أثارت وفاة رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة في تونس، عبد الفتاح عمر، ظهر الاثنين، جملة من التساؤلات خصوصا أن هذه الوفاة تزامنت مع تنامي الحديث حول الرجل في الأيام الأخيرة…
حملة منظمة وراء موت عبد الفتاح عمر؟
أثارت وفاة رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة في تونس، عبد الفتاح عمر، ظهر الاثنين، جملة من التساؤلات خصوصا أن هذه الوفاة تزامنت مع تنامي الحديث حول الرجل في الأيام الأخيرة.
الملاحظون يرون أن المرحوم عبد الفتاح عمر تعرض منذ توليه لمهامه على رأس اللجنة وإلى حدود الأيام الأخيرة إلى حملة منظمة، اشتركت فيها عدة أطراف.
وكانت أولى الحملات ضده قد انطلقت منذ الاعلان عن ترأسه اللجنة في مارس الماضي حيث طالب محامون بتنحيته من رئاستها على أساس ما وصفوه بـ "عدم كفاءته".
ورفعوا دعوى في تجاوز السلطة أمام المحكمة الإدارية للمطالبة بإلغاء الأمر الذي اتخذه رئيس الجمهورية المؤقت آنذاك فؤاد المبزع والقاضي بتعيين عبد الفتاح عمر على رأس اللجنة.
وتواصلت بعد ذلك الانتقادات لعمل اللجنة خاصة بمناسبة زيارتها للقصر الرئاسي بسيدي الظريف وكشفها عن كميات من الأموال والمصوغ داخله، حيث اتهم كثيرون آنذاك عبد الفتاح عمر بفبركة المشاهد بالتواطئ مع حكومة الغنوشي.
وواجهت اللجنة على امتداد الأشهر الماضية انتقادات لاذعة بشأن طريقة عملها وبعض ملفات الفساد التي فتحتها وخاصة تلك التي أوردتها في تقريرها الأخير المكون من أكثر من 300 صفحة.
وقد أكد عبد الفتاح عمر آنذاك ان "اللجنة أنجزت الكثير وما تبقى أكثر" ملاحظا انها تصدت لكل محاولات الإرباك والتشكيك والتهديد والتخويف التي تعرضت لها وقامت بعملها في كنف احترام أعراض الناس خاصة وان "كل مواطن يتمتع بقرينة البراءة وان القضاء هو الوحيد الذي له الكلمة الفصل.
وتوحي تلك التصريحات بأن اللجنة بأعضائها وأيضا في شخص رئيسها تعرضت لبعض التهديدات والتخويف من قبل متورطين حد النخاع في الفساد حتى لا تكشفهم أعمال التقصي والتحقيق.
وكانت آخر الانتقادات تجاه اللجنة نهاية نوفمبر الماضي عندما قادها عبيد البريكي الناطق الرسمي السابق باسم الاتحاد العام التونسي للشغل حملة ضد اللجنة على خلفية اتهامها للأمين العام السابق عبد السلام جراد بالفساد المالي خلال عهد بن علي وبحصوله مع أفراد من عائلته على مقاسم بناء بجهة عين زغوان بأحواز العاصمة.
كما تلقى المرحوم عبد الفتاح عمر انتقادات لاذعة من وجوه إعلامية بعد ان كشف تورطها في الحصول على مبالغ مالية طائلة من وكالة الاتصال الخارجي خلال العهد البائد وبعد ان قدم ملفا كاملا يحمل أسماء صحفيين معروفين إلى النيابة العمومية.
وفي الأيام الأخيرة قد بلغ الأمر بلغت الانتقادات حد اتهامه هو الآخر بالتورط في ملفات فساد خلال فترة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وقد تم مؤخرا على موقع فايس بوك ترويج وثائق تتهمه بالحصول على مبلغ مالي يقدر بـ8 آلاف دولار على دفعات من وكالة الاتصال الخارجي، أيام حكم بن علي.
وخلال الأيام الاخيرة أفاد الكثير من المقربين من عُمر ( زملاءه في اللجنة – أصدقاءه – طلبة بكلية العلوم القانونية ) أن المرحوم مر خلال الفترة الأخيرة بضغوط نفسية كبيرة.
وقد هدد عبد الفتاح عمر، باللجوء إلى القضاء للتصدي لكل أشكال الثلب والإدعاء بالباطل ونشر معطيات شخصية محمية قانونياً، للعموم لكن الموت فاجأه دون ان يقدر على تتبع المسيئين له.
ويرى كثيرون أن وفاته بسكتة قلبية أثناء ممارسته تمارين رياضية تعود إلى تلك الضغوطات النفسية التي تعرض لها طيلة العام الماضي واحتدت في المدة الأخيرة.
وللتذكير فإن عبد الفتاح عمر يبلغ من العمر 69 عاما هو استاذ جامعي وعميد سابق في القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية.