ساهمت نسبة الفقر في تونس في فوز حركة النهضة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي كما أن الفئة العمرية بين 20 و29 سنة صوتت بكثافة لهذه الحركة، وتركّزت حركة النهضة جغرافيا بصفة كبيرة في ولايات قابس …
الفقر والشريحة العمرية بين 20 و29 سنة ساهما في فوز حركة النهضة في انتخابات التأسيسي (قراءة إحصائية) |
ساهمت نسبة الفقر في تونس في فوز حركة النهضة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي كما أن الفئة العمرية بين 20 و29 سنة صوتت بكثافة لهذه الحركة، وتركّزت حركة النهضة جغرافيا بصفة كبيرة في ولايات قابس وتطاوين ومدنين بالإضافة إلى أن المستوى التعليمي الثانوي والابتدائي توجه للتصويت إلى حركة النهضة.
تلك هي أبرز ما جاء في نتائج القراءة الإحصائية المعتمدة على تقنية الاقتصاد القياسي ( économie métrique ) التي قدمها يوم السبت عبد الرحمان اللاحقة أستاذ بالمعهد الأعلى للتصرف بتونس في إطار ندوة نظمتها جمعية تنمية الديمقراطية المحلية.
واعتمد المحاضر في إنجاز هذه القراءة الإحصائية والتحليلية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي ليوم 23 أكتوبر 2011 على جملة من المتغيرات من ذلك التوزيع الجغرافي للناخبين والمستوى التعليمي والفصل بين الجنسين واختار الأحزاب الستة الفائزة في انتخابات التأسيسي وهي "حركة النهضة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" و"العريضة الشعبية للعدالة والحرية والتنمية" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"القطب الحداثي الديمقراطي" و"الحزب الديمقراطي التقدمي" التي حازت على 66.4% من نسبة الأصوات غير أن النظام الانتخابي منحهم 86% من المقاعد في التأسيسي.
ولاحظ أن حركة النهضة تحصلت على معدل أصوات في كل معتمدية بنسبة 35% ووصلت إلى 44% في معتمدية سوق الجديد كما فاقت هذه النسبة 68% في معتمدية غنوش من ولاية قابس، وبالنسبة إلى العريضة تحصلت على معدل 8.7% تقريبا في كل معتمدية وحصدت نسبة قياسية في معتدمية سيدي بوزيد الشمالية بنسبة 55% في حين تحصلت سوى على 0.24% في معتمدية المنزه.
أما بالنسبة إلى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية فقد تحصل على معدل أصوات قياسي وصل إلى 44% في معتمدية دوز الشمالية وبالمقابل كانت أحسن نسبة حصول على الأصوات للحزب الديمقراطي التقدمي في معتمدية تيبار من ولاية باجة بنسبة 14.66% وأضعف نسبة في سيدي على بن عون ب 3.81% وفي ما يخص القطب الحداثي الديمقراطي فبلغ معدل الفوز بالأصوات بنسبة 2% وتحصل على أضعف نسبة له في معتمدية غنوش بنسبة 0.3%.
نسبة الفقر لعبت دورا محوريا
أكد السيد عبد الرحمان اللاحقة أن حركة النهضة استفادت من نسبة الفقر في البلاد للمساهمة بالفوز في انتخابات التأسيسي كما أن الفئة العمرية بين 20 و29 سنة صوّتت لهذه الحركة وهو ما يعني أن الخطاب السياسي لها تقبلته هذه الشريحة العمرية أكثر من الفئات الأخرى علاوة على أن الذين لهم مستوى تعليمي ثانوي وابتدائي صوتوا للنهضة.
وبالمقابل لم تؤثر الفئات العمرية والمستوى التعليمي على فوز العريضة الشعبية غير أنها استفادت من تواجدها بكثافة في المناطق الريفية، ولم يستفد حزب المؤتمر من اجل الجمهورية من الفقر وليس هناك علاقة للفقر والأصوات التي تحصل عليها كما انه لم يستفد من كثرة القوائم غير أن الرجال صوتوا أكثر من النساء وأن الفئة العمرية التي صوتت لهذا الحزب هي ضمن 36 و39 سنة ولهم مستوى تعليم ثانوي وعالي.
وبالنسبة إلى التكتل فقد صوّتت النساء ضدّه وأن الشريحة العمرية 50 و59 سنة صوتت بكثافة لهذا الحزب وهي تتميز بمستوى تعليم عال. أمّا الحزب الديمقراطي التقدمي فلم يستفد من كثرة القوائم بل لعبت ضده في المناطق الريفية وحصل على غالبية الأصوات في المناطق الحضرية كما أن الفئة العمرية 50 و59 سنة صوتوا له، وخسر القطب من كثرة القوائم وأن الفئة العمرية 20 و29 سنة صوتت ضده.
التركز الجغرافي ضمن هذا العنصر أوضح المحاضر أن حركة النهضة تواجدت بصفة مكثفة في ولايات قابس وتطاوين ومدنين وتونس العاصمة وبصفة متواضعة في ولاية بنزرت وأن العريضة الشعبية تركزت في مناطق الوسط وبالتحديد سيدي بوزيد والقيروان والقصرين أما حزب المؤتمر من أجل الجمهورية فقد تركز جغرافيا في ولاية قبلي ونسبة محترمة في نابل وجربة أما بالنسبة لحزب التكتل فقد ركّز قواعده في الضاحية الشمالية مع تواجد ضعيف في قبلي وسيدي بوزيد. أما الحزب الديمقراطي التقدمي فقد تركز بصفة ملحوظة في ولاية باجة في حين ليس للقطب تركز كبير باستثناء تواجد ملحوظ في معتمدية المنزه.
إشارات ودروس للأحزاب
أبرز الأستاذ عبد الرحمان اللاحقة أن هذه القراءة تُعدّ حيادية وأن الهدف منها هو إعطاء فكرة ولو بسيطة للأحزاب عن مضمون خطابها السياسي لمن توجه ومن تقبله أكثر من غيره مشيرا إلى أن القراءة الإحصائية تساعد على فهم النظام الديمقراطي في كل دولة وبالخصوص توجهات الرأي العام كما لها انعكاس مباشر على السياسات الاقتصادية والاجتماعية للأحزاب الفائزة في الانتخابات.
ولاحظ أن من شأن هذه القراءات وفي حال تواصلها وتعددها أن تمكّن الأحزاب من القيام بالإصلاحات اللازمة على مستوى توجيه خطابها.
وشدد على أن استفحال الفقر شكّل سببا مباشرا في اندلاع الثورة في تونس متسائلا عن الإصلاحات التي ستقوم بها الحكومة الحالية وكذلك قدراتها في التعاطي مع ظاهرة الفقر. واعتبر أن التجارب العالمية أظهرت أن الحزب الفائز في الانتخابات لا يكفي أن تكون حوله الطبقات الفقيرة بل إن رجال الأعمال وكبار المستثمرين وصناع القرار الاقتصادي والمالي لهم وزن في المسألة ومن دون مساندتهم فإن إمكانية الإصلاح تبدو ضعيفة جدا ومحدودة.
|
مهدي الزغلامي |