال المنحدرين من العائلات محدودة الدخل.

وشدد المتحدث باسم المشاركين في هذه الندوة علي سعيد المهنكر على أن الانقطاع المبكر عن الدراسة ظاهرة تهدد كيانات المجتمعات العربية ولها انعكاسات سلبية وجد وخيمة على المجتمعات حيث تولد ظواهر أخرى أكثر خطورة وأسوأ أثرا على تركيبتها.

وتهدف هذه الندوة العلمية إلى تشخيص واقع التعليم في المجتمعات ومعرفة أسباب ظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة، وتمثل، حسب منظميها، نقطة انطلاق لمزيد التعمق في الدراسة والتحليل للوضع المدرسي بشكل عام، ولظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة خاصة بالنظر الى الخطر الذي تمثله
بالنسبة للأجيال القادمة والحالات الناجمة عن الفراغ والتشرد والضياع والإقبال على سلوكيات الانحراف والجريمة لنسبة كبيرة من الأطفال.

ويتطرق المؤتمر إلى جملة من المحاور الأساسية المتعلقة بتأثير فشل النظام التربوي والتعليمي في المجتمعات العربية في ارتفاع نسب الانقطاع المدرسي، وخطورة هذه الظاهرة على الاستقرار في هذه المنطقة. ويبحث المشاركون في هذا الصدد في عديد الاشكاليات المهتمة بتاريخية ظاهرة الانقطاع الدراسي بين الأسباب والتمظهرات وخصائص البيئات المنتجة لهذه الظاهرة وآثارها في المجتمع فضلا عن المقاربات المختلفة لدراسة الظاهرة والدراسات المقارنة بين التجارب الناجحة للحد من هذه الظاهرة.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.