عرفت تونس خلال تاريخها المعاصر حركات احتجاجية متعددة ارتبطت منذ انطلاق الكفاح المسلح ضدّ المستعمر عام 1952. وكانت هذه التواريخ الأليمة تشكل في كلّ مرة
جانفي 2011 شهر الاحتجاج في تاريخ تونس |
عرفت تونس خلال تاريخها المعاصر حركات احتجاجية متعددة ارتبطت منذ انطلاق الكفاح المسلح ضدّ المستعمر عام 1952 بشهر جانفي. وكانت هذه التواريخ الأليمة تشكل في كلّ مرة منعرجات تاريخية محورية في حياة البلاد.
كان تاريخ 18 جانفي 1952 عيدا وطنيا في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة لارتباطه بالتأويل الرسمي للحركة الوطنية الذي ظل عقودا بارتباط كامل بشخص المجاهد الأكبر.
وبالرغم عن هذا الارتباط فإن 18 جانفي يؤرخ للشرارات الأولى للتصعيد المسلح. وهو ليس الأول بالطبع، الذي سيؤدي بسلطات الحماية لإعلان الاستقلال الداخلي على لسان منداس فرانس في 31 جويلية 1955.
وشهدت البلاد بعدئذ أولى الانتفاضات الشعبية في 26 جانفي 1978 بعد تصعيد متواصل على الصعيدين الاجتماعي والسياسي بين الإتحاد العام التونسي للشغل بقيادة الحبيب عاشور وشق في الحزب الدستوري لم يكن يرغب في تطوير نظام سياسي قاده الانغلاق إلى المواجهة الدامية مع المواطنين الذين تضرروا من النمط الاقتصادي الجديد الذي أرساه الهادي نويرة دون أي إمكانية الاحتجاج أو المشاركة السياسية. وقد فقدت تونس في المواجهات العديد من أبنائها الذين ماتوا.
ولئن أعقبت الأحداث توجها نحو انفتاح السلطة وتسليمها بتعددية المجتمع سياسيا وتولي محمد مزالي المهمة الجديدة دافعا الزعيم بورقيبة إلى الاعتراف عن مضض ببعض الأحزاب المعارضة، فإن الربيع لم يدم طويلا لمزالي وتجربته.
جاء الموعد الثاني للانتفاضة الشعبية فجئيا وعفويا إثر قيام حكومة مزالي بزيادة مشطة في أسعار الخبز والمواد الأساسية واتسعت رقعة الاحتجاجات في ظرف وجيز انطلاقا من يوم 4 جانفي 1984 إلى عديد المدن والقرى في كل أنحاء البلاد.
واضطر الرئيس بورقيبة إلى الإعلان عن تراجع الحكومة عن الزيادات وإلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد. وقد أدى ما حدث يوم 4 جانفي 1984 لاحقا إلى إقالة مزالي وإلى تغييرات سياسية واقتصادية كبرى في البلاد.
وها نحن ذا في جانفي 2011 وقد اتسعت رقعة الاحتجاجات وزادت ضحاياها يوما بعد يوم. ولابد لنا جميعا من استحضار دروس ماضينا غير البعيد لأن التاريخ يعيد نفسه دائما. |
علي العيدي بن منصور
|