بعد أنّ سجلت صناعة الحرير ركودا، دفع منذ مطلع القرن التاسع عشر بنحو 4 آلاف نساج إلى استيراد هذه المادة الخام من الصين وإيطاليا، انخرطت تونس في مشروع نموذجي لتطوير تربية دودة الحرير
بعد أنّ سجلت صناعة الحرير ركودا،دفع منذ مطلع القرن التاسع عشر بنحو 4 آلاف نساج إلى استيراد هذه المادة الخام من الصين وإيطاليا، انخرطت تونس في مشروع نموذجي لتطوير تربية دودة الحرير وتركيز وحدة لاستخراج مادة الحرير الخالص.
وقد بدأت هذه الوحدة المعملية الموجودة بطبرقة (منطقة الشمال الغربي)في مزاولة نشاطها هذه السنة، تاريخ استكمال مختلف مراحل تنفيذ المشروع في إطار التعاون التونسي الكوري وبقيمة 1.440 مليون دينار.
واعتمد الخبراء والفنيون منذ انطلاق إنجاز هذا مشروع منذ سنة 2005 على قطاعي الزراعة والصناعة.
فتمّت في مرحلة أولى غراسة 20 هكتار من التوت لدى صغار المنتجين بكثافة 12 ألف شتلة في الهكتار الواحد،وإكثار وبعث وحدة لإكثار البيض ودود الحرير بمساحة 330 متر مربع بالمعهد الأعلى للغابات والمراعي بطبرقة، و20 وحدة أخرى صغيرة ومبسطة لتربية دودة الحرير وإنتاج الشرانق لدى صغار الفلاحين.
ثمّ أحدثت في مرحلة ثانية أوّل وحدة صناعية لإنتاج الحرير (تحويل الشرانق إلى خيوط حريرية) جهزت من قبل الجانب الكوري بالآلات اللازمة لاستخراج المادة الخام.
واستخرج المعمل، بالاعتماد على 100 ألف دودة التي تمت تربيتها بمخبر إكثار دودة الحرير بالمعهد الأعلى للغابات والمراعي بالجهة، حريرا تونسيا أثبتت التحاليل الأولية جودته العالية.
وإلى جانب هذا المخبر العصري المخصص للعناية باليرقات في فترات التفريخ وقبل تسليمها إلى المنتجين لمتابعة تربيتها، توجد خمسة بيوت مجهزة لتربية دودة الحرير.
وتتيح تقنية حلّ الحرير أو فك الشرانق لاستخراج الحرير بالطريقة الآلية في المصنع إنتاج 44 كيلوغرام حرير خام في ثماني ساعات.
ويعتبر توريد الحرير مكلفا بالنسبة إلى تونس التي تستحق سنويا إلى 150 طنا من الحرير المورد بقيمة 10 مليون دينار أي ما يعادل 7.51 مليون دولار أمريكي، وهي تخصّص ربع كميته للأنسجة التي تروّج على مستوى الأسواق المحلية ولفائدة حرفيي الصناعات التقليدية.
وإن كانت تونس فرضت حضورها مجددا في هذا الميدان لضمان مردودية أفضل وغير مكلفة، إلا أنّها يجب أن تفكر مليا في درء المخاطر التي تتهدد دودة الحرير وخاصة منها حشرات النمل والخنافس والفئران والزواحف التي لا تكاد تخلو منها الحقول والمزارع.
هذا إلى جانب الأمراض الستة التي يحتمل أن تصيبها (الببرين، الجراسيري،الاصفرار، الفلاشيري، الدوسنتاريا،والسكردين).
ويمكن للحرير التونسي أن يسجّل حضورا قويّا ومتجددا في الأسواق الخارجية علما وأنّالمخطوطات الإيطالية في العصور الوسطى ذكرت أن تونس وبجاية وبونة من أشهر المدن التي تصدر الحرير والجلد المصنّع والقطن.
وتجدر الإشارة إلى أن ولاية المهدية معروفة بالنسيج الحريري الذي يستخرج منه "الرداء" و"الوشاح" و"السفساري" والجبة التونسية. وكانت الجهة شرعت خلال السنوات الأخيرة في تنظيم مهرجان الحرير حفاظا على المكانة التاريخية والتراثية للمنتوجات المستخرجة من هذه المادة.