رغم الثروات الطبيعية الهامّة بدائرة تطاوين الشمالية-بني مهيرة-الصمار تبقى الهجرة خيار الشباب الأوّل


يتميّز الوضع في معتمديات تطاوين الشمالية وبني مهيرة والصمار بالتباين، فرغم ما تتميّز به هذه المعتمديات المجتمعة في دائرة انتخابيّة واحدة (وفق المرسوم عدد 55 من مجلة الانتخابات المؤرخ في 15 سبتمبر 2022) من ثراء طبيعي وحيواني وحركية اقتصادية ومقومات سياحيّة هامّة واحتوائها على مشاريع ضخمة بصدد الانجاز، إلّا أنّها تعاني من معضلة البطالة وعدم تثمين ثرواتها الطبيعية وتدهور القطاع الصحي فيها، فضلا عن حاجتها إلى مزيد تطوير بنتيتها التحتية، من أجل دفع عجلة التنمية بها.

وتتجاوز نسبة البطالة في تطاوين، حسب احصائيات ديوان تنمية الجنوب، 28 بالمائة خلال سنة 2020، وكانت سببا رئيسيا في اشتعال فتيل الاحتقان والاحتجاجات المسترسلة طيلة العشرية الماضية تحت عنوان “الكامور”.

ويعتبر شباب الكامور مختلف أشكال الاعتصامات والاحتجاجات التي خاضوها علامة بارزة في مسيرتهم من أجل التشغيل والتنمية بما أفضت له من مكاسب أبرزها إحداث شركة البيئة والغراسات والتنمية التي تؤم حاليا أكثر من 3 الاف عامل واطار، وتعتبر اكبر مشغّل في الولاية، اضافة الى إقرار إحداث محطة لمعالجة الغاز الطبيعي كان من المفترض ان تكون جاهزة قبل سنتين من الان، الا ان تقدم الاشغال مازال بطيئا جدا مقارنة بمحطة الغاز بقابس التي تم اقرارها في ذات الوقت وانتهت أشغالها منذ مدة.

ورغم مسيرة الاحتجاجات المطالبة التشغيل التي ميّزت الجهة، ومختلف الاجراءات التي أقرتها الدولة لامتصاص شبح البطالة، اختار اكثر من 12 الف شاب وشابة خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام الجاري، الهجرة غير القانونية الى الفضاء الاوروبي عبر صربيا في دلالة على محدودية سوق الشغل وانسداد افاق الاستثمار والانتصاب للحساب الخاص، حسب دراسة أعدها عالم الاجتماع نجيب بوطالب.

من جهة أخرى، تتميز معتمدية تطاوين الشمالية بديناميكية اقتصادية وحركية تجارية وخدماتية بما تحتويه من مركبات جامعية وصناعية وإدارية تشع على كامل الجهة، على غرار المركب الجامعي في مدينة تطاوين الذي يعتبره أهالي الجهة من المفاخر المعمارية التي تميّز جهتهم.

ويحتضن المركب الجامعي بتطاوين معهدا عاليا للدراسات التكنولوجية واخر للفنون والحرف في انتظار إحداث معهد عال في الطاقات المتجددة والمواد الانشائية به، ويطالب متساكنو الجهة بتعزيزه بمؤسسات جامعية أخرى وتنويع الاختصاصات فيه حتى يصبح قطبا جامعيا اقليميا يشع عل كامل الجنوب الذي يفتقر إلى بنية أساسية جامعية تجنّب أبناءه مشقة التنقل إلى العاصمة وصفاقس وولايات الساحل من أجل الدراسة.

وفي جانب آخر، تتوفر جبال مستاوة والهضاب المحيطة بها في معتمديات تطاوين الشمالية والصمار وبني مهيرة على مخزون من الجبس رتّب الثاني في العالم من حيث الكمية والنوعية التي تأكدت من قبل عديد المخابر بنقاوتها من الشوائب، لتتعالى أصوات أبناء الجهة مطالبة بإحداث شركة وطنية تهتم بهذه بمخزون الجبس بولاية تطاوين وبعث قطب صناعي كبير لتحويل هذه المادة الانشائية على غرار شركة فسفاط قفصة، معتبرين أنّ وحدات تحويل الجبس الثلاث المنتصبة بالجهة غير كافية نظرا لارتفاع الطلب على هذه المادة في الداخل والخارج حيث تصدر احدى الوحدات لـ 14 دولة في اوروبا وافريقيا.

كما تتميز معتمديات تطاوين الشمالية وبني مهيرة والصمار بثروة حيوانية(ابل وماعز وضان) هي الأكبر في الجهة وتنتشر على مراع تمسح حوالي نصف مليون هكتار بمنطقة الوعرة على طول الشريط الحدودي الشرقي مع ليبيا، ومع ذلك يشكو القطاع من عدة إشكاليات أهمّها التهريب ونقص الأعلاف، حيث يشدّدعدد من المراقبين والفلاحين على مزيد تنظيم القطاع وتوفير الشعير العلفي لمن يطلبه في النيابات ونقاط البيع باستمرار مع المراقبة البعدية وصد كل منافذ الاحتكار والتخزين العشوائي.

وفي القطاع السياحي، تحتاج المواقع السياحية في هذه الربوع على غرار سطح القمر والقصور الصحراوية والمرحول وغيرها من المحطات الى استغلال واهتمام من حيث التوظيف والتشغيل والاستثمار الذي يعزّز القيمة العالية لهذه المواقع المتفردة، بحسب عدد من الناشطين في المجتمع المدني بالجهة.

اما بخصوص الجانب الاجتماعي فيظل القطاع الصحي دون مستوى آمال وحاجيات المتساكنين خاصة وان تطاوين تضم مستشفى جهويا وحيدا في مدينة تطاوين يستقبل المرضى من كل المعتمديات ويفتقر الى عديد الاختصاصات الاستعجالية على غرار طبّ النساء والتوليد واختصاص التخدير والانعاش فضلا عن الاختصاصات الاخرى التي يحتاجها متساكنو الولاية.
يذكر ان الدائرة الانتخابية تطاوين الشمالية الصمار وبني مهيرة تضم 79 ألفا و706 ناخبين موزعين على 53 مركز انتخاب ويتنافس على مقعدها الوحيد بمجلس النواب القادم 7 مرشحين جميعهم من الذكور.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.