المتحف الأثري بسبيطلة يكشف عن جوانب من كنوز السباسب العليا وأسرارها في انتظار توسعته وعرض المزيد من القطع

يحتضن المتحف الأثري بسبيطلة الذي افتتح منذ 18 ماي 1991 عددا من كنوز منطقة السباسب العليا الفريدة التي تكشف عراقة ولاية القصرين الضاربة في القدم وأهميتها الإقتصادية عبر العصور وإلى يومنا الراهن.

ويعرض المتحف المراحل التاريخية التي مرت بها جهة القصرين من عصر ما قبل التاريخ إلى الفترات الرومانية، والمسيحية والبيزنطية والإسلامية حسب ما بيّن متصرّف بوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية بالمتحف عبد الواحد السمعلي خلال زيارة يؤديها فريق من وكالة تونس أفريقيا للأنباء إلى الجهة من 13 إلى 18 مارس الجاري.

ويتضمن هذا المتحف عينة من رمادية عين متهرثم ببودرياس تعود إلى الحضارة القبصية 9 آلاف-7آلاف سنة قبل الميلاد أي الفترة الحجرية الحديثة وتتميز هذه الرمادية بوجود بعض أدوات الصوان والحلزون والصدف والطين.

ويوجد شاهد جنائزي للكتابة اللوبية أو البربرية القديمة، ولوحة فسيفسائية تجسد نصر آلهة الجمال فينوس من القرن الثالث ميلادي، وجرة من صنع محلي لتخزين أو لنقل زيت الزيتون الذي كان يستعمل في الطبخ والإنارة وفي العناية بالجسم إلى جانب مجموعة من المصابيح الزيتية والآواني الفخارية الحمراء تعود للفترة الرومانية من القرن الأول إلى الرابع ميلادي واكتشفت جلّها في المقابر.

وشرعت إفريقيا في إنتاج خزف خاص بها منذ القرن الأوّل ميلادي بعد أن كانت تقلد الخزف المستورد من ايطاليا وبلاد الغال وتواصل ازدهار هذه الصناعة إلى القرن السابع ميلادي. وسمي هذا الخزف بالخزف السجيلي الافريقي وانتشرت مراكز صنعه خاصة بالوسط التونسي ومنطقتي القيروان وسبيطلة بهنشير القلال ووقع تصديره إلى كامل أنحاء الإمبراطورية الرومانية لما اتسم به من جودة عالية.

ويتضمن المتحف مجموعة من القطع النقدية من البرنز من الفترة الرومانية، ومجموعة من الشواهد الجنائزية والنذرية خلال الفترة الرومانية الأولى، الى جانب تابوت من الرخام يحمل زخارف تمثل الفصول الأربعة يعود إلى نهاية القرن الثالث ميلادي وهو محلي الصنع حسب طريقة نحته، ومجموعة من القوارير الزجاجية وأجزاء من قطع زجاجية لها علاقة بطقوس دينية مسيحية.

وعرضت بعض التماثيل منها لآلهة الصيد ديانا، وباخوس آله العنب والزراعة، ومجموعة من الشواهد الجنائزية ومذبحة لتقديم القرابين للآلهة وهي الوحيدة الموجودة في البلاد التونسية، ونقيشة من الكنيسة الوندالية وعدة قطع فخارية لتزيين جدران الكنيسة، الى جانب صور لقطع نقدية ذهبية على شكل مستدير وفضية على شكل مربع عثر عليها سنة 1990 في سبيبة في كيس من جلد الجمل وهي تعود إلى القرن 11 ميلادي في الفترة الحفصية.

وتكشف جميع القطع الأثرية المعروضة تطور الخزف، والنحت على الحجارة والازدهار الاقتصادي الذي عرفته السباسب العليا من تصدير للفخار المحلي وزيت الزيتون وغيره نحو الإمبراطورية الرومانية إلى جانب تطور المعاملات المالية والمعارف العلمية التي مكنت من صك النقود، الخ.

ويظل الزائر لمتحف سبيطلة متعطشا لاكتشاف المزيد غير أنّ الفضاء الحالي لهذا المتحف صغير وفي حاجة إلى إعادة تهيئته وتوسعته ليمكن عرض أكثر ما يمكن من القطع الأثرية الأخرى المحفوظة في المخازن.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.