وجود مياه عميقة في جهة الساحل والقيروان من شانها أن تشكل حلا لمعضلة ندرة المياه في تونس


أكد أستاذ التعليم العالي بمركز بحوث تكنولوجيات المياه ببرج سدرية، حكيم قبطني، الخميس، أن الدراسات الحديثة التي قام بها المركز، باعتماد مقاربة الجيوفيزياء، أثبتت وجود مياه عميقة في جهة الساحل والقيروان من شأنها أن تشكل حلا لمعضلة ندرة المياه في تونس.

وشدّد قبطني، في تصريح اعلامي، خلال افتتاح الصالون الدولي للأنشطة والتكنولوجيات المائية “معرض المياه”، بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، على ضرورة مزيد استكشاف واستغلال هذه المياه العميقة خاصة وأنها قابلة للتغذية (أي ليست أحفورية بل مرتبطة بالجبال على سطح الأرض) وبالامكان تحليتها لأنها تتميز بدرجة ملوحة معتدلة بين 3 و4 غرام في اللتر.

وأبرز المتحدث، خلال فعاليات المعرض الذي يتواصل غدا الجمعة تحت شعار “نقص المياه يهدد البشرية في تونس”، أهمية إيجاد تقنيات جديدة لمواجهة النقص الفادح في الموارد المائية التقليدية في تونس (السطحية والجوفية) وتملّح المائدة المائية، معتبرا أن تحلية مياه البحر تعد حلا استراتيجيا لا مفرّ منه خلال السنوات القادمة.

ودعا قبطني، كذلك، الى استغلال كافة الموارد المائية المتاحة في البلاد وخاصة المياه المستعملة المعالجة التي يقع صرفها بالأودية حتى تبلغ نسبة استغلالها 30 بالمائة في غضون سنة 2050، مقابل حوالي 8 بالمائة حاليا. وحثّ، في السياق ذاته، على أهمية تركيز محطات معالجة ثنائية وثلاثية لحسن استغلال المياه المستعملة غير المعالجة التي تلوث الأودية وتضر بالبيئة حاليا.

واستعرض المهندس بشركة “جيوبرو”، مروان حديجي، خلال المعرض، أبرز التقنيات التي تساعد الفلاح على تحديد الموقع الأمثل لحفر البئر حتى لا يتكبد خسائر فادحة.

وأوضح حديجي أن “جيوبرو”، وهو مكتب دراسات خاص يضم مهندسين شبان، يسعى الى العمل على الحد من استنزاف المائدة المائية وظاهرة الحفر العشوائي للآبار.

ولفت الى أن الأساليب الحديثة في حفر الآبار ترتكز اساسا على “تقنية النقاط” والمتمثلة في استعمال جهاز يضبط تركيبة الطبقات الجيولوجية في الأرض ومدى عمق المياه المتاحة في نقطة محددة أو عن طريق “تقنية السبر الكهرومغناطيسي” للقيام بمسح كامل للمساحة لاختيار المكان الأنسب للبئر

وقدم، بالمناسبة، جهاز كاميرا متطور يمكن من تصوير البئر بتقنية 360 درجة لتشخيص حالة البئر ومعرفة الاشكاليات التقنية التي تعيق الفلاح على استغلاله بشكل أمثل.

وأقرّ كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري المكلف بالمياه، رضا قبوج، خلال افتتاح المعرض، بأن “وضعية المياه في تونس سنة 2023 حرجة جدا باعتبار أن مخزون السدود لم يتجاوز 31 بالمائة وهو مستوى غير مسبوق ويقل بنسبة 40 بالمائة عن المستوى المسجل في سنة 2017 الأكثر جفافا”.

وأضاف قبوج أن سدّ سيدي سالم، وهو الأكبر في تونس بطاقة استيعاب تناهز 580 مليون متر مكعب، لم يتجاوز مخزونه حاليا 95 مليون متر مكعب من المياه. وأشار الى ضرورة ان لا ينخفض مخزون هذا السد عن 80 مليون متر مكعب لضمان استمرار التزويد بالمياه.

ولفت إلى أن شح الموارد المائية والتغيرات المناخية سيؤثران سلبا على الموازنة في التزويد وعلى المواطنين الاستعداد على التأقلم مع هذا الوضع والتوجه نحو ترشيد استهلاك الماء.

وثمّن دور الدراسات والبحث العلمي في اعتماد أساليب متطورة لتحسين وضعية الموارد المائية على غرار تثمين المياه المعالجة على عين المكان، مشيرا الى أن حل اشكاليات هذا المجال يتطلب تكاملا بين عمل الادارة والمجتمع المدني لتبادل المعلومات والاسراع في التدخل لفضها في الوقت المناسب.

وينتظم الصالون الدولي للأنشطة والتكنولوجيات المائية ببادرة من شركة “أرت ايفانت” بالشراكة مع مركز بحوث وتكنولوجيات المياه. ويستعرض المشاركون أهمّ المشاريع والتجارب والتقنيات التكنولوجية الحديثة في قطاع الماء لمواجهة التغييرات المناخية وندرة الموارد.

ويشارك في المعرض عدد من الجمعيات ومراكز البحوث والشركات التي تقترح تقنيات متطورة وأساليب استكشاف جديدة للموارد المائية وتحليلها وتحسين نوعيتها

وتمكن هذه التظاهرة من عرض البحوث الجديدة والمحينة المتعلقة بوضعية المياه في تونس والتفكير في حلول للأزمة التي تمر بها تونس خاصة قبل سنة 2050 في ظل تأثير التغيرات المناخية واستنزاف الموارد المائية السطحية وتملّحها.

ويتضمن المعرض تنظيم برنامج علمي حول “تسريع التغير لحل أزمة المياه المستعملة” بمشاركة عدد من الخبراء والمؤسسات والهياكل المختصة في المجال.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.