رغم إعلان الحكومة التونسية أن السياسة الاقتصادية الحذرة التي انتهجتها خلال العام 2010، مكّنتها من تجنيب البلاد انعكاسات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، والخروج منها بأقل الأضرار، إلا أنّ تداعيات الأزمة طالت الاستثمارات الخليجية في البلاد
تونس-الأزمة: المشاريع الخليجية بين النجاح والإخفاق |
رغم إعلان الحكومة التونسية أن السياسة الاقتصادية الحذرة التي انتهجتها خلال العام 2010، مكّنتها من تجنيب البلاد انعكاسات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، والخروج منها بأقل الأضرار، إلا أنّ تداعيات الأزمة طالت الاستثمارات الخليجية في البلاد.
وشاطر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الحكومة التونسية رأيها، حيث أشارت تقاريرهما إلى تمكن تونس من امتصاص تداعيات الأزمة العالمية.
وقال سيمون غراي، مدير المغرب العربي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي، في وقت سابق من هذا الشهر، إن تونس حققت نتائج ومؤشرات "إيجابية على مستوى تأمين التوازنات المالية العامة، رغم محدودية مواردها الطبيعية وصعوبة الوضع الاقتصادي".
لكن تداعيات الأزمة العالمية طالت الاستثمارات الأجنبية، وبخاصة الخليجية منها، حيث قال العديد من الخبراء والمحللين إن تونس ستظل تواجه تحديات اقتصادية جدية، في مقدمتها كيفية الحفاظ على تدفق الاستثمارات لتمويل مخططات التنمية.
ورأى برلمانيون وحزبيون أن تونس تعيش اليوم على وقع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، ويرجح بروزها بشكل أوضح خلال العام 2011، نظرا لارتباطها بأزمة الديون السيادية التي تعاني منها منطقة الأورو، الشريك الاقتصادي الأساسي لتونس.
ويستند هؤلاء في آرائهم إلى تراجع عدد من المؤسسات الإماراتية عن تنفيذ مشاريع استثمارية ضخمة في تونس، كانت أعلنت عنها في وقت سابق، جراء تأثرها أيضا بتداعيات الأزمة العالمية.
وجمدت مؤسسة (سما دبي) مشروع "باب المتوسط"، أو "مدينة القرن" الاستثماري الكبير، الذي رصدت له أكثر من 25 مليار دولار، وكذلك تأجيل شركة (المعبر الدولية للاستثمار) تنفيذ مشروع"مدينة الورد" بأريانة بتكلفة تصل إلى نحو 14 مليار دولار.
وأصابت تداعيات الأزمة أيضا مشروع مجموعة (بو خاطر) الإماراتية التي كانت ستنفذ "مدينة تونس الرياضية" بتكلفة 5 مليارات دولار، بالإضافة إلى توقف مشاريع استثمارية إماراتية أخرى.
غير أن المسؤولين التونسيين قللوا من حجم التداعيات المحتملة جراء إلغاء المشاريع الاستثمارية المذكورة، ورأوا أن الأمر يبقى محدودا، حيث أن عددا من المؤسسات الاستثمارية الخليجية الأخرى أبقت على مشاريعها، كما أبدت مؤسسات استثمارية قطرية استعدادها للاستثمار في تونس.
وقال المسؤولون إن خير دليل على ذلك هو استمرار بيت التمويل الخليجي البحريني في تنفيذ مشروعه "مرفأ تونس المالي الدولي" باستثمارات تقدر بنحو 3 مليارات دولار، وإعلان شركة (الديار) القطرية في أكتوبر الماضي عن اعتزامها تنفيذ مشروع بحوالي 80 مليون دولار.
ويصف المسؤولون الآراء التي تتحدث عن تراجع الاستثمارات بأنها غير دقيقة، لأن المعطيات تشير إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية التي استقطبتها البلاد خلال الأشهر العشرة الماضية من العام الجاري ارتفع بنسبة 7.6% بالمقارنة مع النتائج المسجلة خلال الفترة نفسها من عام 2009.
وبلغ حجم تلك الاستثمارات خلال الفترة المذكورة 1.9 مليار دينار، مقابل 1.766 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من عام 2009.
وأشار مسؤولون إلى تقرير مرصد الاستثمارات والشراكات في المتوسط (أنيما) الخاص بالنصف الأول من العام 2010، الذي دلّ على أن تونس شكلت الاستثناء الوحيد بين تسع دول شريكة للإتحاد الأوروبي في ارتفاع قيمة الاستثمارات الأجنبية.
لكن الأهداف التي تسعى الحكومة لتحقيقها عام 2011 تبدو "طموحة" بالنسبة إلى البعض، بالنظر إلى هشاشة أوضاع الاقتصاد العالمي، وإلى ما خلفته الأزمة من تفاقم للمديونية وارتفاع البطالة في معظم الدول المصنعة.
إن قراءة بسيطة لمجموع أرقام الاستثمارات الخليجية التي توقفت جراء الأزمة ومقارنتها مع مجموع أرقام الاستثمارات المنفذة يشي تماما بأن تداعيات الأزمة أصابت مفاصل حساسة في الاقتصاد التونسي. |
يو بي أي |