قد لا يعرف الكثيرون أن الرياضة – واللعبة الشعبية الأولى كرة القدم في تونس واجهةً – كانت طيلة نحو ربع قرن من أكثر جيوب الفساد والرشوة والمحسوبية والثراء بالحلال والحرام ، و الوسيلة المثلى لنيل ” شرف” التملّق الخسيس للسلطة وللنظام الحاكم ، فكم من رئيس ناد متوج
تونس- لا يدخلنّ ملاعبنا من لم يكن ” تجمعيّا ” !!! |
قد لا يعرف الكثيرون أن الرياضة – واللعبة الشعبية الأولى كرة القدم في تونس واجهةً – كانت طيلة نحو ربع قرن من أكثر جيوب الفساد والرشوة والمحسوبية والثراء بالحلال والحرام ، و الوسيلة المثلى لنيل " شرف" التملّق الخسيس للسلطة وللنظام الحاكم ، فكم من رئيس ناد متوج استهل تصريحاته بإهداء اللقب إلى سيادة الرئيس، وكم من مدرب نذر مسيرته الرياضية لأعلى "هرم في السلطة" وكم من لاعب تكرّم بإهداء هدف المباراة الوحيد إلى "راعي الرياضة والرياضيين والقائد الأعلى لكل الأبطال رئيس الدولة" ، وكم من بطلة رياضية طلبوا منها أن تقدم تتويجها " قربانا " لسيدة تونس (قبل أن يتضح أنها سارقة تونس الأولى ) ليلى الطرابلسي .. و.. و..و… الرياضة في تونس كانت طيلة العهد السابق جيبا من جيوب الفساد المالي والتجاوزات الإدارية، وفي ارتباط قذر بالسياسة، فحضور والي الجهة في كل جلسة عامة لأي فريق في تونس كفيل بالتأكيد على المراقبة الصارمة والتضييقات السياسية التي كانت تعاني منها الرياضة التونسية في العهد البائد، وأما عن الأموال التي كانت تصرف من قبل الأندية لفائدة "التجمع الدستوري الديمقراطي" (قبل حلّه) وللحملات الانتخابية للحزب الحاكم فكانت كفيلة بأن تخرج العشرات منها من الأزمات المالية…ولكن من كان يجرؤ في ظل النظام البوليسي القامع للحريات على أن يقول كلمة "لا" ؟ لا تحاولوا خداعنا ولن تنجحوا في تضليلنا، فكل الأندية التونسية كانت "تجمّعية" أكثر من التجمع نفسه، ومسؤولو هذه الأندية صغيرهم وكبيرهم كانوا "تجمّعييّن " حتى النخاع، والسلطة رفعت الشعار الأفلاطوني " لا يدخلن على رياضتنا من لم يكن تجمعيا"، وأوصت الجامعات الرياضية بأن تتوخى اليقظة التامة مخافة أن يتسرب واحد من المعارضين أو " الانتمائيين" أو ذوي الأفكار السياسية إلى قطاع الرياضة، وتبعا لذلك بدت الرياضة في بلادنا مثالا مصغّرا للسياسة وكان "البوليس الرياضي" حاضرا بقوة في ملاعبنا وفي البرامج الرياضية في وسائل الإعلام وفي صفحات الجرائد. الآن، وقد سقطت الأقنعة كلها وتعرّى المتملقون والمسؤولون الرياضيون عن آخر " عورتهم التجمعية" وبدأوا يتساقطون الواحد تلو الآخر بعد أن كانوا "عينا ساهرة " ترعى مصالح الحزب ، فلماذا لا يكرم كل من أنس في نفسه "النزعة التجمعية" لحيته بيده ويغادر ميادين الرياضة مثلما غادر "حزب التجمع " الحياة السياسية ؟ ولماذا لا يتم تطهير هذا القطاع من أدران الماضي " السياسية " ؟ الآن، وقد ألقت الثورة التونسية بكل " الطحالب" في مزبلة التاريخ ، آن الأوان لثورة رياضية، بعد أن كانت المسؤولية في هذا القطاع تتم فقط عبر بطاقة العبور الحمراء السحرية.. بطاقة الانخراط في " حزب بن علي"، وبعد أن كانت الرياضة والسياسة وجهين لعملة واحدة هي عملة " التجمع الدستوري اللاديمقراطي ".
|
الحبيب بن أحمد |