تونس – الكاتب عماد الجلاصي في قصة رمزية

أتحفنا الصديق عماد الجلاصي الكاتب المختص في أدب الطفل بأقصوصة جد قصيرة نشرها على موقعه في الفايسبوك …ونظرا لجودة وطرافة ورمزية النص ها نحن نشارككم متعته …



تونس – الكاتب عماد الجلاصي في قصة رمزية

 

أتحفنا الصديق عماد الجلاصي الكاتب المختص في أدب الطفل بأقصوصة جد قصيرة نشرها على موقعه في الفايسبوك …ونظرا لجودة وطرافة ورمزية النص ها نحن نشارككم متعته  :

" كان في حديث الزّمان مدينة صغيرة لا يعرفها إلاّ أهلها. ولم يكن في هذه المدينة شيء يستحقّ الذّكر أو يستحقّ المشاهدة. كانت مدينة عاديّة جدّا. وكانوا أهلها عاديّين جدّا.ولم تحدث فيها مرّة حكاية و لا طرفة تناقلتها الألسن أو حوتها الكتب. ولم يكن فيها فارس شجاع لا يُشقّ له غبار.ولا شاعر يملأ الدّنيا بالأشعار.ولم تكن فيها أميرة جميلة جدّا.يطلبها أمير وسيم يقفز فوق السّحاب.و يطير إلى المستحيل.ليجمع مهرها.و يخطب ودّها.كان أهلها متشابهين.مبانيهم متشابهة.طرقاتهم متشابهة.وكانوا لا يبالون بمدينتهم و لا يأبهون لصداها بين المدن.ولا يبذلون جهدا لتحسينها أو الارتقاء بها.وجعلها حديث العصر.كانوا لا يلحظون القفزات الهائلة للمدن في العالم و تفاني أهلها ليل نهار للتفوّق و الامتياز .

كان أهل المدينة لا يعرفون بعضهم و لا يتخاطبون فيما بينهم.و لا يتبادلون التّحيّة.كانوا لا يفرحون و لا يحزنون.و لا يهتمّون بمن دخل مدينتهم سواء كان غازيا مغيرا أم ضيفا مسالما

كان باب مدينتهم بلا متراس.مفتوح لكلّ النّاس .

لقد كانت مدينتهم المقبرة و كان أهلها الأموات.فلا لوم عليهم إن أهملوا مدينتهم بل مقبرتهم.ولكنّ اللّوم كلّ اللّوم على الأحياء الذّين يحيون بهذه الصّفات.فهم أحياء كأموات…"

عماد الجلاصي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.