خلال الأشهر الأخيرة طالبت عدّة أطراف ومنظمات بضرورة امتناع تونس عن خلاص الديون التي حصلت عليها من الخارج في عهد النظام السابق باعتبار أن هذه الديون قد تكون وجهت إلى مصالح شخصية لمافيا النظام السابق وليس إلى المصلحة الوطنية
إمكانية إسقاط ديون تونس من بعض الدول المانحة |
خلال الأشهر الأخيرة طالبت عدّة أطراف ومنظمات بضرورة امتناع تونس عن خلاص الديون التي حصلت عليها من الخارج في عهد النظام السابق باعتبار أن هذه الديون قد تكون وجهت إلى مصالح شخصية لمافيا النظام السابق وليس إلى المصلحة الوطنية.
وبالتالي فإنه من حق الدولة أن ترفض خلاصها أو على الأقل تطلب تأجيل الخلاص إلى حين أن يشهد الوضع الاقتصادي في البلاد استقرارا وتحسنا بعد سنوات.
وكان هذا الحل قد وقع اللجوء إليه سابقا في عدة بلدان شهدت بدورها ثورات شبيهة بثورة تونس على غرار الإكواتور والأرجنتين، حيث امتنعت هاتان الدولتان عن خلاص قروض حصلت عليها أنظمتها الدكتاتورية السابقة من الدول أو من مؤسسات الإقراض العالمية ولم تقع معاقبتها أو تتبعها من المجموعة الدولية، بل بالعكس حصلت على مزيد من الدعم العالمي.
هذا التوجه قوبل منذ بداية الدعوة له برفض تام للحكومة التونسية المؤقتة التي اعتبرت انه عليها الإيفاء بكل تعهداتها المالية في إبانها تجاه الدول المانحة ومؤسسات القرض العالمية، رغم الظرف الصعب الذي تمر به البلاد، وذلك حتى يتسنى لها مزيد الاقتراض في المستقبل من الدول ومن مؤسسات القرض العالمية نفسها ولا يقع تخفيض ترقيمها السيادي أكثر وتضمن بذلك حسن سير الاقتصاد الوطني.
وبالفعل قامت تونس في الأشهر الأخيرة بخلاص دين يناهز 900 ملين دينار وهو عبارة عن قرض رقاعي من الأسواق المالية العالمية.
وأفادت مصادر مطلعة أن الحكومة التونسية لم تتقدم بأي طلب رسمي للدول المانحة أو مؤسسات القرض العالمية لتعبرعن نيتها عدم خلاص ديونها أو لتطلب منها إمهالها مدة إضافية.
لكن يبدو أن بعض الدول الدائنة لبلادنا والتي شاركت مؤخرا في قمة مجموعة الثمانية بفرنسا هي التي ستبادر من تلقاء نفسها باقتراح إسقاط البعض من ديونها تجاه تونس (وهي ديون منحتها لتونس سابقا في شكل قروض )، لكن شريطة أن تلتزم تونس بإعادة استثمار مبالغ هذه الديون المسقطة في مشاريع استثمارية وتنموية جديدة خاصة بالمناطق المهمشة وبالجهات الداخلية وشريطة أن تقع مراقبة هذا التوجه بشكل دقيق من الدول الأجنبية.
وهذا الموقف قد يصدر أيضا عن بعض المؤسسات المالية العالمية المقرضة لتونس على غرار البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار وذلك في جوانب محدودة من القروض الممنوحة لتونس.
هذا التوجه، في صورة حصوله، لن ترفضه تونس مثلما ذكرت المصادر نفسها لأنه سيمكن من مساعدة الاقتصاد بشكل كبير. فمبالغ القروض التي حصلت عليها تونس من بعض الدول في السابق تعد بآلاف المليارات من الدينارات وفي صورة تخصيص مثل هذه المبالغ للاستثمار وللتنمية في الجهات فانه سيكون لها تأثير إيجابي ملحوظ على النمو في تونس. |
وليد بالهادي
|