يتطلع الإعلاميون في تونس إلى تحول فعلي للقطاع يواكب عملية الانتقال الديمقراطي لكن عراقيل كثيرة مازالت تشكل حجر عثرة لذلك التحول المنشود…
يوم احتجاجي في قطاع الإعلام: فهل تفهم السلطة الرسالة؟ |
يتطلع الإعلاميون في تونس إلى تحول فعلي للقطاع يواكب عملية الانتقال الديمقراطي لكن عراقيل كثيرة مازالت تشكل حجر عثرة لذلك التحول المنشود. ويريد الصحافيون من خلال الإضراب العام الذي أعلن الإربعاء ودعت إليه المؤسسة النقابية وشمل كامل المؤسسات الإعلامية التعبير أولا عن امتعاضهم من واقع الإعلام وتعثر عملية الإصلاح التي تعني في المقام الأول حرية التعبير والعمل خارج الوصاية والتضييق، وإيصال رسالة إلى السلطة. وعلى النقيض من التهافت الحزبي والسياسي الذي عرفته البلاد في الأشهر الماضية تواجه عملية الانتقال الديمقراطي في المجال الإعلامي صعوبات كثيرة. ولا تعكس المؤشرات الحالية عن نوايا واضحة لإطلاق الحريات بما يتناسب مع المناخ الديمقراطي والتعددي الذي يتطلع إليه التونسيون بكافة شرائحهم وميولاتهم. وجاءت التعيينات الفوقية في المؤسسات الإعلامية العمومية بشكل فجائي لتطرح نقاط استفهام جديدة حول ما إذا كانت النية لدى السلطة التحكم من جديد في رقاب الإعلام وتوجيهه بشكل يتناغم مع الخط السياسي الرسمي وهو أمر يتضارب مع بديهيات الوظيفة الأساسية للإعلام العمومي في الدول الديمقراطية التي يدفع فيها المواطنون ضرائب مقابل تلك الخدمات. وبات الإعلامي اليوم يدفع ضريبة غالية مقابل التطلع إلى وضع طبيعي يمارس فيه مهنته. فعلاوة على التجاذبات السياسية التي تلقي بظلالها على الأداء المهني لعدد من المؤسسات وتهز من مصداقيتها وحياديتها وموضوعيتها بسبب ضغوط السلطة والشارع فإن الأمر الأخطر أصبح يترصد أمن الصحافيين أنفسهم وسلامتهم الجسدية. وقد أطلق الإعلاميون في كافة المؤسسات على مدار الأيام الأخيرة صيحة فزع لا يبدو أن الحكومة قد التقطت صداها، بعد أن بات التعرض للصحافيين بالضرب والركل والنطح أمرا مباحا في الشوارع وعلى الملأ، فضلا عن السب والشتم والتهديدات اليومية بالعنف والقتل دون أن تحرك الحكومة ساكنا. ومع أن الزلزال المدوي الذي أحدثته الثورة التونسية في العالم والتي كانت بمثابة الإعلان عن نهاية آخر عصور الديكتاتوريات إلا أن مناخ الإعلام ما زال لم يخرج نهائيا من براثن ذلك النظام بل إن مؤشرات العنف اليوم من شأنها أن تضع تونس في صف الأماكن الأكثر خطورة على مهنة الصحفي، تماما مثل العراق وأفغانستان. ومع ذلك فإن الصحافيين يأملون بأن تصل رسالة الإضراب العام الإربعاء بشكل واضح ليس إلى الحكومة وأحزاب السلطة فحسب وإنما أيضا إلى المؤسسات الإعلامية نفسها وبدرجة أولى المؤسسات الخاصة والمستقلة منها من أجل ضمانها للحقوق الأدبية والمادية لصحافييها وتوفيرها المناخ الملائم لأداء المهنة.
|
طارق القيزاني |