قبل الشك :عيدا سعيدا

قبل الشك :عيدا سعيدا



قبل الشك :عيدا سعيدا

 

نعيش بامتياز، لحظة شك في كل شيئ، حتى أصابعنا نعُدها كي نتثبت أنها كاملة. شك في الثورة و مساراتها، في الفساد و درجاته و في المتورطين فيه، شك في النظيف منّا علّ له ملفا تحت الطاولة. شك في الصداقات و الرفاقات. شك في أنفسنا و في مقدرتنا على الفهم و التحليل و تجاوز هذه اللحظة المُربكة، شك في موقعنا في تونس الجديدة، ودورنا فيها، شك في ملامحها أصلا "جمهورية ديمقراطية حديثة تحترم الحريات و المعرفة و العارفين" أم امارة مُستدعاة من كتب تُراث غير مُحققة و لا أسانيد لها، إمارة الجلد و الرجم و الإماء و الجواري ، شك في تونس الديمقراطية و في قيم كنا نُنادي بها و نعيش بعضها، الحداثة و النقدية و التحرر و التنوير مقولات فيها شك، شك في مدرستنا و جامعتنا و شكلهما الذي نروم و الذي حلمنا به و اجتمعنا في عهد الدكتاتور على حمايته بالمستطاع. شكّ في المجلس التأسيسي و انتخاباته، و الاستفتاء و من وراءه، شك في مقدار المشاركة و شك في في الشك نفسه .

و اذا كان الشك مدخل الحداثة و المعرفة، و الشك شرط منهجي للعلمية و التطور المعرفي. الشك معاول تهدم الراكد و الثابت، و هو بذلك شرط الثقافة لانها في جوهرها نقيضُ الثبات. الشكّ عندنا اليوم، مصدر عرقلة و بابا للاحباط و الارتباك، الشك قتل للعقل فينا في لحطة الجنون الجماعي و الانفلات الشعبي الجماهيري ,
و سيتخذ شكّنا الجماهيري هذا شكله النهائي الاحتفالي إذ سنُقيم له طقسا مقدسا، "ليلة الشك" في يوم العيد. و هي تتويج لمسارات "التشكيك" و لذلك و قبل ان تدهمنا هذه الليلة، أقول لكم، مع التمني بأن ترسيمة الشك الجماعي لم تطلها، عيدا سعيدا و انا مطمئن .

 

المهدي بن عبد الجواد
أستاذ و باحث جامعي

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.