تصدر قريبا بالرائد الرّسمي النصوص التطبيقية الجديدة لتحديد شروط وإجراءات ممارسة تجارة التفصيل بالتجوال، التي تهدف للحدّ من ظاهرة التجارة الموازية، لكن يبدو من الصعب مطاردة جميع الباعة المتجولين الذين ينشطون بصفة غير منظمة
تونس: محاولة عبثية لتنظيم نشاط البائع المتجوّل |
عقد المجلس الوطني للتجارة الداخلية اجتماعه السنوي منذ بضعة أيام وتمّ خلال هذا الاجتماع المصادقة على النصوص التطبيقية لقانون تجارة التوزيع الذي تمّت المصادقة عليه في أوت 2009. ومن ضمن النصوص التطبيقية الجديدة تحديد شروط وإجراءات ممارسة تجارة التفصيل بالتجوال. وتمّ في هذا الغرض إعداد مشروع قرار مشترك بين وزيري التجارة والصناعات التقليدية والداخلية والتنمية المحلية سيصدر بالرائد الرسمي قريبا. ويندرج مشروع هذا القرار في إطار تدعيم المنظومة التشريعية والترتيبية والبرامج الوطنية للتصدي لظاهرة التجارة الموازية والعمل على احتوائها. وقد نصّ الفصل التاسع من القانون عدد 69 المؤرخ في 12 أوت 2009 المتعلق بتجارة التوزيع، تنظيم تجارة التوزيع بالتجوال بالتنصيص على ضرورة الحصول على بطاقة تاجر متجوّل لممارسة هذا النشاط. وتضمّن مشروع القرار المشترك المصادق عليه أحكاما تتعلق بممارسة تجارة التوزيع بالتجوال (الأسواق الأسبوعية أو كل فضاء مهيّأ للغرض) وضبط شروط الممارسين لهذا النشاط بصفة عشوائية ومهمّشة وضرورة الحصول على بطاقة تاجر متجوّل وضبط شروط الحصول على هذه البطاقة المهنية والتأكيد من خلال ذلك أن احترام التشريع الجاري به العمل في المجال التجاري واستغلال الملك العمومي للطرقات أو البلدية. ويحتوي مشروع هذا القرار 5 أبواب. وعرّف الباب الأول (أحكام عامة) تاجر التفصيل المتجوّل ويقصد به كل شخص طبيعي ليس له محلّ تجاري دائم يتولى على وجه الاحتراف شراء منتجات لإعادة بيعها على حالتها في فضاءات مخصّصة لذلك وباستعمال تجهيزات غير ثابتة أو متنقّلة ويقصد بالتجهيزات غير الثابتة والمتنقلة استعمال "النصبات" أو وسائل نقل وعربات مجرورة مجهزة للغرض. وتعرّض الباب الثاني إلى شروط ممارسة هذا النشاط، إذ أنه يتعيّن لممارسة نشاط تاجر تفصيل متجوّل الحصول على بطاقة تاجر متجوّل تسند من قبل الإدارة الجهوية للتجارة بعد أخذ رأي الوالي المختصّ ترابيا. ويعفى الحرفي والمنتج الفلاحي اللذان يرغبان في بيع منتوجهما مباشرة للمستهلك بالسوق الأسبوعية من واجب الحصول على بطاقة تاجر متجول على أن يثبتا صفتهما تلك لدى الجهاز المسيّر للسوق. أما الباب الثالث المتعلّق باجراءات ممارسة هذا النشاط فقد بيّن أن بطاقة التاجر المتجوّل شخصية ولا يمكن إحالتها أو كراؤها ولا يمكن للتاجر المتجوّل الحصول على أكثر من بطاقة واحدة ويتعين تجديدها بعد انتهاء مدة صلوحيتها. وتعرّض الباب الرابع إلى العقوبات المنصوص عليها بقانون تجارة التوزيع، بينما تضمّن الباب الخامس أحكاما مختلفة من على أن تدخل حيّز التنفيذ في أجل 6 أشهر من تاريخ نشره بالرائد الرسمي. الأمر المعقول هو الحرص والسعي إلى تطويق ظاهرة التجارة الموازية والبيع العشوائي على قارعة الطريق، ولكن الأمر غير المعقول هو هل للإدارات الجهوية للتجارة الوسائل اللوجستية والبشرية لمحاصرة ومطاردة تجارة التفصيل المتجولين في كامل أرجاء الجمهورية؟ هذا النوع من التجار أضحى واقعا ملموسا في المشهد التجاري للبلاد من خلال مزاحمتهم بصفة مباشرة وواضحة للعيان لبقية التجار المنظمين والدليل الكبير يظهر جليّا في العاصمة من خلال تجولهم وهم محملين بالسلع وخاصة منها الثياب والملابس وبيعها للمواطنين. ثمّ هل أنهم بالسذاجة التي نتصوّرها للتقدّم الى الأجهزة المختصة للحصول على بطاقة تاجر متجوّل يقع من خلالها حصرهم في نشاط معين وجهة محددة زد على ذلك إمكانية دفعهم لبعض أصناف من المعاليم والضرائب غير المباشرة عند تقديمهم لملف الحصول على البطاقة أو عند تجديدها. والسؤال المطروح هو لماذا يحاول المشرّع التونسي عبثا تنظيم سوق لا تحيى إلا من خلال الفوضى؟ |
م.م
|