رئاسية 2019 – حمادي الجبالي : “مستقل” يطمح للعودة إلى الحكم مثخنا بأوزار صراع “كسر العظام” بين “النهضة” ومكونات “العائلة الديمقراطية”

هو من مؤسسي حركة “الاتجاه الإسلامي” في تونس، دفع ثمن توجهاته السياسية والإيديولوجية باهظا، وقضى 16 سنة في السجن، أغلبها في سجن انفرادي إبان حكم بن علي… إنه حمادي الجبالي، القيادي السابق في حركة النهضة، الذي اتخذ قرارا “جريئا” بمغادرتها سنة 2014 وهو أمينها العام، مجازفا بذلك بمستقبله السياسي.

حمادي الجبالي، المترشّح المستقل لرئاسية 15 سبتمبر، الذي ولد في 13 أكتوبر 1949 بسوسة، والحائز على شهادة مهندس أول في الطاقة الجديدة من الجامعات الفرنسية، كان من بين القيادات الشابة في حركة النهضة سنوات التأسيس الأولى، وتولى رئاستها عندما كانت قيادة الحركة معتقلة سنة 1981، وأمانتها العامة سنة 2011.

وصول حركة النهضة للحكم بعد الثورة ، دفع بحمادي الجبالي إلى واجهة قيادة البلاد، حيث تم تكليفه يوم 13 ديسمبر2011 بتشكيل حكومة جديدة (حكومة الترويكا)، التي تولى رئاستها إلى غاية يوم 13 مارس 2013 .. مسؤولية ثقيلة تحملها الجبالي في مرحلة كانت البلاد تعيش فيها مخاضا عسيرا، ذلك أن فترة توليه لرئاسة الحكومة اتسمت باستقطاب سياسي ومجتمعي حاد تواصل مع خلفه، علي العريض، إلى أن انتهى الحوار الوطني إلى إقرار حكومة تكنوقراط تولت الإعداد لانتخابات 2014.

ورغم توجه الحركة نحو اعتماد خطاب أقل حدة في تلك الفترة، وتبني سياسة “جناح الحمائم في الحزب” (القيادات المعتدلة)، فإن الجبالي، الذي تحمل جزءا مهما من وزر معركة كسر عظام خاضها حزبه مع أنصار التيار الحداثي، أسهم هو ذاته في تأليب طيف من المعارضين على توجهاته الفكرية، بأن وقع في العديد من “الأخطاء السياسية” التي كلفت حزبه وداعميه الكثير، لعل أكثرها تكرارا من قبل خصومه، حديثه عن الخلافة السادسة القادمة، واختياره أسلوب الصدام المباشر والشخصي مع منتقدي قرارات الحكومة (ما يسمى بأحداث الرش في سليانة مثالا).

وزيادة على خلافاته مع الأطراف السياسية المعارضة، كان الجبالي يخوض معركة داخلية صلب حزبه “النهضة”، حول منهج تسيير الهياكل الحزبية والتحالفات السياسية مع أطراف يعتبرها خصوما، والتوجهات العامة للدولة وموقف الحركة منها، لا سيما في ظل تحولات محلية وإقليمية فرضت على الحركة مراجعة سياساتها.

قضية ما يعرف بـ”أحداث الرش” في سليانة، وبعدها اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في فيفري 2013، وفشل الجبالي في احتواء “الزلزال السياسي” الذي شهدته البلاد، دفعه لطرح مبادرة تشكيل حكومة كفاءات غير متحزبة تتولى القيادة، مما أدخله في نزاع مع حزبه الرافض لهذا المقترح، انتهى بتقديم استقالته من منصبه كرئيس حكومة.

تعمق خلاف الجبالي مع قيادات الحركة خاصة بعد رفضها ترشيحه للانتخابات الرئاسية سنة 2014، ليقدم استقالته من منصب الأمين العام للحزب في مارس 2014، ثم استقالته نهائيا من الحركة في شهر ديسمبر من السنة ذاتها.

وبرر الجبالي قرار انسحابه من الحركة برغبته في التفرغ للدفاع عن الحريات في ظل مخاوف من عودة الاستبداد، مبينا “أنه لم يعد يجد نفسه في خيارات حركة النهضة في المجالات التنظيمية والتسييرية والسياسية والاستراتيجية”، وأنه قرر الانسحاب “حتى لا يحمل غيره مسؤولية مواقفه، ولا يتحمل هو تبعات قرارات وخيارات لم يعد يتفق معها”.

وبعد خروجه من الحكومة، عدل الجبالي من مواقفه، وفق ملاحظين، وتحول من “الجناح المتشدد” في الحركة المعروف بـجناح “الصقور” إلى “الجناح المعتدل”، وابتعد عن الواجهة السياسية ومجريات الأحداث إلى حين قرار الانسحاب النهائي من الحزب، ومن ثمة الغياب المطول عن الواجهة السياسية الوطنية.
ويعتبر حمادي الجبالي نفسه اليوم “مرشحا مستقلا لخط الثورة من أجل إنقاذ تونس”. وقد اعتبر في أحد حواراته الصحفية، أن المترشح المستقل أفضل من المترشح الحزبي، لأن هذا الأخير عندما ينجح في الانتخابات “سيأخذ معه حزبه، ويسكنه القصر، ويراعي مصلحة الحزب والفئة واللوبيات التي أوصلته إلى ذلك المكان”.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.