عاشت تونس يومي الأحد والاثنين 26 و 27 جانفي 2014 على وقع حدثين سياسيين هامين وسيشكلان منعرجا حاسما في مسار الانتقالي الديمقراطي والقرب من الانتهاء من هذه المرحلة والتوجه نحو مرحلة الاستقرار من خلال المصادقة على دستور الجمهورية الثانية وتشكيل الحكومة الجديدة وتقديمها اليوم الثلاثاء لنيل ثقة نواب التأسيسي….
عاشت تونس يومي الأحد والاثنين 26 و 27 جانفي 2014 على وقع حدثين سياسيين هامين
وسيشكلان منعرجا حاسما في مسار الانتقالي الديمقراطي والقرب من الانتهاء من هذه
المرحلة والتوجه نحو مرحلة الاستقرار من خلال المصادقة على دستور الجمهورية الثانية
وتشكيل الحكومة الجديدة وتقديمها اليوم الثلاثاء لنيل ثقة نواب التأسيسي.
وبعد مد وجزر على امتداد أكثر من سنتين حصل التوافق وتمت المصادقة بأغلبية
ساحقة على الدستور الجديد (200 صوت من جملة 217 نائبا) لتدخل تونس عهدا جديدا
يؤسس لمرحلة جديدة من الديمقراطية والحرية وتكريس حقوق الإنسان في معناها
الحقيقي والمعاش.
وتعكس هذه العملية الإيفاء بتعهدات خارطة الطريق التي رسمها الرباعي الراعي
للحوار الوطني في مساراته الثلاثة فقد تم الانتهاء من المسار التأسيسي من خلال
المصادقة على الدستور وختمه والتوصل إلى حسم المسار الحكومي عبر تشكيل الحكومة
الجديدة ليبقى المسار الثالث ألا وهو المسار الانتخابي.
وقد عرف هذا المسار الثالث في فرعه الأول الانتهاء من تشكيل الهيئة العليا
المستقلة للانتخابات ليظل الفرع الثاني من هذا المسار وهو الفيصل في اعتقادنا
من خلال الإسراع بالمصادقة على القانون الانتخابي الذي سيكون المحدد للانتخابات
القادمة.
وسيمثل هذا المسار تحديا جديدا للمجلس التأسيسي على العديد من الأصعدة
والمستويات لعل أبرزها تجديد التوافق والتناغم الذين حصلا عند المصادقة على
الدستور علاوة على أهمية عنصر الوقت الذي يداهم البلاد من منطلق انه تم تحديد
سقف زمني بعدم تجاوز سنة 2014 لتنظيم الانتخابات القادمة.
وعلى هذا الأساس فإن القانون الانتخابي الجديد سيشكل احد الأعمدة والركائز التي
سيُنبنى عليها النظام الديمقراطي بالحرص على تركيز نظام انتخابي يراعي
الخصوصيات السياسية التونسية ويضمن انتخابات شفافة وحرة ونزيهة تجعل جل الأحزاب
التي ترغب في خوض المعركة السياسية المقبلة على قدم المساواة.
والثابت والمتأكد انه المصادقة على القانون الانتخابي الجديد ستقطع مع كل أشكال
القوانين الانتخابية السابقة ولا سيما القانون عدد 35 لسنة 2011 الذي نظم
انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في فترة معينة من المرحلة الاولى من مسار
الانتقال الديمقراطي وتقديم قانون انتخابي جديد يتماشى و بقية المراحل القادمة.
ووجب التأكيد على أن المجلس الوطني التأسيسي لن ينطلق من فراغ عند صياغة
القانون الانتخابي الجديد باعتبار أن مكونات المجتمع المدني الناشطة في المجال
الانتخابي قدمت مشاريع قوانين لمختلف لجان التأسيسي علاوة على أن المجلس اعد
بدوره نسخة أولية من المشروع تم الشروع في الخوض فيها على مستوى اللجان
مرة أخرى سينتظر الشعب التونسي محطة انتخابية مهمة يختار فيها ممثليه للسلطتين
الرئاسية والتشريعية، ومرة أخرى لا يحمل الشعب نفسه آمالا كبيرة عليها، باعتبار
حالة التفاؤل السياسي التي تعيشها تونس مع بداية العام الجديد الذي خلف عاما
مليئا بالأحزان والمآسي.