أكد مراقبون أنّ الانتخابات التي ستشهدها تونس يوم 23 أكتوبر 2011، ستكون أول انتخابات تنضبط إلى المعايير الدولية، ولو أنّ هناك بعض الثغرات القانونية فيما يتعلق بمراقبة تمويل الأحزاب وإنفاقها.
ويقول محسن مرزوق أمين عام المؤسسة العربية للديمقراطية للمصدر إنّ أهم خاصية للانتخابات التأسيسية أنها
انتخابات المجلس التأسيسي في تونس ستكون ديمقراطية وشفافة لكن تشوبها بعض العيوب |
أكد مراقبون أنّ الانتخابات التي ستشهدها تونس يوم 23 أكتوبر 2011، ستكون أول انتخابات تنضبط إلى المعايير الدولية، ولو أنّ هناك بعض الثغرات القانونية فيما يتعلق بمراقبة تمويل الأحزاب وإنفاقها.
ويقول محسن مرزوق أمين عام المؤسسة العربية للديمقراطية للمصدر إنّ أهم خاصية للانتخابات التأسيسية أنها تنضبط للشروط الدولية وهي: الاستقلالية في الإشراف عليها والتنظيم المحكم والعادل والتنافس الحقيقي ووجود رقابة أجنبية ومحلية.
وشدد على أنّ عنصر المساواة بين المتنافسين في السباق الانتخابي، يعتبر من أبرز عوامل نجاح انتخابات التأسيسي، مشيرا إلى أن المناخ السياسي في السابق لم يكن يحترم أبسط شروط التنافس.
وأشار إلى تطور المناخ السياسي الحالي قبل مرحلة الانتخابات، قائلا "لقد تشكل بعد الثورة أكثر من مائة حزب وهذا من شأنه أن يرسي منافسة حقيقية بين المرشحين".
أمّا عن المرحلة السابقة، فيقول"البيئة السياسية لم تكن ديمقراطية ولم يكن هناك أي تنافس حقيقي"، في إشارة إلى منع المواطنين من تشكيل الأحزاب والجمعيات…
من جانبه، يؤكد المحامي والناشط الحقوقي العياشي الهمامي عضو الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة (سابقا) أنّ انتخابات التأسيسي تستجيب للمعايير الدولية من حيث استقلالية الإشراف عليها وتعدد الترشحات والتكافؤ الفرص بين المتنافسين.
وأشاد بالقانون الانتخابي المنظم لانتخابات المجلس التأسيسي، قائلا إنه ضمن المساواة بين المرشحين المستقلين وممثلي الأحزاب السياسية وعزز مشاركة المرأة والشباب.
وتشارك في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أكثر من 1600 قائمة حزبية ومستقلة، تضمّ أكثر من 11 ألف مرشحا، يتنافسون على 218 مقعدا في المجلس.
وعبّر الهمامي للمصدر عن ثقته بأن تدور انتخابات 23 أكتوبر في جو من الديمقراطية والشفافية، مشيرا إلى أنّ الانتخابات السابقة كانت "مجرد انتخابات صورية هي عبارة عن تزكية للحزب الحاكم وأحزاب الديكور التابعة له".
وأشاد بالدور الذي تقوم به الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي تشرف لأول مرّة على تنظيم الانتخابات في تونس، فيما كانت وزارة الداخلية سابقا هي من تشرف على الانتخابات.
ويقول "نتائج الانتخابات السابقة كانت محسومة سلفا"، مؤكدا أنّ وزارة الداخلية كانت "أداة لتزوير نتائج الانتخابات للتمديد لبن علي"، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد طيلة 23 عاما.
وأرجع الهمامي فوز الرئيس السابق بانتخابات الرئاسة، التي جرت أعوام 1989 و1994 و1999 و2004 و2009، بنسب تقارب 90 بالمائة إلى عملية تزوير نتائجها.
وكان القانون الانتخابي السابق يمنح وزارة الداخلية سلطة الإشراف على الانتخابات. وكان وزير الداخلية يدير أيضا الحملة الانتخابية للرئيس المخلوع، وهو ما أفقده كلّ الشرعية.
ويرى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان عبد الستار بن موسى بأنّ هناك "فرق شاسع" بين الانتخابات الحالية والماضية. ويقول "في السابق لم تكن هناك انتخابات بل مسرحيات".
ويقول للمصدر "التجاوزات السابقة كانت لا تحصى ولا تعد"، مشيرا إلى أنّ التزوير في السابق كان يبدأ بالترفيع في نسبة المشاركة بتسجيل الأموات على قوائم الناخبين.
