المعلوم أن من أبرز أسباب التي قامت عليها الثورة بإزاحة النظام البائد، غياب العدالة الاجتماعية وانعدام ديمقراطية التنمية من حيث التوزيع الخاطئ للثروة وكذلك الانخرام البارز على مستوى الخارطة الاستثمارية بالبلاد من خلال تركز الاستثمار الخاص على الشمال الشرقي والسواحل…
تونس – تراجع نوايا الاستثمار في الجهات الداخلية |
المعلوم أن من أبرز أسباب التي قامت عليها الثورة بإزاحة النظام البائد، غياب العدالة الاجتماعية وانعدام ديمقراطية التنمية من حيث التوزيع الخاطئ للثروة وكذلك الانخرام البارز على مستوى الخارطة الاستثمارية بالبلاد من خلال تركز الاستثمار الخاص على الشمال الشرقي والسواحل.
وعلى امتداد العديد من السنوات ظلت المناطق الداخلية تعاني من عدم توازن في الاستثمار الخاص وهو ما أعاق بشكل ملحوظ تطور البنية التحتية وتواضع المشاريع المنتصبة بالجهات الداخلية، الأمر الذي أثر سلبا على حركة التشغيل والدورة الاقتصادية لهذه المناطق التي بقيت بحق مناطق ظل بأتم معنى الكلمة.
ومنذ اندلاع شرارة الأحداث وموجة الاحتجاجات، سارعت النظام السابق باتخاذ ترسانة من الإجراءات والقرارات لعلها تخفف من حدّة التوتر وتهدئة الأوضاع والخواطر من خلال تنظيم حملات إعلامية الهدف منها إبراز مدى عمق هذه القرارات الرامية إلى تنشيط الحركة الاقتصادية بالجهات الداخلية وذات الأولوية.
ولقد عبّر العديد من رجال الأعمال والمستثمرين التونسيين عن اعتزامهم إنجاز مشاريع كبرى بهذه المناطق، وهو ما جاء بصفة متأخرة جدا وكان من الصعب تدارك الأوضاع وإصلاح أخطاء تنموية ظلت عالقة لعشرات السنين همّشت متساكني المناطق الداخلية وخاصة تلك المتواجدة في الشريطين الداخلي والحدودي. وبعد الثورة المباركة تفطّنت الحكومة المؤقتة الأولى والثانية وحتى الثالثة إلى عدم التوازن الجهوي وفظاعة الواقع الجهوي الصعب، ومن نتاج هذه الموضوع وزارة للتنمية الجهوية علّها تسارع في وقت وجيز إصلاح بعض المسائل المستعصية والتي تتطلب تدخلا عاجلا.
وعلى صعيد نوايا الاستثمار الخاص المُصرّح بها في الجهات، وهو من ضمن المؤشرات الدالة على مدى الحركية التي يعرفها نسق الاستثمار بالجهات، فإن المعطيات المتوفرة والمستقاة من وكالة النهوض بالصناعة والتجديد تفيد إجمالا بأن الوضعية غير مريحة وغير مستقرة وأن الاستثمار بالجهات الداخلية يتطلب بعض الوقت وبالخصوص صياغة إستراتيجية جديدة تراعي تونس بعد الثورة والمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية للجهات الداخلية.
فقد أظهرت المعطيات الإحصائية خلال شهري جانفي وفيفري 2011 أن عدد المشاريع الُصرّح بها في الجهات تراجع بنسبة 7% إذ بلغ عدد المشاريع 510 مشاريع مقابل 549 مشروعا في نفس الفترة من السنة الماضية، وهو ما أثر على مواطن الشغل المزمع إحداثها التي تراجعت بنسبة 3.3%.
وبالمقابل نمت قيمة نوايا الاستثمار بنسبة 9.7% لترتفع من 420 م د إلى 460 م د.
وعلى مستوى الولايات، تجدر الملاحظة أن ولاية سيدي بوزيد التي انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة عرفت التصريح ب 32 مشروعا خلال شهري جانفي وفيفري 2011 بقيمة 46 م د من المنتظر أن توفر 908 مواطن شغل مقابل 11 مشروعا بقيمة 3.8 م د و217 موطن عمل.
وفي ذات السياق شهدت ولاية جندوبة بدورها تطورا ملحوظا في نوايا الاستثمار من مشروع واحد إلى 7 مشاريع لتوفير 408 مواطن شغل قارة في حين أن أغلب الولايات الداخلية عرفت تقلصا في الاستثمارات المُصرّح بها.
وبشأن إسناد منح الاستثمار بعنوان الانتصاب في المناطق ذات الأولوية فإن المعطيات المتوفرة تفيد بأن عدد المشاريع المتحصلة على هذه المنحة بلغ 47 مشروعا باستثمارات جملية بقيمة 54.9 م د مقابل 30 مشروعا بقيمة 17.5 م د في شهري جانفي وفيفري 2011 .
وبلغت المنحة المرصودة 2.7 م د مقابل 8.7 م د أي بانخفاض بنسبة 69%.
|
م ز |