مازال مصير مئات المفقودين في موجة الهجرة السرية يلقي بضلال حزينة على حياة عائلاتهم، التي أصبحت ضحايا الإشاعات والابتزاز واللامبالاة.
ومازالت مئات العائلات التونسية تعيش على أمل عودة أبنائهم، مطالبة السلطات التونسية بمحاولة البحث عنهم، إلا أنّ الإدارة بقيت على حالها.
تونس-المهاجرون المفقودون: متى تكشف الحكومة عن معلوماتها؟ |
مازال مصير مئات المفقودين في موجة الهجرة السرية يلقي بضلال حزينة على حياة عائلاتهم، التي أصبحت ضحايا الإشاعات والابتزاز واللامبالاة.
ومازالت مئات العائلات التونسية تعيش على أمل عودة أبنائهم، مطالبة السلطات التونسية بمحاولة البحث عنهم، إلا أنّ الإدارة بقيت على حالها.
ولئن تغافلت العديد من المنظمات الحقوقية عن الخوض في هذه المسألة، إلا أنّ نبض الدفاع عن حقوق الإنسان مازال حيّا لدى بعض الجمعيات.
فرغم حداثة نشأته كان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي يضمّ باحثين وحقوقيين، سبّاقا في إلقاء الضوء على قضية المفقودين.
وتزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للمهاجرين الموافق ليوم 18 ديسمبر، طرح المنتدى في ندوة صحفية بالأمس دراسة أعدها بشأن المهاجرين المفقودين.
وكشفت الدراسة التي أجريت على حدود 250 مهاجرا مفقودا أنّ نحو 36 بالمائة من المفقودين هم في ريعان شبابهم وتتراوح أعمارهم ما بين 20 و 24 سنة.
ولاحظت أنّ 11 بالمائة من المفقودين هم مراهقون، أعمارهم ما بين 15 و19 سنة، وهو مؤشر يبعث على القلق حول الخطر الذي يهدد الشباب بسبب البطالة.
وأشارت الدراسة إلى أنّ المهارجين المفقودين من الشريحة العمرية التي يتراوح سنها بين 30 و34 سنة كانت الأقل في حدود 12 بالمائة، بينما يرتفع عددهم في الشريحة العمرية التي يتراوح عمرها ما بين 25 و29 سنة، أي الأقل سنا.
وحسب الدراسة، تظهر الشرائح المهنية أنّ 24 بالمائة من المهاجرين المفقودين هم تلاميذ، و18 بالمائة من أصحاب الأعمال الهشة، و27 بالمائة من العمال.
وتشمل الهجرة السرية خصوصا الأحياء الفقيرة والمهمشة بالعاصمة مثل حي الملاسين وجبل الأحمر والكبارية وسيدي حسين السيجومي، إضافة إلى بعض الأحياء الفقيرة في ولايات أخرى مثل صفاقس وجرجيس وسوسة وسيدي بوزيد…
ويقول مهدي مبروك الباحث الاجتماعي وأحد أعضاء المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن الدراسة تركزت على 250 عائلة اتصلت مباشرة بالجمعية.
وأشار إلى أنّ الدراسة لا يمكن أن تمثل جميع المهارجين، مرجعا ذلك إلى شحّ المعلومات التي تمنحها السلطات التونسية إلى الباحثين الاجتماعيين في الظاهرة.
وقال مهدي مبروك، وهو باحث معروف لديه العديد من المؤلفات في الهجرة وانتقد النظام السابق بسبب الحصار المفروض على المعلومة، إنّ وزارتي الخارجية والداخلية لم تعدلا ساعتهما على قانون الوصول إلى المعلومة.
وأكد في السياق نفسه أنّ السلطات الإيطالية تقوم أسبوعيا بترحيل عدد من التونسيين بصفة قسرية، من دون أن تكشف السلطات التونسية عن العدد.
وشهدت الشواطئ الإيطالية موجة نزوح عبر القوارب انطلاقا من السواحل التونسية ارتفاعا خاصة بعد الشهرين الأولين من سقوط النظام السابق بسبب غياب الأمن.
ويقدرّ أعضاء المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن يصل عدد المهاجرين السريين باتجاه السواحل الإيطالية بعد الثورة إلى ما بين 35 ألف و40 ألف مهاجر.
ويعيش آلاف المعتقلين في مراكز الاعتقال الإيطالية ولاسيما بجزيرة لامبادوزا وضعا صعبة، ولم تكشف السلطات التونسية أو الإيطالية أيّة تقارير عن أوضاعهم هناك.
ويسعى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى الاتصال بالسلطات التونسية والإيطالية لإماطة اللثام عن حقيقة أوضاع المهاجرين المعتقلين والمفقودين.
وسيرتكز عمل المنتدى في المرحلة المقبلة على حثّ السلطات التونسية (المجلس التأسيسي والحكومة الجديدة المؤقتة) إلى تحمل مسؤلياتها تجاه المهاجرين بوصفهم مواطنين تونسيين يتمتعون بحقوقهم.
ويدعو المنتدى إلى ضرورة تكوين لجنة مستقلة لتقصي الحقائق في ما يخص مصير مئات المفقودين، كما يطالب بأن تتكفل الدولة التونسية بدعم ومساعدة عائلاتهم.
من جهة أخرى، يشدد المنتدى على ضرورة التخلي عن المقاربات الأمنية في حلّ ملف الهجرة بما يتلاءم مع المعايير الدولية ومقتضيات سياسة حسن الجوار المفترضة.
واعتبر أنّ نجاح العملية الانتقالية في تونس يقتضي من الدول الأوروبية التخلي عن سياسة الترحيل القسرية للمهاجرين بصفة عامّة.
|
خميس بن بريك |