تسعى وزارة الداخلية إلى رسم خارطة طريق لإصلاح المنظومة الأمنية في تونس بما يتماشى ومقومات الدولة الديمقراطية، حيث يكون القانون الفيصل بين المواطن ورجل الأمن…
تونس- تغيير زيّ الشرطة وإصلاحات كثيرة قادمة في في وزارة الداخلية |
تسعى وزارة الداخلية إلى رسم خارطة طريق لإصلاح المنظومة الأمنية في تونس بما يتماشى ومقومات الدولة الديمقراطية، حيث يكون القانون الفيصل بين المواطن ورجل الأمن.
وكشف الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية لزهر العكرمي، اليوم الجمعة، في مؤتمر صحفي عن ملامح الإصلاحات الجوهرية التي ستشمل إعادة هيكلة المنظومة الأمنية.
وعيّن لزهر العكرمي، وهو محامي وحقوقي، وزيرا معتمدا لدى وزير الداخلية مكلفا بالإصلاحات في غرة جويلية الماضي، وبدأ منذ ذلك الحين في رسم معالم الإصلاحات.
ويقول "لقد أنجزنا خطة عمل لإصلاح المنظومة الأمنية وهي عبارة عن خارطة طريق لإصلاح القطاع منذ شهرين وقمنا بمشاورات مكثفة مع خبراء أمنيين والعديد من الأطراف المتدخلة وتوصلنا إلى جملة من الأفكار لإصلاح الأمن".
واستعرض العكرمي العديد من النقاط البارزة في خطة الإصلاح، مشددا على أنّ عملية الإصلاح لن تنجح بمعزل عن إصلاح منظومة التشريعات وإصلاح الإدارة والقضاء والاكتفاء فقط بتعيينات جديدة.
وأكد العكرمي إنّ إصلاح منظومة الأمن في تونس يقتضي إدخال تحويرات جديدة على منظومة القوانين ورؤية جديدة للإدارة وإصلاحات في منظومة القضاء.
إصلاحات شاملة
ومن بين المقترحات التي قدمها بخصوص إصلاح القضاء، أن ينفتح المجلس الأعلى للقضاء على أعضاء من خارج قطاع القضاء نفسه ليضم ممثلين للمجتمع المدني باعتبار أنّ القضاء يمس الحياة اليومية للمواطنين، حسب قوله.
واعتبر أنّ نتائج الإصلاحات الجديدة التي يجب أن تشمل العديد من القطاعات التي لها علاقة بالأمن، ستكون حسب رأيه قابلة للتقييم من حيث نجاحها في إرساء دولة ديمقراطية في غضون 10 سنوات، في إشارة منه إلى أنّ الإصلاح يتطلب وقتا كافيا لتجسيده.
وذكّر العكرمي بالملتقى الذي نظمته منذ أيام وزارة الداخلية بحضور مختصين وخبراء بشأن تطوير المنظومة الأمنية، مشيرا إلى استنتاج مجموعة من الأفكار لإرساء منظومة أمنية ديمقراطية معاصرة تتماشى مع الواقع الجديد الذي تعيشه البلاد.
تطبيق القانون
وتتركز مسودة خارطة الطريق التي ستعتمدها وزارة الداخلية في إرساء منظومة أمنية جديدة في عدة نقاط من بينها إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية.
وقال العكرمي في هذا الاتجاه إنّ وزارة الداخلية يجب أن تختص في دورها الأمني وأن تتخلص من الدور التنموي الذي ألحق بها ولم تنجح في تطبيقه في العهد السابق، وفق قوله.
وأكد أنّ وزارة الداخلية ستعمل على الانتقال من إرساء النظام العام إلى إرساء أمن الخدمة العامة، موضحا أنّه سيتم تطبيق القانون مكان التعليمات المخالفة للقانون، وفق قوله.
