لماذا تتعنّت الحكومة على عدم تقسيم وزارة التجارة والسياحة؟

قرّر وزير الجمهورية المؤقت باقتراح من الوزير الأول إجراء تحوير جزئي على الحكومة الانتقالية، ولم يشمل هذا التعديل حقائب وزارات السيادة بل شمل وزارات فنية من منطلق أن أداء بعض الوزراء لم يرتق إلى مستوى الآمال والتطلعات من خلال تواصل الإشكاليات وعدم الرضا التام عن أداءها وغياب نتائج ملموسة في القطاع الذي كانوا يشغلونه…



لماذا تتعنّت الحكومة على عدم تقسيم وزارة التجارة والسياحة؟

 

قرّر وزير الجمهورية المؤقت باقتراح من الوزير الأول إجراء تحوير جزئي على الحكومة الانتقالية، ولم يشمل هذا التعديل حقائب وزارات السيادة بل شمل وزارات فنية من منطلق أن أداء بعض الوزراء لم يرتق إلى مستوى الآمال والتطلعات من خلال تواصل الإشكاليات وعدم الرضا التام عن أداءها وغياب نتائج ملموسة في القطاع الذي كانوا يشغلونه.

 ورغم هذا التعديل فإن هناك مآخذ على الإصرار على تعنت الحكومة في الحفاظ على دمج وزارة التجارة والسياحة والحال أن كل التوقعات والمؤشرات كانت توحي بأن يشمل التحوير الوزاري هذه الوزارة وتقسيمها مجددا.

وبالرجوع إلى هذا التعديل نلاحظ أن أغلب الوزراء وكتاب الدولة تمت المحافظة عليهم بل وتدعيم البعض منهم على غرار إحداث كتابة دولة جديدة لدى وزير الشؤون الخارجية والداخلية مكلف بالإصلاحات و التربية وكذلك إحداث خطة كاتب دولة مكلف بالرياضة وخطة كاتب دولة لدى وزير التربية.

وتم على ضوء هذا التحوير الحكومي الرابع منذ الثورة دخول ثلاثة وزراء جدد وهم وزراء النقل والتجهيز والصحة العمومية في حين تمت ترقية السيد سليم شاكر الذي كان يشغل خطة كاتب دولة مكلف بالسياحة إلى خطة وزير الشباب والرياضة، وبالمقابل تم تسجيل خروج كل من ياسين إبراهيم وزير التجهيز والنقل الذي قدم استقالته في منتصف جوان وتم بالتاي تقسيم الوزارة وخرجت أيضا وزيرة الصحة العمومية ووزير الشباب والرياضة محمد علولو.

وشهد هذا التحوير دخول الوجه السياسي والناشط الحقوقي السيد لزهر العكرمي الذي تم تعيينه كاتب دولة لدى وزير الداخلية مكلف بالإصلاحات ولم يقع تحديد نوعية الإصلاحات المزمع القيام فهل هي إصلاحات أمنية أو إصلاحات تشريعية على مستوى الوزارة أو حتى إصلاحات تتصل بالقطاع البلدي.

وشهدت الحكومة أيضا دخول الوجه الرياضي البارز السباحة التونسية مريم الميزوني الشارني التي تم تعيينها كاتبة دولة لدى وزير الشباب والرياضة مكلفة بالرياضة عوض عن كتابة الدولة للشباب التي كان يشغلها المدون سليم عمامو والذي استقال من الحكومة منذ أكثر من شهر.

والثابت والمتأكد أن مهمتها لن تكون يسيرة بالمرة باعتبار المشاكل الجمّة والعويصة التي يعاني منها  قطاع الرياضة في تونس على العديد من المستويات انطلاقا من الجوانب التشريعية ومرورا بتطوير النتائج الرياضية في مختلف الرياضات ووصولا إلى الملف الشائك والعالق وهو تمويل الرياضة التونسية.

المأخذ البارز في هذا التحوير الجزئي على الحكومة المؤقتة يتمثل في تواصل تعنتها في عدم الفصل بين وزارة التجارة والسياحة ولقد تفطّن القاصي والداني في البلاد إلى أن هذين القطاعان لا يتكاملان بالمرة وأن هناك تباين واضح في أدائهما.

الخطأ الثاني الذي ارتكبته الحكومة في اعتقادنا هو عدم تعيين على الأقل كاتب دولة مكلف بالتجارة يعنى بتسيير الأمور في هذا القطاع الحساّس والمتصل أساسا بقفة المواطن وبقدرته الشرائية والأكيد أن المتابع لشأن السوق في هذه الفترة يلاحظ جليا الارتفاع الملحوظ للأسعار في العديد من المنتوجات الحساسة.

الاعتقاد كان سائدا بأن يقع التخلي عن الوزير الحالي مهدي حواص أو "حواس" الذي وضع كل ثقله على القطاع السياحي من دون تسجيل نتائج ملموسة في القطاع، إذ أن كل المؤشرات والدلائل تؤكد على صعوبة إنقاذ الموسم السياحي الذي ما زال يتخبط في الإشكاليات والصعوبات الظرفية والهيكلية.

وبالتوازي تناسى الوزير تماما القطاع التجاري فهل من تفسير لعدم إشرافه على الاجتماع الدوري للمديرين الجهويين للتجارة منذ يوم 22 مارس 2011 والحال أن هناك العديد من الملفات العالقة والتي لم يقع البتّ فيها على غرار جهاز المراقبة الاقتصادية الذي لم يعد إلى سالف نشاطه العادي وتفاقم ظاهرة الترفيع في الأسعار من طرف العديد من المتدخلين العشوائيين وعجز هذا السلك عن أداء مهامه في ظل عدم توفر عنصر السلامة والحماية.

مشكل آخر لم يقدر الوزير على حله وهو مشكل الجناح رقم 4 بسوق الجملة ببئر القصعة إذ شارف إقليم تونس الكبرى على عدم التزويد لاخضر والغلال واللحوم جرّاء الأزمة التي حصلت في شهر جوان الفارط.

من المفروض أن تكون الحكومة المؤقتة قد تفطنت لمجمل هذه الإشكاليات وتسارع إلى تقسيم الوزارة على غرار ما وقع مع وزرة التجهيز والنقل لا سيما وأن البلاد مقدمة على مواسم استهلاكية كبرى تستدعي التركيز الكلي على هذه المواسم وفي مقدمتها شهر رمضان أين يرتفع فيه الاستهلاك لأكثر من 30% والمفروض أن يتم توفير المنتوجات الاستهلاكية الحساسة.

نشير في الختام إلى أنه في عهد المخلوع تم دمج هاتين الوزارتين ولكن التجربة لم تُعمّر طويلا لتدوم حوالي 5 أشهر وسرعان ما تم التفطن إلى هذا الخطأ الهيكلي وإعادة تقسيم الوزارة من جديد.

مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.