كانت ردود أغلب التونسيين عنيفة تجاه الأحكام التي صدرت اليوم في قضية مطار قرطاج وخاصة منها حكم عدم سماع الدعوى الصادر لصالح السرياطي لكن الرأي عندنا ان هذه الأحكام مهمة على مستويين …
تونس- هل براءة السرياطي انتصار آني للعدالة وحماية مستقبلية لنزاهتها ؟ |
كانت ردود أغلب التونسيين عنيفة تجاه الأحكام التي صدرت اليوم في قضية مطار قرطاج وخاصة منها حكم عدم سماع الدعوى الصادر لصالح السرياطي لكن الرأي عندنا ان هذه الأحكام مهمة على مستويين اثنين أولهما يتعلق بتحقيق العدالة وثانيهما الحيلولة دون التشكيك في نزاهة الأحكام المستقبلية المتعلقة بقضايا على درجة أكبر من الأهمية. وهذا ما سنحاول إبرازه: أولا: مشكلة الإجراءات أمكننا حتى الآن الإطلاع على نصوص الأحكام الصادرة في هذه القضية دون أن يتسنى لنا معرفة تعليلها وفي انتظار أن يصبح ذلك ممكنا نتوقع أن تكون هيئة المحكمة قد طبقت القانون في ما يتعلق بالإجراءات, فالمعلوم أن أي خلل في الإجراءات ينجر عنه بالضرورة الحكم بعدم سماع الدعوى بغض النظر عن توفر أدلة الإدانة من عدمها, ولنضرب على ذلك مثلا مبسطا: فإذا ارتكب زيد جريمة مّا ثم اعترف بذنبه وعزز اعترافه بما يكفي من الأدلة التي تدينه ثم أثبت محاميه وجود خطأ في الإجراءات القانونية (طريقة الإيقاف أو الاستجواب أو حجز أداة الجريمة…), فإن المحكمة تكون مجبرة على الحكم بعدم سماع الدعوى تطبيقا للقانون وإلا بات حكمها معيبا. وقد كشف محامو السرياطي عن إخلالات عديدة بالإجراءات القانونية لكننا لا نستطيع أن نجزم إن كانت تلك الأخطاء مقصودة أو عن حسن نية. ثانيا: التحضير للقضايا المهمة تستمد قضية المطار أهميتها من هويات المورطين فيها (أقارب الرئيس المخلوع ورئيس حرسه) ومن إطارها الزمني (14 جانفي) والمكاني (مطار قرطاج). لكنها لم تكن على درجة كبيرة من الأهمية على مستوى العقوبات والآثار القانونية. فهذه القضية ذات صبغة قمرقية وعقوبات جرائمها غير مشددة كما أن إمكانية إبرام الصلح مع الديوانة ممكنة. وفي المقابل نجد أن بعض المتهمين في هذه القضية قد يمثلون للمحاكمة في قضايا أخرى أهم مثل جرائم القتل التي أودت بحياة العديد من المتظاهرين إبان الثورة ومعلوم أن العقوبات المستوجبة لهذا النوع من القضايا قد تبلغ الإعدام. ولهذا فإن من يستفيد اليوم من حكم المحكمة ويصفها بالنزيهة لا يستطيع غدا أن يشكك في نزاهتها مهما كانت قسوة أحكامها. والجدير بالذكر من جهة أخرى أن الأحكام الصادرة اليوم قابلة للاستئناف وإذا ما كانت الأحكام الاستئنافية مغايرة فلا أحد يستطيع التشكيك في نزاهة القضاء كله كما فعل محامو الرئيس المخلوع سابقا اثر صدور أحكام ضده في بعض القضايا.
|
عادل العبيدي |