أثارت استقالة أحمد فريعة الأمين العام الأوّل لحزب “الوطن” تساؤلات كثيرة عن السبب الذي دفعه لاتخاذ مثل هذا القرار المفاجئ رغم أنّ حزبه لم يمرّ على تأسيسه سوى ثلاثة أشهر…
تونس- لماذا استقال فريعة من حزب الوطن؟ |
أثارت استقالة أحمد فريعة الأمين العام الأوّل لحزب "الوطن" تساؤلات كثيرة عن السبب الذي دفعه لاتخاذ مثل هذا القرار المفاجئ رغم أنّ حزبه لم يمرّ على تأسيسه سوى ثلاثة أشهر.
وقد يسأل سائل عمّا إذا كانت هناك خلافات بين أحمد فريعة والأمين العام الثاني للحزب محمد جغام؟ أم أنّ الصورة التي لصقت به كوزير داخلية سابق، عمل في آخر أيام بن علي، جعلته يدفع سياسيا الثمن باهضا؟ وإلى حدّ الآن لم يصدر بيان رسمي عن حزب "الوطن" لتوضيح سبب هذه الاستقالة، وحتى اتصالاتنا المتكرّرة بالسيد محمد جغام باءت بالفشل ولم يتسن الحصول عليه.
ورغم أنّ محمد جغام صرح (بالأمس) لراديو كلمة بأنّ استقالة فريعة من الحزب تعود لأسباب شخصية وأن فريعة اعتبر أن مهمته انتهت بإنشاء الحزب وخيّر ترك المشعل لغيره، لم تكن مقنعة بالمرّة. والسؤال المطروح هو لماذا لم يصرّح فريعة بنفسه عن سبب استقالته؟
ويبدو من الواضح أنّ هناك تكتم داخل الحزب حول استقالة فريعة بالرغم من أنّ خبر استقالته انتشر، مساء أمس الاثنين، كالنار في الهشيم على المواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية، والكل ينتظر ردا رسميا عن ذلك.
في الأثناء، يعتقد البعض أنّ استقالة فريعة جاءت تحت طائلة الانتقادات التي يتعرض لها حزب "الوطن" من قبل بعض المواطنين الذين مارسوا تضييقات خاصة على فريعة وجغام خلال تحركاتهما داخل البلاد للتعريف بالحزب، وقد أشار موقعنا المصدر إلى ذلك سابقا. (أنظر المقال)
وكان فريعة قد اشتكى على هامش ندوة صحفية عقدها رفقة جغام (منذ أكثر من شهر بضفاف البحيرة) من تعرضهما إلى مضايقات من قبل مواطنين معادين لهذا الحزب بدعوى أنه ولد من رحم حزب "التجمع" المنحل، باعتبار أنّ فريعة وجغام كانا منتميين إلى "التجمع" وتقلدا مناصب في النظام السابق.
وقد التقيت بالسيد أحمد فريعة على هامش هذه الندوة الصحفية ودار بيننا حوار عن الشأن السياسي في تونس، وعن حزب "الوطن" ورؤيته للمسار السياسي للبلاد.
وكان أحمد فريعة متحمسا في الرد على الأسئلة وإقناعي بأنّ الغاية من تأسيس الحزب هو تمرير التجارب التي عاشها هو ومحمد جغام إلى التونسيين للاستفادة من الخبرات التي يملكانها.
وقال لي بأنّ أغلب الأسئلة التي توجه إليه دائما تتعلق بمسؤوليته كوزير داخلية سابق، المنصب الذي تقلده يوم 13 جانفي، بعدما دعاه الرئيس المخلوع لذلك سعيا منه لامتصاص غضب الشعب.
لكن بعد سقوط النظام لم يستمر فريعة وزيرا للداخلية سوى بضعة أيام بعد أن قدم إستقالته عقب احتجاجات المواطنين على تصريحاته في التلفزة الوطنية، والتي وصفها البعض بأنها متشددة.
وقد دفع فريعة عن نفسه بجميع الاتهامات الموجهة نافيا أنه تسبب في مقتل أي كان، وأوضح أن تصريحاته في التلفزة الوطنية كانت تندرج في اطار إعادة الأمن للبلاد دون أي نية منه لجرح مشاعر التونسيين أو بعث رسائل بأنّ وزارة الداخلية ستتعامل بخشونة مع المحتجين، حسب تعبيره.
لقد بدا لي فريعة خلال الحوار الذي أجريته معه مصرا على الدفاع على مبادئ حزب "الوطن" وعن نظافة سمعته ونواياه وعزمه على المساهمة في بناء تونس الجديدة، ولم يكن يفكر وقتها في الاستقالة من هذا الحزب. فمالذي دفعه الآن إلى فعل ذلك؟ وقد أعلن السيد أحمد فريعة هذا الصباح لإحدى الإذاعات الخاصة أن استقالته جاءت تكريسا لمبدأ تشبيب الحزب ودفع الكوادر الجديدة لتحمل المسؤولية وأن تأسيسه للحزب منذ البداية بمعية السيد محمد جغام كانت ترمي إلى خلق الفرص الكفيلة بالاستفادة من تجربتهما السياسية وفتح المجال للمشاركة الشبابية . وأعلن السيد فريعة أنه سيحتفظ بالطبع بكل حريته الشخصية في المستقبل
لقد تأسس حزب "الوطن"، في 04 مارس 2011، وهو حزب وسطي يقول إنه يرفض التعصب والإقصاء ويدافع على أهداف ثورة الشباب وصيانة المكتسبات الوطنية وفي مقدمتها مجلة الأحوال الشخصية.
غير أنّ فريعة رفض مواصة المشوار مع هذا الحزب، بدعوى أنه سيحول المشعل إلى شباب هذا الحزب بعدما أسس له أهدافه ومنهجيته ومبادئه.
لكن كل التأويلات تبقى قائمة ما لم يسرع المسؤولون على حزب "الوطن" بتوضيح سبب هذه الاستقالة ونفي أي معلومة قد تروج عن وجود خلافات بين فريعة وجغام، وهو ما قد يؤثر على أنصار هذا الحزب وحتى على مستقبله السياسي.
|
خ ب ب |