“الرجل خلف الميكروفون” بين قصة عائلية و إرث موسيقي على خطى الفنان القدير الهادي الجويني

في إطار فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي في نسخته الرابعة عشرة والمقامة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تم عرض شريط “الرجل خلف الميكروفون” و هو العرض الأول لهذا الشريط الذي يصور مسار الفنان الراحل “الهادي الجويني” .
بإنتاج مشترك بين “كلار بلحسين” “Claire Belhassine” عن “ضوء القمر للأفلام” “Clair de Lune Films” و “ألفة الترّاس” “Olfa Terras” عن “مؤسسة رامبورغ” “Fondation Rambourg”و “مايك لارنار” “Mike Lerner” عن “يوتوبيا” “Utopia”، يصور هذا الشريط مسيرة فنية دامت أكثر من ستين سنة توقفت بوفاة “الهادي الجويني” سنة 1990 لكن رصيده الفني بقي حيا بيننا بأكثر من 1070 أغنية و أكثر من 56 أوبيريت، حاولت حفيدته ومخرجة العمل في الآن ذاته “كلار بلحسين” تثمينها و تسليط الضوء عليها هذا علاوة على أكثر على من 900 لحنا موسيقيا موجودا وموثقا بعناية .
من هو الهادي الجويني ؟
إن جاز إطلاق لقب “فرانك سيناترا” “Frank Sinatra” تونس على الفنان الراحل “الهادي الجويني” فإن المتأمل في مسيرة الرجل كمطرب وكملحن يمكنه أن يذهب أكثر من ذلك في توصيفه باعتباره مجددا فاعلا داخل الأغنية التونسية بامتياز. حاز “الجويني” على تكريم الرئيس الراحل “الحبيب بورقيبة” مرتين لمساهمته الفعالة في النهوض بالأغنية التونسية ومساهمته في إثراء الرصيد الثقافي الوطني كما كان من الفنانين القلائل الذين تحصلوا على الوسام الأعلى لأكاديمية الموسيقى العربية . أغاني الفنان “الهادي الجويني ” المستوحاة من روح “الفلامنكو” تعرف إلى اليوم رواجا في تونس و في دول الشرق حيث لم يعرف الطلب عليها تراجعا بل إن ما يحصل هو العكس تماما .
شريط وثائقي مؤثر
يصور شريط “الرجل خلف الميكروفون” كل الموروث الثقافي الذي تركه الفنان الراحل”الهادي الجويني” لبلده تونس، لكنه يصوّر أيضا الألم الذي تركه في قلوب أقرب الناس إليه. فعلى امتداد أكثر من 86 دقيقة، مدة الفيلم الذي ظهر سنة 2016 تبرز و لأول مرة كل مراحل حياة ” الهادي الجويني” علاوة على كل الآثار التي تركها .
حسب المخرجة ” كلار بلحسين ” فإن الشريط يحملنا عبر رحلة شاعرية و عبر تقص شخصي يكشف حقيقة ما لاقاه ” الهادي الجويني ” من جحود من المقربين منه و يبرز بشكل خاص كل التراث الموسيقي الذي تركه لتونس .
الشريط هو أكثر من مجرد سيرة ذاتية بل إنه وفي جانب مهم منه يسلط الضوء على جزء هام من الموسيقى التونسية وهو أيضا عودة على قصة عائلة مؤثرة وعلى جملة من المعطيات السوسيولوجية الخاصة بتحولات داخل دولة تعيش تحت التأثيرات الغربية و العربية .
بالحديث مع والدها ومع عمها و عمتيها حول الفنان “الهادي الجويني” بلغت المخرجة ” كلار بلحسين ” ذروة ديناميكية عائلية يصفها والدها “فريد” بالمصابة بخلل وظيفي . بين الصور القديمة و مقاطع الفيديو التي تصور العطل الصيفية التي قضتها في تونس نجحت المخرجة في إدخال القصة التي رواها عمها داخل سياق كامل راوح بين الحزن و التذكر لكنه كان مؤكدا على أهمية الانتماء إلى عائلة.
مشاركة مؤسسة رامبورغ

عن طريق الصدفة التقت ” ألفة الترّاس ” بمخرجة الشريط ” كلار بلحسين ” عن طريق صديقة مشتركة لتتطور هذه الصدفة إلى مشروع مشترك خصوصا و أن المخرجة “كلار بلحسن”سعت بكل جهودها لإيجاد دعم لإنتاج الشريط لكن دون جدوى .
من جهتها اعتبرت “ألفة الترّاس” أن إنتاج هذا الشريط يمثل فرصة جيدة لتكريم فنان قدير في قيمة “الهادي الجويني” خصوصا و أن المشروع يتماشى مع أهداف المؤسسة الرامية إلى الحفاظ على الهوية الوطنية و حماية التراث الثقافي .
و لأن الشريط لم يعرض إلى حدود اللحظة في تونس، فإن المؤسسة تحاول توفير نسخة منه تحمل الترجمة العربية بهدف إيجاد موزعين قادرين على عرضه في قاعات السينما التونسية .
حول مؤسسة رامبورغ لتطوير الفن و الثقافة في تونس :
أسست ” ألفة الترّاس ” رفقة زوجها مؤسسة رامبورغ سنة 2011 مدفوعين بحب العمل الثقافي ومؤمنين به حيث كان التوجه في البداية نحو العمل على نطاق دولي قبل أن يستقر الأمر انطلاقا من سنة 2015 على التفرغ التام للشأن الثقافي و التربية في تونس من خلال المجهود البشري ومن خلال رصد كل الإمكانيات المادية . بحسب ” ألفة الترّاس ” يبقى المجال الثقافي و التربية مجالان اقتصاديان ناجحان و قادران على تأمين مواطن عمل محترمة و بالتالي لا يمكن بأي حال التغاضي عنهما داخل النظام الاقتصادي الجاري به العمل .
من الضروري أن يكون لكل التونسيين الحق في النفاذ إلى المجال الثقافي من خلال المشاركة بكامل الحرية فيه دون أي تمييز.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.