علاقة الإعلام التونسي بالشباب: قطيعة أم هجرة؟

أشار المدير العام لوكالة تونس افريقيا للانباء إلى أن الشباب لم يقاطع وسائل الاعلام ولكنه بصدد الهجرة من الوسائل التقليدية للاعلام نحو المواقع الالكترونية التي أخذت تطور مضامينها بما يتماشى مع اهتمامات الشباب

خميس بن بريّك

ماهو دور الإعلام في تعزيز وعي الشباب وتثقيفه؟ وماهي اهتمامات وسائل الاتصال والاعلام بمشاغل الشباب ومساهمتها في طرح قضاياه وأفكاره؟ وكيف يمكن تجديد الخطاب الصحفي الموجه نحو الشباب لاستقطابه إلى حضيرة الإعلام؟ وهل تغيرت اهتمامات الشباب بمتابعة وسائط الإعلام في عصر الأنترنت والعولمة؟ كلها أسئلة مهمة تمت إثارتها في الندوة التي افتتحت اليوم الخميس بمدينة العلوم تحت عنوان "الشباب ووسائل الاتصال والاعلام" والتي أشرف عليها وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية عبد الله الكعبي، والمدير العام لوكالة تونس افريقيا للانباء محمد الميساوي والمدير العام للادراة العامة للاعلام صلاح الدين الدريدي ومدير المرصد الوطني للشباب ابراهيم الوسلاتي.

وقد دعا وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية عبد الله الكعبي إلى الكف عن الاستنقاص من قيمة الشباب ورفع أصابع الاتهام عنه من قبل بعض وسائل الإعلام التي تطرقت في بعض المواضيع إلى الحديث عن ميوعة الشباب وتفشي ظاهرة العنف والعنف اللفظي بينه، مطالبا في الوقت ذاته رجال الإعلام بطرح مواضيع مثيرة تعالج قضايا الشباب وتعرف بنجاحاتهم.

وكثيرا ما تناولت بعض الصحف التونسية ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة مواضيع تتعلق بالانحراف والاجرام والعنف داخل المؤسسات التعليمية والهجرة السرية التي عادة ما تأخذ أحجاما كبيرة بالبنط العريض في عناوين الصحف والمجلات.

وكان قد أجرى المرصد الوطني للشباب دراسة ميدانية حول ظاهرة العنف اللفظي لدى الشباب أكدت على أن هذه الظاهرة أخذت تتغلغل داخل أوساط الشباب بمختلف شرائحه بشكل يبعث على القلق، ويستدعي الاسراع في الاصلاح لوقاية المجتمع من مخاطر كبيرة، وهنا بات من الضروري تحديث الخطاب الاعلامي الموجه للشباب حتى تعود الأمور إلى نصابها.

وقد أشارت نتائج الاستشارة الوطنية الثالثة حول الشباب سنة 2005، حسب مدير المرصد الوطني للشباب ابراهيم الوسلاتي، بعد استجواب عينة متكونة من 10000 شاب وشابة، أن نسبة مشاهدة التلفزيون عند الشباب تتفوق على ممارسة الاستماع إلى الراديو، إذ يقبل 37.9 بالمائة من الشباب على مشهادة البرامج التلفزيونية مقابل 22.9 بالنسبة إلى الاستماع إلى البرامج الاذاعية.

واستخلصت الدراسة إلى أن الشباب التونسي يميل أكثر إلى البرامج العربية ذات الصبغة الثقافية والفنية (16.9 بالمائة) والبرامج ذات الطابع الترفيهي (22.7 بالمائة)، كما استنتجت أن الشباب منفتح على الثقافات الأخرى وخاصة منها الأوروبية بنسبة 32.3 بالمائة.

أما بالنسبة إلى متابعة الصحف المكتوبة، فإنها تشكو من عدم الانتظام وضعف الاقبال عليها والانشداد إلى محتواها حيث تبين من خلال الدراسة أنه 9.1 بالمائة فقط يتابعونها بانتظام بينما هناك 22.4 بالمائة من العينة لا تتابع بتاتا الصحف الوطنية أو العربية أو الغربية. وبالطبع هناك بعض الاستثناءات في مجال الرياضة، حيث يعتبر البعض أن الشباب التونسي يفضل قراءة بعض الصحف بدءا من صفحاتها الأخيرة لمعرفة آخر أخبار الرياضة.

وفيما يخص التقنيات الحديثة للاتصال وخاصة الانترنت، فإن الثقافة الرقمية تنتشر بسرعة لدى الشباب وتحمل معها تأثيرات هامة في بنية العلاقات وفي منظومة القيم، وترتفع نسبة المتقنين للاعلامية والمستعملين لها نحو 43 بالمائة. وتلعب المنظومة التعليمية والمراكز العمومية للانترنت دورا هاما في نشر الثقافية الرقمية وتطوير الممارسة الاتصالية الحديثة.

وفي مداخلته، لاحظ المدير العام للاعلام صلاح الدين الدريدي أن الدراسة التي قام بها المرصد الوطني للشباب تبقى منقوصة وغير حديثة باعتبار أن آخر دراسة أجريت بمناسبة الاستشارة الوطنية الثالثة للشباب سنة 2005، كما أنها أعدت قبل أن يتحول المشهد الاعلامي في تونس (انطلاق بث قناة حنبعل وبعث إذاعة موزاييك وجوهرة أف أم والزيتونة…)، وهو من شأنه أن يدخل تغييرا في تصور الشباب لوسائل الاعلام، داعيا وسائل الاعلام إلى القيام بصبر آراء ودراسات علمية قادرة على أن تساعد الأطراف المتدخلة في الشأن الاعلامي الموجه للشباب لرصد استهلاكهم.

من جهة أخرى، أشار المدير العام لوكالة تونس افريقيا للانباء إلى أن الشباب لم يقاطع وسائل الاعلام ولكنه بصدد الهجرة من الوسائل التقليدية للاعلام نحو المواقع الالكترونية التي أخذت تطور مضامينها بما يتماشى مع اهتمامات الشباب، في الوقت الذي يتراجع فيه الاقبال على الصحف المكتوبة بالرغم من تخصيصها جوانب هامة من صفحاتها للشباب، وذلك نظرا لعدم تجديدها لخطابها الاعلامي ومواكبة تصورات الشباب.

كما أضاف إلى أن غياب التخصص في الاعلام الموجه للشباب في معهد الصحافة وعلوم الاخبار سيكون له تأثيرا سلبيا على كيفية التعاطي مع الأخبار الشبابية وطرح المواضيع.

وتتنزل هذه الندوة والمداخلات في اطار الاستعداد للانطلاق سنة الحوار مع الشباب في 21 مارس المقبل لصياغة مجموعة من التوصيات والمقترحات التي سيتم اعتمادها في نوفمبر المقبل من الرئيس زين العابدين بن علي ستفضي إلى إعداد ميثاق وطني للشباب يراعي متطلباته وطموحاته وحاجياته للانصهار في التنمية داخل المجتمع…

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.