تناول الكاتب المصرى أحمد هريدى، فى كتابه “تونس البهية”، الفائز بجائزة “الرحلة المعاصرة”، ضمن جوائز ابن بطوطة فى دورتها الثامنة 2010/2011 رحالة مخضرم من مصر يقف فى رحلته هذه بين الحنين إلى خوض تجربة جديدة والاحتياج إلى اكتساب التجدد والفرح باصطياد المعرفة …
“تونس البهية” للكاتب المصري احمد هريدى يفوز بجائزة “ابن بطوطة”
تناول الكاتب المصرى أحمد هريدى، فى كتابه "تونس البهية"، الفائز بجائزة "الرحلة المعاصرة"، ضمن جوائز ابن بطوطة فى دورتها الثامنة 2010/2011 رحالة مخضرم من مصر يقف فى رحلته هذه بين الحنين إلى خوض تجربة جديدة والاحتياج إلى اكتساب التجدد والفرح باصطياد المعرفة وإغناء الروح، وهو يرحل من أرض الكنانة إلى تونس الخضراء التى تهفو إليها روحه بلهفة الباحث العاشق.
ويقارن الرحالة بين تغريبة الشباب العربي المهاجر إلى بلاد الشمال البارد، ويتساءل، ما أوجه الشبه والاختلاف بينها وبين تغريبة بدو بنى هلال الذين شدوا إليها الرحال من صعيد مصر، دون أن ينسى قوارب الموت فى عصرنا؟.
يقدم "هريدى" كتابه فى نص أدبى يمزج بين وقائع التاريخ بملامح الجغرافيا ويقدم العديد من الأعلام العربية والأجنبية ولا يخفى ألمه من تلك القطيعة غير المبررة بين مغرب العالم العربى ومشرقه على صعد شتى، فى مقدمها الفن والثقافة.
ويطوف الرحالة بين أجمل المدن والمعالم الحضارية من ياسمين الحمامات إلى قرطاج سيدة البحر وحاضرة العالم القديم، وعلى ساحلها الرملى ينتظر رسو خمسة مراكب شراعية تقودها خمس نساء (أربع منهن أوروبيات والخامسة التونسية "فريال شقرون") بدأن رحلتهن البحرية الاستعادية من شاطئ مدينة "صور" اللبنانية ووجهتهن شاطئ مدينة قرطاج، تلك الرحلة التى تتبعن فيها مسار الأميرة "عليسة" فى رحلتها البحرية القديمة الشهيرة دون توقف من صور إلى قرطاج، عابرة مسافة تقرب من 1500 ميل فى البحر الأبيض المتوسط.
وعند سور حجرى يهتف الرحالة بأسى شفيف: أنظر إلى البحر الأبيض المتوسط، وأصيخ السمع، علنى أستمع إلى صوت الأم المتحسرة على سقوط الأندلس، وهى تصرخ فى وجه ابنها "عبد الله الصغير": "إبكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال".
وفى مكان آخر يكتب: ستون كيلو مترا تقريباً قطعتها الحافلة من الحمامات إلى مشارف العاصمة تونس، ولم يكن من الطبيعى أن تظل تونس فى تسعينيات القرن العشرين، التى نصف سكانها تحت الخامسة والعشرين من أعمارهم، يحكمها حاكم قارب التسعين لمدة 11 عامًا.
ويربط الرحالة بين مصر وتونس بخيط مسلول من سجادة معارف العروبة والثقافة والعلم، مستعيدا تلك الذكرى العطرة لصاحب "تونس الشهيدة" الشيخ عبد العزيز الثعالبى الذى أمضى سنوات فى القاهرة محاضراً فى الأزهر خلال مرحلة نفيه من بلاده تونس، ويرسم رحالتنا المولع بفضاءات تونس البهية صورا شتى لمناظر ومعالم من بلاد الزيتون والياسمين أسرت روحه وغمرت وجدانه وأطلقت لمخيلته الأدبية العنان، ولم ينس الرحالة المصرى وهو يطوف فى أرجاء تونس أن يتذكر العلامة ابن خلدون المدفون فى مصر.
رحلة معاصرة غطت الجغرافية التونسية من تونس العاصمة إلى الحمامات وقرطاج وسوسة ونابل والقيروان؛ غنية بالمشاهدات والصور والإشارات الحميمة والمكتنزة بالمعانى السامية التى اصطادتها بصيرة تقرأ الواقع وتعيد إحياء أزمنة الناس والعمران، استحق عنها بجدارة جائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة.