ارتبطت الكتابة عن السجون كنمط أدبي في تونس بسبب الاستبداد الذي كان يفرضه النظام القمعي السابق، الذي زج بمعارضيه في الرأي من السياسيين أو الحقوقيين أو الإعلاميين أو المبدعين في غياهب السجون المظلمة…
هل يندثر أدب السجون بعد الثورة التونسية؟ |
ارتبطت الكتابة عن السجون كنمط أدبي في تونس بسبب الاستبداد الذي كان يفرضه النظام القمعي السابق، الذي زج بمعارضيه في الرأي من السياسيين أو الحقوقيين أو الإعلاميين أو المبدعين في غياهب السجون المظلمة.
والنماذج الّتي صوّرت هذه الظاهرة والتي كتبت خلف قضبان السجون جديرة بالاهتمام ومن بينها رواية "الحبس كذاب والحي يروح" وهي عبارة عن يوميات للكاتب فتحي بلحاج يحي في السجن، و"برج الرومي" للكاتب والسجين السياسي السابق سمير ساسي، الذي قضى 10 أعوام في غياهب "برج الرومي" تحت سطوة التعذيب بسبب انتمائه الإسلامي في عهد الديكتاتور المخلوع.
وعرف هذا النوع الأدبي نجاحا باهرا قبل الثورة رغم السرية في توزيعها ومحاولات الحجب التي اعتمدها النظام السابق لطمس معالم جرائمه، لكن اندلاع الثورة التونسية جعلت الطريق مفتوحا أمام هؤلاء الكتاب لطباعة وتوزيع مؤلفاتهم التي نفدت من السوق بسبب شراهة الناس على مطالعتها.
المصدر التقى بالكاتب سمير ساسي، الأربعاء، بدار بان رشيق على هامش الندوة الدولية التي تنظمها وزارة الثقافة احتفاء بالذكرى الأولى للثورة بعنوان "الثورة بعيون روائيين عرب" وحاوره حول مستقبل أدب السجون في تونس بعد سقوط مرحلة الاستبداد.
والإشكالية مطروحة أصلا في ذهن هذا الروائي الذي يتساءل في أعماقه عن مستقبل هذا أدب السجون، النمط الذي يقول عنه سمير ساسي إنه انتعش بفضل الأنظمة العربية "التي اشتهرت بديكتاتورياتها وسجونها"، لكنه قد يواجه اندثارا مع سقوط الديكتاتورية وبناء دولة القانون.
ويروي ساسي للمصدر كيف نقل في روايته "برج الرومي" وقائع التعذيب والتجاوزات، التي عايشها في ظل النظام النوفمبري السابق مع سجناء الرأي وسجناء الحق العام داخل الزنزانة بأسلوب يقطع مع السيرة الذاتية النمطية.
وعن آفاق هذا الشكل الأدبي يقول "الكتابة في المستقبل ستكون حول آثار المرحلة الماضية"، راجيا أن لا تطل تجاوزات جديدة برأسها داخل السجون أخرى حتى لا تبقى الكتابة متعلقة بالسجون.
ويقول "السجون التي هي مؤسسات عقابية ضرورية في المجتمعات والكتابة ستكون من أجل نبذ انتهاك حقوق الإنسان داخل وحتى يحترم السجن الكرامة الإنسانية".
ويرى ساسي أنّ مسؤولية المبدع بعد مرحلة الاستبداد تكمن في الدفاع عن قيم الحرية والكرامة التي ناضل من أجلها، لأنّ "القارئ يحتاج في مرحلة التأسيسي إلى ثقافة الحرية والتعايش والإبداع".
|
خميس بن بريك |