ويضيف بن موسى بأنّ قانون الانتخابات الماضية كان يوضع على مقاس الرئيس المخلوع لتثبيته في الحكم وإقصاء معارضيه الراديكاليين.
وعدّل نواب الحزب الحاكم سابقا قانون الانتخابات لإقصاء بعض المعارضين من الترشح لانتخابات 2009، مثل مصطفى بن جعفر (زعيم حزب "التكتل") ونجيب الشابي (زعيم "الديمقراطي التقدمي").
إلى ذلك، أشار بن موسى إلى تجاوزات أخرى ومنها شروع الحزب الحاكم المنحل في تعليق صور الرئيس المخلوع وتسخير وسائل الإعلام لخدمة حملته الانتخابية، قبل موعد انطلاقها بأشهر.
ولئن كان الجميع يتفق بأن تدور انتخابات التأسيسي في جو من التنافس العادل وفي إطار قانون عادل، إلا أنّ هناك من يرى أن الإطار القانوني المنظم للانتخابات تشوبه بعض العيوب.
ويقول الدكتور صادق بلعيد وهو عميد سابق لجامعة الحقوق إنّ النظام الانتخابي تضمن بعض الثغرات ومنها ما يتعلق بمنع الإشهار السياسي، مشيرا إلى أنه لم يقع وضع قانون يشرع بصفة واضحة وفعالة لتأطير الدعاية الانتخابية.
واستغلت بعض الأحزاب هذه الثغرة وأفرطت في استخدام الإشهار السياسي ضاربة بمبدأ المساواة بين المرشحين (ولاسيما المستقلين منهم) عرض الحائط، رغم قرار الهيئة المستقلة للانتخابات.
ويكشف بلعيد عن نقائص في النظام الانتخابي ومنه ما يتعلق بتمويل الحملة الانتخابية، مشيرا إلى أنّ الدولة حددت سقف دعمها العمومي للحملة الانتخابية وتركت الجانب التمويلي الأكبر على عاتق القوائم.
وأكد بأنّ الكثير من المستقلين الذين تقدموا لعضوية المجلس التأسيسي واجهوا صعوبات مالية في تمويل حملاتهم، مشيرا إلى أنّ محدودية تمويل الحملة من قبل الدولة أربك ترشح بعض المستقلين على عكس الأحزاب السياسية الكبية التي تتمتع بإمكانيات أكبر.
ويشير الدكتور صادق بلعيد إلى أنّ القانون الانتخابي لم ينظم بطريقة فعالة ودقيقة كيفية جمع وصرف الأموال من قبل الأحزاب، محذرا من آثار تدخل المال السياسي في عملية الانتقال الديمقراطي.
ويقول "كان على الحكومة قبل بدء الانتخابات أن تقوم بتحديد إطار قانوني دقيق لتمويل الأحزاب وإنفاق الأموال. أمّا الآن فقد فات الأوان بسبب اقتراب موعد الانتخابات".
من جهته، كشف المقرر العام لدائرة المحاسبات الشاذلي الصرارفي في حديث للمصدر عن وجود ثغرات قانونية في مراقبة تمويل الحملة الانتخابية ومراقبة تمويل الأحزاب وإنفاقها للمال.
ويقول "لابد من الربط بين مراقبة الأحزاب وتمويل الحملة الانتخابية لأنه قد تحصل تجاوزات خطيرة".
وأوضح بأنّ دور دائرة المحاسبات حدده القانون بمراقبة الحملة الانتخابية من خلال الحساب البنكي الخاص بكل قائمة مترشحة، لكنه يتساءل "كيف لنا أن نعرف إن لم يكن تمويل الحملة من الخارج؟".
وكشف بأنّ قانون الجمعيات يسمح للجمعيات بتمويل خزائنها من الخارج ويمنعها من تمويل الأحزاب. لكنه يتساءل "هل نحن متأكدون من أنّ جميع الأحزاب متقيدة بهذا القانون وأنها لم تقم باستغلال بعض الثغرات لتمويل أرصدتها من قبل الجمعيات".
ودعا الصرارفي إلى ضرورة إعادة النظر في قانون الجمعيات والأحزاب بعد صعود المجلس التأسيسي، من أجل إرساء قانون دقيق وواضح يتعلق بعملية تمويل الأحزاب وإنفاقها لسدّ جميع الثغرات.
|
خ ب ب |