شهدت بعض السجون التونسية يوم الجمعة انفلاتا امنيا انجر عنه هروب مئات من المساجين فهل تم هذا عفويا ام عن قصد في عمليات مدبرة وان كان ذلك كذلك فمن المسؤول عنه ومن المستفيد منه؟
انفلات امني في السجون التونسية: هل ان الامر مدبر؟ |
شهدت بعض السجون التونسية يوم الجمعة انفلاتا امنيا انجر عنه هروب مئات من المساجين فهل تم هذا عفويا ام عن قصد في عمليات مدبرة وان كان ذلك كذلك فمن المسؤول عنه ومن المستفيد منه؟ اولا: قد نستبعد فرضية المؤامرة اذا حدث الانفلات في سجن وحيد ولكن الامر تزامن في عدة سجون ابرزها سجنا القصرين وقفصة فضلا عن محاولات فاشلة في سجون اخرى. ثانيا: تاكد لدينا ان اهالي بعض المساجين قدموا من جهات بعيدة نسبيا ورابطوا قرب السجون التي تأوي اقاربهم قبل اندلاع الاضطرابات مما يعني انهم والمساجين كانوا على علم مسبق بما سيحدث وهذا يتنافى مع فرضية العفوية. ثالثا: اكدت بعض الاخبار ان عددا مهما من المساجين الهاربين تحولوا مباشرة الى نقاط محددة من جهات البلاد معروفة بتسهيل عمليات الحرقان الى ايطاليا مما يعني انهم أعدوا العدة مسبقا واحضروا لوازم السفرة وخاصة منها المقابل المالي. من المسؤول تلقى مسؤولية حفظ الامن داخل السجون في العادة على حراس السجون بدرجة اولى واعوان الامن (الشرطة او الحرس) عند الضرورة. ومنذ اندلاع الثورة صار للجيش دور فعال في هذا الامر. لكن هذه الكثافة وهذا التنوع لم يكونا كافيين للاسباب التالية: لقد لاحظنا غيابا تاما للتنسيق بين وحدات الجيش من جهة وبقية الاطراف (الامنية) من جهة أخرى مردها عدم ارتياح هذا الطرف لعمل الطرف الاخر. كما أن كل طرف كان خلال الايام الاخيرة مشغولا بمسائل اخرى فعين الجيش كانت تنظر الى ما يحدث على الحدود التونسية الليبية. اما اعوان الامن فقد كانوا منشغلين بتلميع صورتهم امام الراي العام ونفي علاقتهم بالقناصة فضلا عن انشغالهم ببعض المطالب المادية والمهنية التي يرونها مشروعة. والاهم من هذا كله ان هذا الطرف او ذاك كان ملزما على تفادي استعمال القوة في مجابهة اي مشكلة امنية لان حساسية الوضع الحالي في تونس تمنع استعمال اي وسيلة تذكرنا بسياسة النظام السابق لهذا كله ظهر الانفلات الامني في السجون كما حدث قبل ذلك في ميادين اخرى اهمها ملاعب كرة القدم. من المستفيد المستفيدون الظاهرون مما حدث في السجون هم المساجين وخاصة منهم المحكوم عليهم بعقوبة سجن طويلة نسبيا لكن من البلاهة القول انهم عملوا من تلقاء انفسهم على بث الفوضى لسبب بسيط وهو استحالة التنسيق بين اكثر من سجن حتى يتزامن الانفلات داخل هذا السجن وذلك. فالمنطق يفترض ان تكون هناك اطراف اخرى قد خططت (خارج السجن) ونسقت وسهلت وربما اشرفت ومن غير المستبعد ان تكون ساهمت في فرار المساجين عبر فرض فتح ابواب السجون من الخارج بدعوى انقاذ المساجين.
وهذه الاطراف لا تهمها مصلحة السجين (الهروب) بل ان كل همّها الحيلولة دون استقرار الاوضاع وخاصة منها الامنية. فمن تكون هذه الاطراف؟ قد تكون هذه الاطراف من بقايا ميليشيات النظام السابق العاملة على التشفي او الحالمة بالعودة الى ما قبل 14 جانفي. وقد تكون من بقايا اتباع الحزب الحاكم السابق ممن لم يهضموا مغادرتهم الحياة السياسية بطريقة مخزية. وقد تكون فئات مأجورة على شاكلة اولئك المندسين الذين تم كشفهم في القصبة 1 والقصبة 2 وقد تكون اطراف اخرى داخلية او خارجية نكتشفها لاحقا. الاكيد ان هناك العديد من المستفيدين ليبقى الخاسر الوحيد ذلك المواطن التونسي الحالم بغد افضل.
|
عادل العبيدي |