بدأ الأفق يتضح وتظهر ملامحه. يوم 23 أكتوبر الذي تتجه أنظار التونسيين إليه هذه الأيام صار على مرمى حجر. وبعد 9 أشهر “حبلى” بكل الأفراح والهواجس والمطبات والقلق والأحلام تتجه الثورة التونسية إلى غرفة الولادة في مجلسنا التأسيسي حيث سنشهد ميلاد الجمهورية الثانية التي ستكون بحق هي مولودة الثورة …كما كانت الجمهورية الأولى مولودة الكفاح الوطني التحريري…
الحرية, خاصية النظام الديمقراطي وحده |
بدأ الأفق يتضح وتظهر ملامحه. يوم 23 أكتوبر الذي تتجه أنظار التونسيين إليه هذه الأيام صار على مرمى حجر. وبعد 9 أشهر "حبلى" بكل الأفراح والهواجس والمطبات والقلق والأحلام تتجه الثورة التونسية إلى غرفة الولادة في مجلسنا التأسيسي حيث سنشهد ميلاد الجمهورية الثانية التي ستكون بحق هي مولودة الثورة …كما كانت الجمهورية الأولى مولودة الكفاح الوطني التحريري… ولكل حقبة خصوصياتها. ولكل ظرف علاماته…وليس مستغربا اليوم أن تمتلئ قلوب بعضنا بالتوجس أمام ما نشاهده أحيانا من دعوات متطرفة لا يعرفها المجتمع التونسي من قبل وتصل حدود العنف الشديد ليس لفظيا بالتحديد إنما العنف المعنوي الذي يشي بتزمت وانغلاق في الرأي لا يرتجى من حامله أن يتخلق بعدئذ بآداب الاختلاف التي تقام عليها المجتمعات الديمقراطية. كما أن عدم تعودنا المناقشة والاختلاف بعد 55 عاما من ديكتاتورية حزب الدستور بوجهيه البورقيبي والبنفسجي إن صحت التسمية يجعل الإرث الذي تحمله البلاد إرثا صعبا وعسيرا لا بد أن تتضافر جهود كل الخيرين من أبناء تونس من أجل أن نجعل مجتمعنا يتغلب على الجوانب الاقصائية في إرثه هذا ويتذكر أن لنا أيضا موروث آخر من التسامح والتعايش والمحبة واحترام الاختلاف لم يقو لا تاريخ الفاشيات مجتمعة ولا تاريخ بورقيبة وبن علي أن ينسوا التونسي فيه مما جعله على مدى تاريخه الحديث كله لا ينفك ينتفض الانتفاضة تلو الأخرى دفاعا عن الحرية والكرامة والمساواة. نعم أن المجلس التأسيسي على مرمى حجر .ونعم للتذكير لكل الذين يميلون اليوم إلى التصور بأنهم الوحيدون الذين يمتلكون الحقيقة, أن الحقيقة لها ألف زاوية وأن المجلس الذي سننتخبه وأن الحرية التي خولت لنا انتخاب هذا المجلس وأن الثورة التي جاءت بهذه الحرية, كل هذا ليس سوى نتاج التاريخ التونسي المفعم بالنضال من أجل الحرية منذ اليوسفيين وحتى شهداء تالة والقصرين. لقد كانت قوافل شهداء هذه البلاد منذ 55 عاما ملونة فيها اليساري الماركسي وفيها القومي العربي وفيها المناضل الإسلامي وفيها المناضل النقابي وفيها المقاول والتلميذ والعسكري والتاجر وفيها ابن ريف حيدرة وابن فيلات المنازه أيضا…كان هذا ولا يزال هو الشعب التونسي . وسيظل كذلك بعد الانتخابات مثل ما كان قبل الانتخابات… وبالتالي فإننا منة حقنا أن نفرح ونأمل لبلادنا أن تتجاوز الموعد الانتخابي منتصرة في بناء اللبنة الأولى للديمقراطية . ولن يخذل هذه اللبنة أن تكون من بين فئات الشعب بعض المتطرفين الذين يحللون وبحرمون ويتوعدوننا بالويل والثبور لأن كل الديمقراطيات الكبرى في تاريخ البشرية تعايشت مع ألد أعدائها الذين كانوا موجودين دائما ومن اليمين ومن اليسار ولكنهم كانوا يعرفون أيضا أن النظام الوحيد الذي يسمح لهم بمخالفته وبالتعبير عن هذا الاختلاف هو النظام الديمقراطي وليس غيره من الأنظمة مهما كانت مرجعيتها.
|
|