الاعتصامات في تونس.. من سلبية المبزع والسبسي إلى حزم المرزوقي والعريض

تتحرك أطراف عديدة هذه الأيام للتنديد بظاهرة الاعتصامات والاحتجاجات، فيما مرت أطراف أخرى مباشرة إلى التهديد والوعيد على غرار رئيس الدولة ووزير الداخلية الجديد. أما الموقف النقابي الرسمي فيرفض مثل هذه التهديدات للمعتصمين والمحتجين والمضربين…



الاعتصامات في تونس.. من سلبية المبزع و السبسي إلى حزم المرزوقي والعريض

 

تتحرك أطراف عديدة هذه الأيام للتنديد بظاهرة الاعتصامات والاحتجاجات، فيما مرت أطراف أخرى مباشرة إلى التهديد والوعيد على غرار رئيس الدولة ووزير الداخلية الجديد. أما الموقف النقابي الرسمي فيرفض مثل هذه التهديدات للمعتصمين والمحتجين والمضربين.

 

وما من شك أن ظاهرة الاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات عن العمل وقطع الطرقات قد أصبحت مهددا فعليا للسير العادي لدواليب الدولة خاصة الاقتصادية.

 

لكن لا أحد ينكر قداسة الحق في الإضراب والحق في الشغل  والحق في الأجر المحترم وظروف العمل الجيدة  والمكافآت عن المجهودات المهنية، غير أن  ذلك يجب أن يمر عبر مسالك الحوار العادية وليس عبر قطع الطرقات وإيقاف عمل المصانع ومنع خروج السلع من المخازن والموانئ.

 

سلبية المبزع و قائد السبسي

 

كان المواطن العادي أول من ندد  طيلة الأشهر الماضية بالظاهرة بعد أن اكتوى بنارها عندما أصبح مهددا في غذائه وغذاء أبنائه، بسبب افتقاد الخبز والحليب والبيض والغاز وغيرها من المواد الحساسة، وأيضا عندما أصبح يجد صعوبة في قضاء مصالحه بسبب إضراب وسائل النقل والإدارات وغيرها من المصالح الحيوية الأخرى.

 

لكن صوت المواطن وصوت المجتمع المدني لم يجد مساندة فعلية وعملية من حكومة قائد السبسي التي تكتفي في كل مرة بالتنديد عبر خطابات الوزير الأول أو عبر تصريحات الوزراء والمسؤولين لوسائل الإعلام رغم تلويح قائد السبسي ذات مرة بتطبيق قانون الطوارئ.

 

واستفحلت ظاهرة الاعتصامات بعدما وجدت أطراف عديدة في هذه اللامبالاة من الحكومة السابقة مطية لركوب صهوة الاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات بلا ضوابط ، والمهم بالنسبة إليهم هو تحقيق منافع شخصية كالزيادات في الأجور والترسيم وتوفير امتيازات مهنية دون مبالاة بالمصلحة العليا للبلاد وبالخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني يوميا جراء هذه الأعمال.

 

حزم ورفض

 

لكن يبدو أن هذه الصورة السيئة التي شوهت جمالية مشهد الثورة في طريقها إلى الزوال اليوم بعد شعور المسؤولين الحاليين (عكس المبزع وقائد السبسي) أن الحل لا يكمن فقط في دعوة المعتصمين والمحتجين والمضربين وكل من يعطل المصالح الحيوية للبلاد إلى الكف التلقائي عن صنيعهم، فهذا قد يأتي في مرحلة أولى، لكنه يكمن أيضا في تطبيق القانون.

 

رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي قالها بالحرف الواحد الأسبوع الماضي في كلمته أمام رجال الأعمال أنه إذا فشلت كل مساعي اقناع المعتصمين والمحتجين فإن القانون سيكون آنذاك الفيصل خاصة إذا تعلق الأمر بمصالح حيوية للدولة وباقتصادها، لأن هذه المظاهر في رأي المرزوقي "انتحار جماعي" ولا توجد سلطة في العالم تقبل بالانتحار الجماعي.

 

أما وزير الداخلية الجديد علي العريض فقال إن وزارة الداخلية لن تتسامح مستقبلا مع الاعتصامات العشوائية التي باتت تهدد مصالح البلاد و ستتصرف تجاهها وفق ما يمليه القانون.

 

وعلى مستوى آخر، أعلن محامون أنهم سيقاضون كل من يعطل المصالح الحيوية للبلاد عبر الاعتصامات العشوائية.

كما أعلن نقابيون خلال مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل بطبرقة عن ادانتهم لظاهرة الاعتصامات الفوضوية التي تعطل السير العادي للمؤسسات وتزيد في تفاقم البطالة مطالبين بالتصدي لها.

 

غير أن عبيد البريكي الأمين العام المساعد للاتحاد سابقا والناطق الرسمي باسم مؤتمر طبرقة أعلن أن الاتحاد يرفض كل أشكال التهديد تجاه المعتصمين والمحتجين والمضربين أو مجابهتهم بالقوة باعتبار أن منفذيها مظلومين وحقوقهم منتهكة طيلة السنوات الماضية وهم يطالبون  برد الاعتبار لهم لا غير.

 

المفارقة في ملف الاعتصامات والاحتجاجات تبدو كبيرة للغاية فمن جهة يتعلق الأمر بأحد الحقوق الانسانية الأساسية وهو حق الشغل، ومن جهة أخرى يهم المصلحة العليا للبلاد. ويبقى الأمل في التوصل إلى حلول توفيقية لا تزيد في تفاقم الوضع وفي تشويه الصورة الجميلة للثورة التونسية.

 

وليد بلهادي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.