الأستاذ عبد الجليل البدوي، 64 عاما، هو خبير اقتصادي معروف يعمل خبيرا لدى الاتحاد العام التونسي للشغل منذ عام 1976. وقد عانى التهميش في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة …
هل أنشأ الاتحاد العام التونسي للشغل حزب العمل التونسي؟ |
الأستاذ عبد الجليل البدوي، 64 عاما، هو خبير اقتصادي معروف يعمل خبيرا لدى الاتحاد العام التونسي للشغل منذ عام 1976. وقد عانى التهميش في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، ثمّ ضيّق عليه الرئيس المخلوع الخناق أكثر بسبب انتقاداته اللاذعة للسياسة الاقتصادية المنتهجة. بعد الثورة عيّن عبد الجليل البدوي وزيرا معتمدا لدى الوزير الأول السابق محمد الغنوشي، لكنه رفض هذا المنصب احتجاجا على تركيبة الحكومة التي طغت عليها وجوه من التجمع. ومنذ أيام أسسس البدوي مع رفاقه حزبا أطلق عليه إسم "حزب العمل التونسي"، يضمّ قاعدة كبيرة من النقابيين، حتى أصبح البعض يعتقد أنّ الحزب ولد من رحم الاتحاد العام التونسي للشغل. في الحوار التالي حاول البدوي التعريف بنفسه وبحزبه وببعض مواقفه من الأحداث الجارية، إليكم الحوار:
1- أستاذ عبد الجليل لو تعطينا نبذة مقتضبة عن شخصك.
أنا أستاذ اقتصاد بالجامعة التونسية. زاولت تعليمي بجامعة غرونوبل بفرنسا حيث أحرزت على شهادة الدراسات المتخصصة في الاقتصاد عام 1974 وشهادة عليا في العلوم السياسية عام 1975 . عدت إلى تونس للتدريس كأستاذ معين عام 1976. لدي العديد من الدراسات والمؤلفات في مجال الاقتصاد والتنمية. عملت خبيرا لدى الاتحاد العام التونسي للشغل منذ عام 1977 وكنت مسؤولا بقسم الدراسات والأبحاث. في الثمانينات، عملت كمستشار لدى الأمين العام للاتحاد الحبيب عاشور ومسؤولا عن المفاوضات الاجتماعية.
2- هل عانيت من التهميش كخبير اقتصادي في السابق؟
في عهد الرئيس الراحل بورقيبة وقع طردي عاما كاملا سنة 1977 بتهمة تأطير الطلبة وحثهم على الإضرابات والمعارضة ، كما واجهت تضييقات أكبر في عهد الرئيس المخلوع وتمّ منعي العديد من المرات من السفر وكنت أواجه صعوبات كبيرة في تجديد جواز سفري. لقد حاولت حكومة بن علي استقطابي إلى حزب التجمع وعرضوا عليا عام 1999 إدارة حزب التجمع لكني رفضت ذلك. لقد كنا نعيش في دولة تسعى للهيمنة على كل شيء لأنها فاقدة للشرعية وحاولت أن تحصل على شرعيتها بإقامة علاقات ولاء مع المنظمات والأحزاب والجمعيات ومع الشخصيات وغيرها مقابل امتيازات وخدمات وهذا فتح الباب على مصرعيه للفساد.
3- تمّ تعيينك وزيرا معتمدا لدى الوزير الأول في الحكومة الأولى التي ترأسها محمد الغنوشي بعد سقوط النظام. لماذا رفضت هذه الحقيبة؟
كان من الطبيعي أن انسحب من تلك الحكومة التي ترأسها محمد الغنوشي لأنّ أكثر من نصف تركيبتها كانت تضمّ وزراء من حزب التجمع وكانوا يتمتعون بوزارات سيادة.
4- ما رأيك في أداء الحكومة الانتقالية الحالية؟
أداء الحكومة هو أداء ضعيف ويتسم بالضبابية ونقص العزيمة السياسية وغياب التواصل. أنا شخصيا لدي شكوك في عديد الأمور. الحكومة طرحت على نفسها مهام لا تتماشى مع مهمتها كحكومة انتقالية. لقد قامت بإعادة هيكلة بعض الوزارات ودمجت وزارات ببعضها البعض مثل وزارة السياحة والتجارة في وقت تحتاج فيه وزارة السياحة إلى وزير متفرغ كليا لأن الوضع السياحي متأزم. هذا الدمج هو عملية هيكلية وكي تقوم بهيكلة جديدة تحتاج ما بين عام و18 شهرا، بينما الحكومة مطالبة بالبقاء ستة أشهر في السلطة. جميع الحكومات المتعاقبة بعد الثورة بقيت تسير بنفس هذا التمشي وهذا خاظئ. من جهة أخرى، لاحظت اقتحام رجال أعمال للحكومة لأول مرّة في تاريخ البلاد، وحتى في عهد الرئيس المخلوع لم يقع تعيين رجل أعمال سوى مرّة واحدة عندما مسك التيجاني حداد وزارة السياحة. من الناحية السياسة، الإرادة السياسية لحكومة قايد السبسي غير واضحة وهناك أزمة ثقة عميقة والوزير الأول لم يبعث إشارات قوية تعزز الارتياح والثقة. هناك الكثير من رموز فساد يتجولون في البلاد ورأينا في وسائل الإعلام كيف تمّ حجز كميات كبيرة من المال ولكن إلى حدّ الآن لم يقع مساءلة لا وزير المالية ولا محافظ البنك المركزي. الثورة قامت ضدّ الفساد، لكن المفسدين يتجولون بكلّ حرية والناس أصبحوا يشعرون بأن هناك التفاف على ثورتهم.