صورة رجل الأمن
ومن النقاط التي يرتكز عليها برنامج إصلاح وزارة الداخلية هي صورة رجل الأمن. ويقول العكرمي إنّ أعوان الأمن سيغيرون زيهم الأمني بزي جديد "أنيق ومهاب ينسينا في الصورة السيئة لرجل الأمن". وقال إنّ الزي الجديد سيتم اعتماده عام 2012.
الهيبة والكفاءة
وأكد أنّ هيبة رجل الأمن لا تقتضي حمل السلاح وأنّ شعاره سيكون "القوة دون عنف واللين دون ضعف"، في تلميح ربما إلى أن رجال الشرطة سيتخلون عن حمل السلاح في المستقبل، إلا في الحالات التي تستوجب ذلك.
وبشأن تطوير كفاءة رجال الأمن وطريقة تعاملهم مع المواطن، أكد لزهر العكرمي أنّ خطة الإصلاح ستعتمد على تحسين عملية الانتداب والتكوين والرسكلة.
وقال إنّه من بين المقترحات للنهوض بكفاءة رجال الأمن إحداث كلية مستقلة لتدريس أعوان الشرطة والحرس حول المسائل الفنية والدراسية والنفسية والبدنية، لمدة سنتين لحاملي شهادة الباكالوريا.
استخبارات من نوع خاص
وكشف لزهر العكرمي عن وجود نية لإحداث مركزا للدراسات الإستراتيجية الأمنية من مهامه البحث في مجالات جديدة للنهوض بالفرص الاستثمارية والاقتصادية للبلاد.
ويقول "الأمن الخارجي يقتضي إحداث وكالة مستقلة ممولة جيدا وتضم كفاءات وطنية مشهود لها ومن مهامها أيضا البحث في فرص اقتصادية في الخارج".
وحول هذه النقطة بالذات توجهنا بالسؤال إلى الوزير المعتمد لدى الوزير الداخلية عن سبب تدخل وزارة الداخلية في البحث عن الفرص الاقتصادية في الخارج، والحال إنه قال "يجب فصل الأمن عن التنمية" كما أن هناك وزارة كاملة تهتم بالتنمية والتعاون الدولي ومختصة في استقطاب الاستثمار الخارجي إلى جانب وكالة النهوض بالاستثمارات الخارجية وغيرها من المؤسسات الأخرى.
وأجاب لزهر العكرمي إنّ دور مركز الدراسات الإستراتيجية الأمنية الذي تخطط لإحداثه وزارة الخارجية ليس التجسس على المواطنين بالخارج كما كان في السابق، حسب قوله.
وأكد إنّ وزارة الداخلية بإمكانها أن تساهم في المجهود الوطني للبحث عن فرص استقطاب الاستثمارات الخارجية، من خلال استخباراتها واستقصائها للمستثمرين المحتملين للبلاد.
مجلس أعلى للأمن
من جهة أخرى، وبسؤاله عما إذا كانت وزارة الداخلية تفكر في إعادة نشاط جهاز مراقبة الشرطة (police des polices) ، أكد العكرمي أنّ النية تتجه لإحداث مجلس أعلى للأمن يضم إلى جانب المسؤولين الأمنيين أطراف من مكونات المجتمع المدني لرصد كل التجاوزات الأمنية واتخاذ التدابير اللازمة لإصلاح المنظومة الأمنية.
انتدابات
إلى ذلك، أشار العكرمي إلى تعزيز صفوف رجال الأمن في المراكز من أجل تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن وتقسيم العمل العدلي عن العمل الإداري داخل المراكز، في إشارة إلى فتح مجال للانتدابات.
تطوير الاتصال
ومن المرتقب أن تنظم وزارة الداخلية يوم 06 أكتوبر المقبل ملتقى حول تحسين عملية الاتصال بالاتصاليين والإعلاميين من أجل تطوير عملية التواصل وضمان شفافيتها.
وفي الأخير، أكد لزهر العكرمي أنّ تغيير عقلية رجل الأمن بما يتماشى مع الدولة الديمقراطية يقتضي بالمقابل مواصفات المواطنة واحترام القانون.
|
خميس بن بريك |