أظهر التطبيق العملي والحالي للقانون المتعلق بالخبراء العدليين عدة إشكاليات ونقائص استوجب تدخل المشرع التونسي قصد تحيينه وتنقيحه بما يتماشى والتحولات التي تشهدها هذه المهنة، ولجل ذلك تقدم بمشروع قانون بهدف تدارك النقائص والثغرات التي ظهرت في السابق.
الخبراء العدليون : إعداد مشروع قانون جديد لتجاوز النقائص والإشكاليات |
أظهر التطبيق العملي والحالي للقانون المتعلق بالخبراء العدليين عدة إشكاليات ونقائص استوجب تدخل المشرع التونسي قصد تحيينه وتنقيحه بما يتماشى والتحولات التي تشهدها هذه المهنة، ولجل ذلك تقدم بمشروع قانون بهدف تدارك النقائص والثغرات التي ظهرت في السابق. وارتكزت التعديلات التي يقترحها مشروع القانون المعروض على أنظار اللجان المختصة بكل من مجلسي النواب والمستشارين، على 8 محاور أساسية وهي أولا ضمان التنسيق بين الترسيم بالقائمة وحاجيات المحاكم في مختلف الدوائر من حيث العدد والاختصاصات، فقد نص المشروع على استغناء عن الاجتماع السنوي للجنة المختصة بالنظر في مطالب الترشح للترسيم بقائمة الخبراء العدليين وتم التوجه نحو جعل مطالب الترشح لا تقدم إلا إثر صدور قرار من الوزير المكلف بالعدل لفتح باب الترشح بناء على حاجيات المحاكم في اختصاصات معينة، علما وأن مشروع القانون أجاز ترسيم عدة خبراء في نفس الاختصاص الواحد. وتعلق المحور الثاني بتحديد مدة الترسيم بقائمة الخبراء العدليين، إذ أنه على غرار بعض الأنظمة المقارنة حدد المشروع المعروض مدة الترسيم بقائمة الخبراء بخمس سنوات غير قابلة للتجديد غلا بإعادة الترسيم وذلك لضمان تحيين المعطيات الخاصة بالخبراء من جهة، ولضمان المحافظة على جودة الاختبارات ونزاهتها من جهة أخرى. ويتمثل المحور الثالث في تبويب قائمة الخبراء إلى جدولين إذ أن القائمة الحالية مبوبة حسب الاختصاص والدوائر القضائية ولغاية تحفيز الخبراء على النزاهة والاستقامة والتميز، تم تبويب القائمة وتقسيمها إلى جدولين "أ" و"ب" للتفرقة بين الخبير المرسم بالجدول "ب" الذي لا يمكن تكليفه بأعمال الخبرة إلا في حدود الدائرة القضائية لإستئنافية الراجع إليها بالنظر (خبير على المستوى الجهوي) والخبير المرسم بالجدول "أ" الذي يتميز بمستواه التعليمي العالي الذي لا يقل عن 4 سنوات واكتسب من الخبرة ما يخوله إبداء الرأي في مسائل فنية متشعبة قد تستدعي الاستعانة به من قبل مختلف الهيئات القضائية بكامل تراب الجمهورية و يُنتدب إما بناء على تجدد ترسيمه بعد 5 سنوات متتالية من المباشرة الفعلية للاختبارات أو لكونه ذاتا معنوية تستجيب لشروط معينة (خبير على المستوى الوطني). وبالنسبة إلى المحور الرابع المتصل بإقرار إمكانية ترسيم الذوات المعنوية في قائمة الخبراء فقد تضمن المشروع التمييز بين الخبراء العدليين ذواتا طبيعية والخبراء العدليين ذواتا معنوية وأقر صفة الخبير العدلي للذات المعنوية للأول مرة ضمن التشريع التونسي مع وضع شروط إضافية خاصة بها والحرص على تفادي امتهان لاختبار العدلي في شكل ذات طبيعية باعتبار أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى احتكار الاختبار من قبل بعض مكاتب الخبرة. وبشان المحور الخامس المتعلق بمزيد تنظيم عمل اللجان المختصة بالنظر في مطالب ترسيم الخبراء العدليين، فقد تضمن المشروع المعروض إدراج التركيبة بالقانون وإحداث تركيبتين مؤهلتين لدراسة ملفات الترشح للخبرة وإبداء الرأي فيها على مستوى محكمة الاستئناف وتتعلق بالإدراج بالجدول "ب" وثانيها على مستوى محكمة التعقيب وتتعلق بالإدراج بالجدول "أ". ونصّ المحور السادس من هذا المشروع على تنظيم شروط المباشرة فقد أكد على وجوبية الإعلام بمحل المخابرة في أجل لا يتجاوز 3 أشهر ورتّب جزاء الشطب على كل مخالف بعد إنذاره بمكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ. كما تم التأكيد على وجوب الانتصاب بالدائرة الابتدائية بها لا غير، وأيضا على وجوب أن يكون للخبير محل مخابرة واحد لتفادي إمكانية استغلال السكوت عن هذه النقطة لتعيين أكثر من محل مخابرة واحد وإرهاق المتقاضين بالبحث عن الخبير في أكثر من عنوان، مع تخويل الخبراء إمكانية الاشتراك في محل مخابرة واحد. وأوجب المحور السابع على الخبير حضور دورات تكوينية وهي تسمح بضمان مواكبة الخبير العدلي للمستجدات العلمية وتوفير عناصر موضوعية للتقييم عند طلب إعادة الترسيم. أما المحور الثامن فقد تضمن أحكاما انتقالية منها ضرورة توفر للخبراء العدليين الحيّز الزمني اللازم لمسك الدفتر ومتابعة الدورات التكوينية لمدة لا تقل عن سنتين ليمكنهم في ضوء ذلك تقديم مطالب لإعادة الترسيم بالشروط التي يقتضيها مشروع القانون المعروض، ولذلك حدّد للمعنيين أجل سنتين لقديم مطالب إعادة ترسيم ابتداء من غرّة جانفي 2012 إلى 31 ديسمبر 2012 .
|
م م |