أنا مستاء من هذه التصريحات. الراجحي رجل قانون وهو قاض ومن المفروض أن يستند في توجيه الاتهامات على دلائل. لكنني مستغرب من الاتهامات الخطيرة التي وجهها للمؤسسة العسكرية بالانحياز الجهوي ونية الانقلاب والتواطؤ مع قوى أجنبية (الجزائر) على أساس فرضيات واهية والحال أن الجيش رفض إطلاق النار على الشعب ولم ينقض على السلطة رغم وجود فراغ في السابق. لكني مع ذلك لا أحمل الراجحي مسؤولية الانفلات الأمني. ومن جهة خطاب الوزير الأول، كنت أخيّر أن لا يرد الباجي السبسي على كلام الراجحي كما كنت أخير أن لا يرد عليه بعبارات من قبيل "يكذب". الوزير الأول في خطابه ذكر بتوتر العلاقة بين الحكومة والهيئة العليا للإصلاح السياسي والحديث عن توتر العلاقة بين الحكومة والهيئة كان من شأنه أن يزيد من حدّة توتر الشارع. هذا بالإضافة إلى أنّ الوزير الأول لم يقدم اعتذاراته للشعب على استعمال العنف ضد المتظاهرين ويؤكد للشعب بأن مثل هذه الاعتداءات لن تقع في المستقبل.
6- هل تعتقدون أنه من الممكن إجراء الانتخابات في موعدها؟
نحن نمرّ بوضعية انتقالية دون هياكل شرعية وهذا سيبقي البلاد في حالة من عدم الاستقرار. هناك تشكيك في الهياكل القائمة ونحن نسعى أن نختصر هذه المرحلة في أقرب وقت. لكن من الناحية العملية من الصعب أن يقع الوفاء بالموعد الانتخابي لأن الهيئة المستقلة التي ستشرف على مراقبة الانتخابات لم تتكون وهناك انسحاب للقضاة منها. زد على ذلك أنّ لجنة مراقبة الانتخابات عليها أن تشكل لجان جهوية أخرى في كل التراب التونسي وتنتدب متطوعين وتكونهم لمراقبة الانتخابات. اعتقد أنه عمليا سيصعب إجراء الانتخابات في موعدها. بالنسبة إلى الحكومة في كل تدخل لها تؤكد على ضرورة احترام الأجل، لكن من سيقول الكلمة النهائية هي الهيئة العليا بعدما تضبط برامجها ومواعيدها. اعتقد أن موعد 24 جويلية تم تحديده بصفة مستعجلة وكان من الأجدر أن يقع تنظيم الانتخابات في نوفمبر أو أوكتوبر المقبل.
7- متى تحصلتم على تأشيرة حزب العمل التونسي؟
يوم 04 ماي 2011.
8- هل بدأت بفتح فروعكم؟
بدأت فروعنا تتكون في عدة ولايات مثل مدنين وتطاوين وجربة وجرجيس وطبلبة والقصيبة ومنستير وسوسة وسيدي وزيد وقفصة. لم نبدأ بعد ببيع الانخراطات لكن مؤسسي هذا الحزب والذين يحملون هذا المشروع يقدرون بحوالي ألف شخص.
9- ما هي توجهات الحزب؟
هو حزب اشتراكي تقدمي. الهدف من هذا الحزب هو رد الاعتبار للعديد من القيم التي وقع تهميشها مثل العمل والمواطنة والمؤسسة. حزبنا يسعى لإعادة الاعتبار لهذه القيم من خلال إعطاء قيمة أكبر للمؤسسة التي وقع خوصصتها من قبل النظام السابق. منطق السوق واقتصاد السوق قاد الى بروز فئات جديدة وعصابات مافيا وانتشار الفساد ويجب اعادة بناء نمط اقتصادي جديد واعادة النظر في أدوار كل الأطراف وخاصة منها الدولة لتلعب دورا أكبر.
10- هناك من يعتقد أن حزبكم ولد من رحم الاتحاد العام التونسي للشغل. هل هذا صحيح؟
تقريب نصف الهيئة الادارية للاتحاد مع حزب العمل منخرط في الحزب. لكن هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل ليست هي قررت تكوين حزب العمل التونسي. هناك رغبة لدى نقابيين لتأسيس هذا الحزب. هناك من يرى خلطا بين العمل النقابي والنشاط السياسي لكن لا يوجد أي خلط. فأنا كمواطن لدي الحق في القيام بعمل نقابي وسياسي وحقوقي. كما يمكن أن يكون لدي موقع في منظمة نقابية وموقع في جمعية وموقع في حزب. حاليا لدينا انضمام كبير من النقابيين علما أن الاتحاد فيه 80 بالمائة من النقابيين المستقلين الذين لا ينضمون لأحزاب سياسية رغم وجود حركات سياسية منذ القديم داخل الاتحاد. لكن هذه الحركات لم تكن قادرة على استقطاب هؤلاء النقابيين.
|
حاوره خميس بن بريك |