كلمة الاتحاد في يوم التفكير حول برنامج العمل اللائق

مثل خليل الغرياني عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة التجارة والصناعات التقليدية المنظمة في يوم التفكير حول برنامج العمل اللائق المنعقد يوم الخميس 5 أفريل 2018 بأحد النزل بالعاصمة وألقى الكلمة التالية:

” يسعدني و يشرفني أن أتقدم لكم جميعا أصالة عن نفسي ونيابة عن أعضاء الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بخالص التحية والتقدير وأن أتوجه ببالغ الشكر إلى القائمين على تنظيم هذا الملتقى على مبادرتهم بجمع شركاء العقد الاجتماعي الثلاثة للنظر في كيفية تنفيذ بنود العقد الاجتماعي ضمن برنامج العمل اللائق الذي كنا أمضيناه صحبة مكتب العمل الدولي في شهر جويلية الماضي بمقر المنظمة الدولية بجينيف، كما أغتنم هذه الفرصة للثناء على إطارات وخبراء مكتب العمل الدولي في تونس والجزائر والقاهرة وجينيف على حرصهم دعم الشركاء الاجتماعيين، وكذلك حكومات الدول المانحة التي موّلت ولا تزال مختلف المشاريع المتعلقة بمجالات العمل والتشغيل والحماية الاجتماعية والإحاطة بالمرأة والشباب والطفولة.

نجتمع اليوم في هذا الملتقى للتفكير في تفعيل برنامج العمل اللائق، وبلادنا تعيش أزمة اقتصادية حانقة تعكسها العديد من المؤشرات السلبية وتتجلى بالخصوص في اختلال التوازنات الكبرى وعجز الميزانية وانهيار قيمة الدينار وتراكم عجز الصناديق الاجتماعية وارتفاع نسبة المديونية وهو وضع ينذر بالأسوأ ويهدد الاستقرار الاجتماعي والمسار الانتقالي.. وهو ما دفعنا في الاتحاد إلى إطلاق صيحة فزع أكثر من مرة والتنبيه من هذه المخاطر.. والدعوة إلى تجميع القوى والعمل من أجل مصلحة الوطن.. والتحرك بكثير من المسؤولية والجرأة والنجاعة.

وفي هذا الإطار تأتي الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية لجمع الموقعين على اتفاق قرطاج للنظر في ترتيب الأولويات الوطنية والنظر في محتوى الإصلاحات الضرورية من أجل إنقاذ الوضعية الاقتصادية. وقد قدم الشركاء الاجتماعيون مقترحات عمليّة وجادّة لمعالجة قضايا الاقتصاد الموازي والتهريب وإصلاح المؤسسات العمومية وأنظمة التقاعد بنفس الروح التي قادت صياغة العقد الاجتماعي وفي نفس الاتجاه الإصلاحي الذي رسم محاور العقد.

إن المضامين التي اشتغلنا عليها في سنة 2012 وفي مرحلة التفاوض حول العقد الاجتماعي، قادتنا نحو رسم ملامح كبرى لواقع اقتصادي واجتماعي جديد ولإبرام اتفاق تأسيسي مجدّد..

اتفاق أردناه شكلا مغايرا للحوار الاجتماعي ننظر من خلاله سويا بنفس النظرة وفي نفس الاتجاه إلى مستقبل أفضل لبلدنا..

اتفاق يستجيب لأهداف الثورة وخاصة للشباب العاطل عن العمل..

اتفاق يؤسس لمنوال جديد للنمو والتنمية يحفز الاستثمار ويخلق الشغل ويكرس العدالة بين الجهات وينهض بالمناطق المهمشة..

اتفاق يكون مثالا للتكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع التعاوني من أجل تحقيق القيمة المضافة وخلق الثروة ثم العمل على حسن توزيعها..

اتفاق يجسد لعلاقات شغلية متطورة توفق بين حاجات المؤسسة وضرورة حماية التشغيل وفي إطار العمل اللائق..

اتفاق يكون منطلقا لخلق أرضية للحماية الاجتماعية للجميع عبر منظومة عادلة وشاملة لا تترك أحدا على رصيف التهميش والإقصاء.

إن المطروح علينا اليوم بإلحاح شديد وأكثر من ذي قبل الإسراع بتنفيذ هذه المضامين التي وضعت لها أنشطة مدقّقة بوثيقة برنامج العمل اللائق إضافة إلى تعديل طريقة الحوكمة بشكل مغاير لتحقيق نتائج أفضل…طريقة حوكمة تقطع مع التردّد في التصدي للقطاع الموازي الذي يحطم النسيج الاقتصادي، وتعمل على إدماج الاقتصاد الغير منظم في الإطار القانوني للجباية والضمان الاجتماعي عوض استسهال مزيد الضغط على القطاع المنظم وإثقال مؤسساته بالأداءات والمعاليم الجديدة.

طريقة حوكمة توجه الدعم نحو الفئات المحتاجة لتحقيق أكبر قدر من العدالة الاجتماعية عوض الإسراف في إهدار موارد الميزانية.

طريقة حوكمة تراجع السياسات القطاعية الأساسية نحو أكثر مردودية لتحسين المقدرة الشرائية عوض تحميل الزيادة في الأجور لفشل هذه السياسات بما يضعف تنافسية المؤسسات ويزيد في نسب التضخم.

طريقة حوكمة تجعل من الاستثمار الخاص والعمومي قاطرة التنمية والتشغيل وتعديل موازين المبادلات التجارية والمدفوعات وإيقاف تدحرج قيمة العملة.

إذا استطعنا أن نغير أساليب العمل والحوكمة في هذا الاتجاه وبإرادة واضحة فإننا سنتمكن عندها من قلب المعادلة من الفشل الى النجاح ومن الانهيار الى الازدهار.

لا يفوتني في ختام هذه الكلمة إلا أن أتوجه بالشكر لأعضاء الفريق الثلاثي للعقد الاجتماعي لنجاحهم في التوافق حول أسس التمثيلية النقابية ومعاييرها وعلى الإطار الترتيبي للمجلس الوطني للحوار الاجتماعي بما سيعجل بإصدار النصوص التشريعية المتبقية والضرورية لتركيز المجلس فعليا وقبل موفى هذه السنة حتى يكون منبر الحوار الاجتماعي الشامل والجامع والفعال.

أجدد الشكر للجميع على الحضور والمشاركة وخاصة السادة أعضاء الحكومة متمنيا كل النجاح والتوفيق لأشغال هذا اليوم.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.