يقترح “الكتاب الأبيض” الذي أصدرته وزارة التنمية الجهوية وسيتم تقديمه إلى الحكومة المقبلة، رؤية جديدة للتنمية الجهوية تنبني على طاقة كل جهة تونسية ومسؤوليتها في تحديد نموها الاقتصادي والاجتماعي وبنائه…
تونس – وزارة التنمية الجهوية تقدم للحكومة القادمة رؤية جديدة للتنمية في “الكتاب الأبيض” |
يقترح "الكتاب الأبيض" الذي أصدرته وزارة التنمية الجهوية وسيتم تقديمه إلى الحكومة المقبلة، رؤية جديدة للتنمية الجهوية تنبني على طاقة كل جهة تونسية ومسؤوليتها في تحديد نموها الاقتصادي والاجتماعي وبنائه . ويطمح "الكتاب الأبيض" إلى تجسيم مقاربة جديدة للتنمية الجهوية ذات أسس ديمقراطية وموجهة نحو التقليص من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين جهات البلاد . ورسم القسم الاول من "الكتاب الابيض" حصيلة الفوارق الجهوية المسجلة خلال العشريتين الأخيرتين. ولاحظ "الكتاب الأبيض" ان الجهات الداخلية هي المناطق الأقل تصنيعا في البلاد وهي تحتضن نسبيا عددا اقل من الانشطة القادرة على حفز مسار التنمية الجهوية . ويبرز الفوراق الكبيرة الموجودة بين الجهات، وخاصة تلك المتصلة بالبطالة والفقر والصحة والتعليم والاستثمار. وفي ما يهم نسبة بطالة خريجي التعليم العالي بينت هذه الوثيقة ان ولايات المناطق الداخلية التونسية تعرف نسب بطالة تتجاوز بصفة ملحوظة المعدل الوطني . وعلى سبيل الذكر لا الحصر تسجل ولاية قفصة معدل بطالة في حدود 4ر47 بالمائة، اي ضعف المعدل الوطني المقدر (3ر23 بالمائة) تليها ولايات سيدي بوزيد (41 بالمائة) وجندوبة (1ر40 بالمائة) وقابس (4ر39 بالمائة) وتطاوين (1ر39 بالمائة) والقصرين (9ر38 بالمائة ). وتشير الوثيقة ايضا الى الفوارق الجهوية في مجال الفقر، اذ اوضحت ان منطقة الوسط الغربي (القيروان وسيدي بوزيد والقصرين) هي الاكثر فقرا بنسبة 84ر12 بالمائة، اي ثلاثة اضعاف المعدل الوطني المقدر بنسبة 75ر3 بالمائة . ويبرز "الكتاب الابيض" الفوارق الكبيرة في مجال التعليم ذلك ان ولايتي القصرين والقيروان تسجلان ارفع نسب الانقطاع عن الدراسة بنسب على التوالي تصل الى 4 بالمائة و5ر3 بالمائة في ما يهم السنة الدراسية ( 2010/2009 ) تليها ولايات سيدي بوزيد (6ر2 بالمائة) وسليانة (5ر2 بالمائة) وجندوبة (6ر1 بالمائة) مقارنة ببن عروس (1ر0 بالمائة) واريانة (3ر0 بالمائة ). وفي ما يتعلق بالقطاع الصحي اعتبرت الوثيقة "ان تحسن مؤشرات الصحة يخفي تباينا جهويا ملموسا".وتبرز هذه الفوارق بين المناطق الداخلية والساحلية على مستوى معدلات مؤمل الحياة ووفيات الرضع . ويظهر "الكتاب الابيض" ان مؤمل الحياة يصل الى 77 سنة في ولايتي تونس وصفاقس في حين انه لا يتجاوز 70 سنة في ولايتي القصرين وتطاوين. واوضح ان معدل وفيات الاطفال يصل الى 21 بالمائة في الجنوب و6ر23 بالمائة بالوسط الغربي، اي معدلات ارفع من المعدل الوطني (8ر17 بالمائة)، وفق معطيات 2009 . وفي مجال الاستثمار ابرز "الكتاب الابيض"، (الصادر عن وزارة التنمية الجهوية)، ان ولايات الساحل الشمالي تستأثر بأرفع قيمة من الاستثمار الخاص بالنسبة للساكن الواحد ( 2010/1992 ). وتصل ارفعها إلى 9508 دينار"للساكن الواحد في زغوان و8672 دينار"للساكن في المنستير و8189 دينار" للساكن ببنزرت في حين تقدر في سيدي بوزيد وجندوبة وقفصة وسليانة على التوالي بقيمة 2758 دينار"للساكن و2635 دينار" للساكن و2613 دينار" للساكن و2601 دينار"للساكن . وفي سبيل تجاوز هذه الفوارق يقدم "الكتاب الابيض" 49 مقترحا يرمي اساسا الى ربط الجهات المتأخرة بالجهات المتقدمة من اجل استغلال عناصر جذب وتأثير التجمعات السكنية وإدماج كل الجهات في الاقتصاد العالمي بشكل يجعلها تنصهر في مسار تنمية نشيط ومستديم . وأوصت الوثيقة بإرساء شبكة صلبة من القطارات الجهوية السريعة بتواتر منتظم عبر استعمال البني التحتية الحالية وإرساء قاعدة بيانات جهوية حول أداء نظام المستشفيات وإرساء نسيج جمعياتي للدعم المدرسي ودعم اللامركزية . وتقترح الوثيقة أيضا تعبئة قدرات المؤسسات العمومية الكبرى وتحسيسها بضرورة خلق ديناميكية اقتصادية في الحوض المنجمي مولدة لمواطن الشغل وضمان التكامل بين الجهات وتطوير المناطق الصناعية على طول الحدود وتثمين المواقع الأثرية في المناطق الداخلية وتيسير نفاذ العموم الى الثقافة . وفي ما يتعلق بالاستثمار اوصت نفس الوثيقة بدفع الحوافز المباشرة (مساعدات ومنح للاستثمار) عوضا عن التشجيعات غير المباشرة (الاعفاء الجبائي) وحث الباعثين على الاستثمار في مجال البنى التحتية في مناطق التنمية الجهوية وتحسين البنية الاساسية للنقل داخل الجهات وفي ما بينها . واقترح "الكتاب الابيض" في الختام احداث وزارة تنمية جهوية ومحلية "حقيقية" تستعيد صلاحيات وزارة الداخلية في مجال التنمية المحلية ووزارة التجهيز في ما يهم التهيئة الترابية ووزارة التخطيط في ما يخص التخطيط الجهوي .
|
|