رغم مرور عام على هروب الرئيس السابق زين العابدين بن على إلى السعودية لينهى حكمه الذي دام 23 سنة فان الأحداث التي دارت يوم 14 جانفي 2011 داخل القصر الرئاسي لا تزال تفاصيلها غير مكتملة لدى التونسيين الذين يتطلعون إلى معرفة حقيقة ما جرى في ذلك اليوم الحاسم من تاريخ البلاد….
أسرار لم تكشف في اليوم الأخير لبن علي داخل قصر قرطاج |
رغم مرور عام على هروب الرئيس السابق زين العابدين بن على إلى السعودية لينهى حكمه الذي دام 23 سنة فان الأحداث التي دارت يوم 14 جانفي 2011 داخل القصر الرئاسي لا تزال تفاصيلها غير مكتملة لدى التونسيين الذين يتطلعون إلى معرفة حقيقة ما جرى في ذلك اليوم الحاسم من تاريخ البلاد. ولم تقدم الحكومة التونسية الرواية الرسمية لأحداث 14 جانفي وملابسات فرار بن علي، مما فتح المجال للصحافة المحلية والعالمية للاستقصاء حول أسرار أحداث القصر الرئاسي والتي اعتمدت على شهادات من مصادر أمنية مطلعة ومن مستشارين لبن علي، إلى جانب شهادتي رضا قريرة وزير الدفاع آنذاك وعلي السرياطي المدير العام للأمن الرئاسي المتهم بجرائم قتل شهداء تالة والقصرين والتآمر على أمن البلاد ، وكذلك على تصريحات النقيب سمير الطرهوني.
وتتلخص أحداث يوم 14 جانفي بالقصر الرئاسي حسب ما نشر في الصحافة التونسية والعالمية كالآتي: كما شهدت العاصمة انفلاتا أمنيا وعمليات حرق لمقرات أمنية ومؤسسات عمومية وتعرض أصهار بن علي الطرابلسية بحلق الوادي والمرسي إلى تهديدات وتعرضت منازلهم للنهب والحرق. وأمام هذه التطورات أعلم علي السرياطي مدير عام الأمن الرئاسي بن على بأن الوضع في العاصمة خطير وخارج السيطرة وأنه يجب ترحيل عائلته وأن كل من قصري قرطاج وسيدي بوسعيد يحاصرهما أفراد منشقون من قوات الأمن بل وحتى أراه بإشارة من يده زورقين يجوبان البحر بين قرطاج ومقر إقامته بسيدي بوسعيد كما أراه طائرة هيليكوبتر. كما قال له كذلك أن هناك معلومات تفيد بأن عون أمن من الحراسة المقربة كلف بقتله قد أكدها جهاز مخابرات لبلد صديق دون أن يوضح إسم العون ولا إسم الجهاز وبلده. وألح عليه أن يأذن لزوجته وأبنائه كي يغادروا البلد دون تأخير. وأوضح له كذلك أن حراسة المرافقة جاهزة وكذلك مخطط الرحلة التي ستكون في اتجاه طرابلس ثم جدة. وأمام خطورة الوضع وإلحاح علي السرياطي قبل بن علي أن تسافر عائلته إلى جدة. وقد غادر الركب قصر قرطاج على الساعة الخامسة مساء في اتجاه مطار العوينة حيث كانت الطائرة الرئاسية على أهبة الإقلاع. وفي المطار عاد السرياطي ليلح هذه المرة على أن يرافق بن علي بنفسه عائلته إلى جدة ثم يعود بما يعني غيابا لبضع ساعات بل اقترح حتى أن يرافقه ويعود مباشرة بعد أن يوصلهم لكنه رفض.. وفي نهاية المطاف قبل أن يرافق عائلته حتى ولو تظل الطائرة في انتظاره ليعود بمفرده في نفس المساء، لكن الطائرة عادت يوم 15 جانفي بدونه. وتداول التونسيون هذه الرواية بكل احتراز نظرا إلى أنها تشكو من العديد من النقائص ولا تحمل إجابات واضحة حول التفاصيل الدقيقة لعملية فرار بن علي وملابسات ما جرى داخل القصر والمكالمات الداخلية التي أجراها بن علي، إلى جانب شح المعلومات حول الدور الحقيقي لقائد أركان الجيش رشيد عمار في ذلك اليوم وحقيقة طائرة الهليكوبتر التي كانت تحوم فوق القصر الرئاسي والزورقين اللذين كانا يجوبان البحر بين قرطاج وسيدي بوسعيد. كما تحوم الشكوك حول الدور الحقيقي لعلي السرياطي الذي أكد أنه قام بإجبار بن علي على ركوب الطائرة لتجنيب البلاد حماما من الدم فيما يتهم من قبل المحكمة العسكرية بالتآمر على الدولة عبر محاولته الاستيلاء على الحكم وإدخال البلاد في دوامة من الفوضى تمهيدا لإرجاع بن على إلى سدة الحكم. وتضاربت شهادتي كل من رضا قريرة وزير الدفاع آنذاك وأحمد فريعة وزير الداخلية حول المكالمات الهاتفية التي تلقوها من زين العابدين بن على وحقيقة أمره بإطلاق النار على المتظاهرين بشارع الحبيب بوقيبة. كما يلف الغموض دور قيادات أمنية في تسريع عملية هروب بن علي خاصة وأن أخبارا راجت داخل القصر الرئاسي وأفادت بأن عنصرا أمنيا كلف بقتل الرئيس السابق إلى جانب عدم الكشف عن دور المخابرات الفرنسية والأمريكية في عملية تهريب بن على دون محاكمة إلى السعودية.
|
مريم التايب |