كثيرا ما يتذمّر التونسيون من ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية وخاصّة من ارتفاع حجم الديون التي أثقلت كاهلهم، بالنظر إلى نفقاتهم المتزايدة بشكل كبير لاسيما خلال المناسبات والأعياد وعطلة الصيف والعودة المدرسية، وهو ما ينعكس سلبا على الإدخار الوطني، ما دفع بالحكومة إلى إحداث المعهد الوطني للاستهلاك
وسط ارتفاع الأسعار والمديونية: أيّ إضافة للمعهد التونسي للاستهلاك؟ |
كثيرا ما يتذمّر التونسيون من ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية وخاصّة من ارتفاع حجم الديون التي أثقلت كاهلهم، بالنظر إلى نفقاتهم المتزايدة بشكل كبير خلال المناسبات والأعياد وعطلة الصيف والعودة المدرسية (…)، وهو ما ينعكس سلبا على الإدخار الوطني.
وفي اطار حماية أكبر للمستهلك من التلاعب بالأسعار وترشيد نفقاته (…) وقع إحداث المعهد الوطني للاستهلاك بموجب القانون عدد 70 لسنة 2008 المؤرخ في 10 نوفمبر 2008، وهو مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتخضع لإشراف الوزير المكلف بالتجارة.
وقد انعقد منذ مدّة المجلس التوجيهي في دورته الثانية للمعهد الوطني للاستهلاك حيث تمّ التطرق إلى برنامج المعهد على مدى 3 سنوات (2010- 2012) ليدخل حيّز نشاطه.
وسيرتكز برنامج عمله على رصد الإشكاليات المتعلقة بمجال الاستهلاك وإيجاد الحلول الملائمة عبر القيام بدراسات وبحوث في المجال. وسيسعى المعهد لتطوير الإعلام الاقتصادي الموجه إلى المستهلك وكل الأطراف المعنية بالاستهلاك وتعزيز منظومة حماية المستهلك.
كما سيقوم المعهد بدعم المجال التشريعي والترتيبي من خلال تكوين فريق عمل يضمّ ممثلين عن الهياكل التابعة لوزارة التجارة والصناعات التقليدية والمنظمات ذات الصلة بالاستهلاك، على غرار منظمة الدفاع عن المستهلك ومركز البحوث القانونية والقضائية ومعهد المحاماة من خلال تشخيص الوضع القانوني والترتيبي في مجال الاستهلاك وتجميع النصوص وتقديم تحليل وصفي للمحاور غير المقننة بتونس وإحالة النتائج المتحصّل عليها من طرف فريق العمل إلى الهياكل المختصّة بالوزارة لإعداد مشروع مجلة الاستهلاك.
وفي محور الدراسات البحوث التي تمّ اعتماد مقاربة تمكّن من تحليل وصفي للمعطيات المتعلقة بقطاعات ذات علاقة بمجال الاستهلاك، هذا إلى جانب تحليل نوعي لبعض السلوكيات الاستهلاكية.
وسيتمّ في هذا المجال العمل على تطوير قدرة المعهد في مجال الاستهلاك من خلال تجميع الدراسات التي قامت بها مختلف الهياكل والمنظمات ذات العلاقة، وإعداد مقترحات لتطعيم المسح الوطني للإنفاق الأسري المزمع إنجازه من طرف المعهد الوطني للإحصاء في شهر ماي 2010.
هذا بالإضافة إلى إقرار دراسة خلال السنة الجارية ذات علاقة مع المواسم الاستهلاكية كشهر رمضان والأعياد الدينية والعودة المدرسية وخاصة الموسم الصيفي باعتبار ما تشهده البلاد في تلك الفترة من إقبال مكثّف وارتفاع نسب الاستهلاك.
ويعتزم المعهد الوطني للاستهلاك إعداد برنامج لسبر آراء (بمعدل 500 عيّنة) حول مسائل استهلاكية متعددة وإجراء استبيانات عبر شبكة الإنترنت.
وفي محور الاختبارات والتحاليل المقارنة تمّ تكوين فريق عمل يضمّ ممثلين عن منظمة الدفاع عن المستهلك والإدارة العامة للصناعات الغذائية والمعهد الوطني للتغذية والمعهد الوطني للإحصاء والمعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية والإدارات العامة التابعة لوزارة التجارة من أجل وضع خطة عمل متعلقة بالمنهجيات والتراتيب العملية المستوجبة لإنجاز الاختبارات والتحاليل المقارنة مع الأخذ بعين الاعتبار مبادئ الموضوعية والحياد والمصداقية.
ونظرا لأهمية التحسيس والتثقيف قرّر المعهد الوطني للاستهلاك ضمن إستراتيجية عمله إعداد قائمة أولية متكونة من 52 بطاقة إرشادية تهدف إلى تبسيط المفاهيم والمحاور في مجالات الاستهلاك والأسعار والجودة ومسالك التوزيع ونزاهة المعاملات التجارية وشفافيتها.
هذا فضلا عن إبراز الآليات المتوفرة لحماية المستهلك وجعله قادرا على أداء دوره في تفعيل السوق والتفكير في إحداث شخصيات افتراضية متعلقة بالاستهلاك تقوم بدور توعوي وتثقيفي وتمكّن من استقطاب الناشئة وتشجيعهم على الاهتمام بمجال الاستهلاك.
وما يمكن التأكيد عليه أن إحداث المعهد الوطني للاستهلاك تزامن مع التطورات المتسارعة التي عرفها المشهد التجاري في تونس من حيث تصاعد الإنفاق الأسري بنسق يتجاوز بكثير الإمكانيات المادية المتوفرة نتيجة الإشهار التجاري والأساليب الحديثة للتسويق بشكل مبالغ فيه، وكذلك ارتفاع مديونية المستهلك التونسي، مما ينعكس سلبا على المقدرة الشرائية. فهل سيكون المعهد أداة ناجعة لتغيير نمط السلوك الاستهلاكي المفرط للتونسيين؟ وهل سيردع أساليب الغش والتلاعب بالأسعار لدى بعض التجار؟ الأسئلة كثيرة والأجابة عنها قد تحتاج إلى وقت كبير للحكم على النتيجة… |
م. م
|