تعتبر تحلية المياه في تونس ضرورة حتمية لمجابهة النقص الحاصل على مستوى توفير الماء الصالح للشراب خاصة في الجنوب التونسي الذي عرف بالجفاف الحاد.
وتتيح هذه العملية، التي تشهد تكلفتها انخفاضا منذ بضع سنوات، إزالة الملح من المياه الجوفية لتحليتها أو لاستغلالها في الري….
أبــو سـارة |
تعتبر تحلية المياه في تونس ضرورة حتمية لمجابهة النقص الحاصل على مستوى توفير الماء الصالح للشراب خاصة في الجنوب التونسي الذي عرف بالجفاف الحاد.
وتتيح هذه العملية، التي تشهد تكلفتها انخفاضا منذ بضع سنوات، إزالة الملح من المياه الجوفية لتحليتها أو لاستغلالها في الري.
وسيشهد الجنوب التونسي عجزا حادا على مستوى المياه بسبب التغيرات المناخية المحتملة. إذ ينتظر أن ترتفع درجات الحرارة السنوية في هذه المنطقة، وتتراجع مياه الأمطار وتتالى أكثر فأكثر سنوات الجفاف.
هذا ما توصل إليه تقرير أعده فريق أممي لخبراء حكوميين حول التغيرات المناخية وتأثيراتها المستقبلية الذي جاء فيه أن تونس ستواجه في أفق 2030 ارتفاعا في درجات الحرارة من 1ر1 درجة إلى 2 درجتين.
ويضاف هذا الجفاف إلى ملوحة المياه في هذه المنطقة، وذلك بما يفوق غرامين في اللتر الواحد.
وتلبية لاحتياجات أهالي الجنوب التونسي من الموارد المائية في المستقبل، تعتزم الحكومة في 2016 وضع برنامج لتركيز محطات تحلية المياه تهدف أساسا إلى الوصول بقسط المياه المحلاة في أفق سنة 2025 إلى نسبة 20 بالمائة من استهلاك الماء في تونس.
و قد انطلقت التجربة التونسية في مجال تحلية المياه سنة 1983 بتركيز محطة تحلية المياه الجوفية في جزيرة قرقنة بطاقة تقدر ب 3300 متر مكعب في اليوم .
وقد تم تدعيم هذه التجربة وإثراؤها بدخول حيز الاستغلال محطة تحلية قابس في شهر جوان 1995 بطاقة قدرت ب 22500 متر مكعب وفي جرجيس سنة 1999 بطاقة تقدر بـ 15 ألف متر مكعب في اليوم وفي جزيرة جربة في عام 2000 بطاقة تقدر بـ 15 ألف متر مكعب في اليوم .
وتحسبا للتغيرات المستقبلية، تعتزم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في مرحلة أولى تركيز 10 محطات لتحلية المياه الجوفية في عدد من الجهات التي من بينها قليبية ودوز وسوق الأحد وتوزر ونفطة ومطماطة وبني خداش. وذلك بطاقة إجمالية تقدر بـ36 ألف متر مكعب في اليوم.
هذا وسيجري العمل على تركيز محطات إضافية بطاقة 40 ألف متر مكعب في اليوم في الجهات التي تشهد نسبا عالية تتراوح ما بين 2 و5ر1 غرام في اللتر.
وعلى المدى الطويل، تعتزم الحكومة التونسية التوجه نحو تحلية مياه البحر لتلبية حاجيات السكان من الماء الصالح للشراب ومعالجة المياه المستعملة لتلبية حاجيات القطاع الصناعي وبقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
وسيتم تركيز أول محطة بجزيرة جربة. قصد الاستجابة لحاجيات سكان الجزيرة التي تعتبر الثانية من نوعها في المنطقة وستدخل حيز الاستغلال في 2010 بجانب الأولى قصد الاستجابة لحاجيات سكانها من الماء الصالح للشراب إلى حدود سنة 2025.
وتبلغ طاقة هذه المحطة حوالي 5000 متر مكعب في اليوم لترتفع قدرة إنتاج محطة قلالة إلى 20000 متر مكعب في اليوم. وتهدف هذه التوسعة إلى تأمين نفس جودة المياه الموزعة والحفاظ على استقرار درجات ملوحتها وذلك بتكلفة قدرت بـ 5 مليون دينار.
كما سيتم تركيز أربع محطات تحلية مياه أخرى في أفق 2016 في ولايات قابس (زرات) وقفصة وصفاقس وذلك بطاقة 50 ألف متر مكعب في اليوم.
وقصد تأمين أفضل سبل تحلية مياه البحر والمياه الجوفية قررت تونس إحداث مركز نووي لأغراض سلمية في أفق 2020.
وجدير بالذكر أن تونس معروفة بشح مواردها الطبيعية المائية.وهي تعتبر بنسبة الموارد المائية المتوفرة للساكن الواحد والمقدرة بـ459 متر مكعب من بين الدول الأقل ثراء بالموارد المائية المتجددة.
ويقدر حاليا الحجم الإجمالي لاستهلاك الماء في تونس، بأكثر من 315 مليون متر مكعب وتستغل الموارد المائية بنسبة 54 بالمائة من قبل المبيتات والمؤسسات العمومية وبنسبة 33 بالمائة لفائدة القطاع الصناعي و13 بالمائة للقطاع السياحي.
وإجمالا، يقود الوضع في تونس إلى الحديث عن استنزاف للموارد المائية خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عمليات إهدار المياه. ويمكن أن يصل هذا الاستهلاك الاستنزافي إلى 800 لتر يوميا بالنسبة للسرير الواحد في المؤسسات الاستشفائية و300 لتر يوميا بالنسبة للطالب الواحد في المؤسسات الجامعية.
وفي ضوء هذه المعطيات، يبدو من أسوأ السيناريوهات أن نرى يوما السلطات العمومية تتوخي أساليب ردعية تحد من استهلاك الماء وتمنح الأولوية لقطاع على حساب آخر…
في الوقت الراهن لا مجال لمثل هذه التخمينات، فنحن أبعد ما يكون عن هذه اللحظة…. |