التنمية الجهوية في تونس بعد الثورة: بين التنظير والوعود المتأخرة وتواصل معاناة المناطق المحرومة

شكّلت الفوارق الاقتصادية والاجتماعية وانعدام التوازن في توزيع الثروات بين الجهات من أهم أسباب اندلاع ثورة 14 جانفي ولإطاحة بالنظام السابق، ومنذ ذلك الوقت تمحورت مجمل التحاليل و الخطابات السياسية حول البعد الجهوي في تونس بعد الثورة وتعدد التشخيص وكثرت الحلول النظرية…



التنمية الجهوية في تونس بعد الثورة: بين التنظير والوعود المتأخرة وتواصل معاناة المناطق المحرومة

 

شكّلت الفوارق الاقتصادية والاجتماعية وانعدام التوازن في توزيع الثروات بين الجهات من أهم أسباب اندلاع ثورة 14 جانفي ولإطاحة بالنظام السابق، ومنذ ذلك الوقت تمحورت مجمل التحاليل و الخطابات السياسية حول البعد الجهوي في تونس بعد الثورة وتعدد التشخيص وكثرت الحلول النظرية.

 

ولكن بين التنظير والواقع يبدو أن شيئا لم يتغير وظلت الأوضاع على حالها بدليل تواصل الاعتصامات والحركات الاحتجاجية في العديد من الجهات التي تطالب الحكومة المؤقتة بإيجاد حلول عاجلة وسريعة الإشكاليات العالقة على مستوى المرافق الأساسية والبنية التحتية المتردية.

 

الأمر الثابت والمتأكّد أن الحكومة المؤقتة تواصل الإعلان عن العديد من المشاريع داخل الجهات المحرومة ولكن هذه الوعود ظلت حبرا على ورق ولم يقع إلى حد الآن تدشين أو الشروع فعليا في تنفيذ مشاريع بارزة ومحورية في المناطق الداخلية بطريقة تكون إشارة قوية من الحكومة على "الصدق في القول ولإخلاص في العمل" وهو شعار الوزير الأول.

 

من خلال المتابعة الإعلامية والتغطية التلفزية وتحقيقات الصحافة المكتوبة في المنطق الداخلية ونقل مشاغل المواطنين، لم نلمس تحسنا للأوضاع بصفة جذرية بل تفاقمت الوضعيات المتصلة بالحالة المتردية للمستشفيات من خلال النقص الفادح للأدوية ونقص أطباء الاختصاص والحالة المتردية للمسالك والطرقات وهشاشة النسيج التجاري والفلاحي الذي يعوق الجهات الداخلية بأن تكون بحق أقطاب تنموية واقتصادية.

 

توصّلت الحكومة بمعية عدد من الخبراء ومكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية إلى تشخيص إشكاليات التنمية الجهوية زمن العهد السابق إلى حدّ جعل هذه المسألة ورقة انتخابية تلعب بها الأحزاب في استقطاب عامة الشعب، غير أن هذه الحلول التي تم تقديمها هي بالأساس نظرة على المدى المتوسط والبعيد ولم تأخذ المدى العاجل والقريب بعين الاعتبار وخاصة الاحتياجات العاجلة والتي لا تتطلب التنظير و"الدمغجة".

 

من بين الحلول التي تعمل على تجسيمها الحكومة ولا سيما وزارة التنمية الجهوية إعادة النظر في تركيبة المجالس الجهوية وتشريك مختلف الأعوان الاقتصاديين والمجتمع المدني والقطاع الخاص في وضع السياسات التنموية ودفع اللامركزية وإعطاء صلاحيات أكثر للجهات في مجال ضبط أولوياتها.

 

بالإضافة إلى إعداد دراسات معمقة تمكن من إبراز الإشكاليات التنموية وجمع الإدارات الجهوية ذات الطابع التنموي ومراجعة دورها.

 

وسيرتكز تدخل الدولة خلال الفترة القادمة على دعم البنية الأساسية ووضع آليات وحوافز جديدة لمزيد حفز الاستثمار الخاص بالمناطق الداخلية ووضع سياسة يكون لها الأثر المباشر على المواطن.

 

هذه التوجهات من الصعب تجسيمها في الوقت الراهن والحال أن وضعية الجهات حاليا لا تحتمل وضع خارطة طريق على المديين المتوسط والبعيد بل اتخاذ إجراءات عاجلة وسريعة للتعامل مع متطلبات المناطق الداخلية.

 

أربعة أشهر ما زالت تفصل عن انتخابات المجلس الوطني التأسيسي (23 أكتوبر 2011) والجهات الداخلية ما تزال تعاني من "التهميش" وبمقدور الحكومة الوقتية الإسراع باتخاذ تدابير عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتدارك التأخير الحاصل في إيصال التنمية الحقّة إلى الجهات المحرومة!!!

 

مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.