تحمل زيارة الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي الذي وصل إلى ليبيا، يوم الإثنين 02 جانفي 2012، دلالة مهمة كونها الزيارة الأولى التي يؤديها المرزوقي خارج البلاد، والأمر الثاني يتعلق بالبلد المقصود والذي يتوقف عليه جانب كبير من استقرار تونس الأمني ونموها …
المرزوقي في ليبيا من أجل الأمن والإقتصاد |
تحمل زيارة الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي الذي وصل إلى ليبيا، يوم الإثنين 02 جانفي 2012، دلالة مهمة كونها الزيارة الأولى التي يؤديها المرزوقي خارج البلاد، والأمر الثاني يتعلق بالبلد المقصود والذي يتوقف عليه جانب كبير من استقرار تونس الأمني ونموها الاقتصادي. ويرافق المرزوقي إلى العاصمة الليبية طرابلس وفد وزاري اقتصادي وأمني كبير حيث ينتظر أن يجتمع الرئيس التونسي المؤقت بكبار المسؤولين الليبيين وعلى رأسهم المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي والدكتور عبد الرحيم الكيب رئيس الوزارء لمناقشة مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين. ويسعى مسؤولو البلدين إلى ترسيخ العلاقات الثنائية والتأكيد على روح التعاون والتكامل في ظل التوترات الأمنية المتكررة على حدود البلدين والتي تردد صداها بقوة لدى الرأي العام ووسائل الإعلام في البلدين. ومنذ سقوط نظام معمر القذافي وعلى عكس المنتظر ظهرت عدة توترات كادت أن تؤدي إلى إشعال الفتنة بين الشعبين غير أن السلطتين الإنتقاليتين في تونس وطرابلس ما فتأت تؤكد على الطابع الفردي لتلك الأحداث، وقد اختار ديبلوماسيو البلدين في الغالب سياسات التهدئة والتشاور والتنسيق لسد الطريق أمام أي فتنة محتملة وإبعاد كوابيس الماضي. وكان قرار القضاء التونسي الاحتفاظ برئيس الوزراء السابق السابق البغدادي المحمودي، تحت ضغط المنظمات الحقوقية، الحلقة الأولى في سلسلة التوترات بين البلدين وقد فجر ذلك القرار ردود فعل غاضبة في ليبيا حيث يطالب الحكام الجدد باسترجاعه لمحاكمته بتهم المشاركة في جرائم نظام القذافي. وفي المقابل يردد الكثير من التونسيين في المدن الجنوبية ذات الارتباط الاقتصادي والتجاري الهش بليبيا أنهم يتعرضون للعنف والإهانة من مجموعات ليبية، لكن السلطات الانتقالية في طرابلس ألقت باللائمة على ما تسميهم بفلول نظام القذافي بالوقوف وراء تلك الأحداث بهدف إشعال المنطقة وإرباك الأنظمة الجديدة. كما عانت الأجهزة الأمنية التونسية بدورها في منافذ العبور المشتركة مع ليبيا من تكرر الهجمات المسلحة من قبل جماعات غير نظامية من الجانب الليبي ما أدى إلى غلق المعبر بصفة مؤقتة من الجانب التونسي لعدم توفر الظروف الأمنية الملائمة للعمل وشروط السلامة للمسافرين. ولكن برزت كذلك على السطح عدة علامات ايجابية من الجانبين رسخت صور التكامل التاريخية بين الشعبين أثناء الحرب الليبية التي آوى فيها التونسيون العائلات الليبية اللاجئة وتقاسموا معهم بيوتهم وزادهم. وقد تواترت القوافل الإنسانية من منظمات المجتمع المدني في الاتجاهين كما تكثفت اللقاءات والندوات الاقتصادية بين رجال الأعمال الليبيين والتونسيين بهدف فتح آفاق جديدة للاستثمار. وعلى المستوى الرسمي، فمن دون شك سيكون الملف الأمني على رأس الإهتمامات المشتركة خلال زيارة المرزوقي الى ليبيا كونه العنصر الأساسي لتأمين المنطقة ضد نشاطات التنظيمات الإرهابية. كما أن الأمن شرطا ضروريا من أجل البناء الاقتصادي والتنمية في تونس وإعادة الإعمار وبناء الدولة الحديثة في ليبيا. ولكن المرزوقي بقدر إصراره على الأمن الداخلي والخارجي لدفع عجلة الاقتصاد فإنه يسعى أيضا إلى تأمين حصة تونس في مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا والتي من المتوقع أن تجلب نحو 200 ألف من اليد العاملة التونسية في مشاريع البناء والاتصالات والطاقة والبترول والمواد الغذائية، ما من شأنه أن يخفف من الأعباء الثقيلة على حكومة الجبالي الوليدة في جهودها لامتصاص نسب البطالة المترفعة. ومنذ سقوط نظامي القذافي وبن علي، يتحدث السياسيون في البلدين عن آفاق تعاون واعدة ستعود بالنفع على المنطقة في مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم والصناعة والتجارة. ويطالب الاقتصاديون، التونسيون والليبيون، بتعزيز الاندماج بين الجهات من البلدين من خلال مد الطرق والمواصلات وتكثيف الرحلات الجوية وتركيز منطقة تبادل حر بين البلدين وتوحيد المعاملات الجمركية وتيسير تنقل الأفراد ورؤوس الأموال والتخطيط لعملة موحدة من أجل التكامل الاقتصادي. وقال الحبيب الهمامي رئيس مكتب الممثلية التجارية التونسية في بنغازي إنّ على رجال الأعمال التونسيين أن يكثفوا من زياراتهم إلى ليبيا للتعرف على الإستثمار والتعاون إلى جانب الإمكانيات التي يشتمل عليها الشرق الليبي . وأضاف الهمامي في تصريحات سابقة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أنّ "دفع الحركة التجارية وضمان إرساء مناخ استثماري آمن يحتاج إلى وضع إطار قانوني جديد للمبادلات التجارية في ليبيا يعوض بعض التنظيمات السابقة ويسد الفراغات التشريعية الموجودة." ولكن الفراغ التشريعي ليس العائق الوحيد حاليا للنهوض بالاستثمارات والمبادلات التجارية بين البلدين خاصة في ظل عدم استكمال البناء المؤسساتي للدولة في ليبيا، وهو مجال يمكن أن تلعب فيه تونس دورا حاسما انطلاقا من خبرتها التقنية والفنية في مساعدة الشريك التجاري الأول في المنطقة المغاربية.
|
طارق القيزاني |