تستعد الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال إلى نشر تقريرها السنوي حول واقع القطاع في تونس بعد الثورة بنوع من التأخير عن موعده المحدد وهو نهاية سنة 2011. وسيتضمن التقرير حوالي 200 توصية تهم كل جوانب قطاع …
كمال العبيدي رئيس هيئة إصلاح الإعلام والاتصال للمصدر: هناك ازدواجية في خطاب الحكومة الحالية وافتقارها لإستراتيجية اتصال واضحة |
تستعد الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال إلى نشر تقريرها السنوي حول واقع القطاع في تونس بعد الثورة بنوع من التأخير عن موعده المحدد وهو نهاية سنة 2011. وسيتضمن التقرير حوالي 200 توصية تهم كل جوانب قطاع الإعلام السمعي والبصري والمكتوب وكذلك التكوين والتدريب والرسكلة. وقدّم السيد كمال العبيدي رئيس الهيئة فكرة موجزة عن مضمون هذا التقرير في حوار خصّ به المصدر وتعرّض بإطناب إلى العديد من القضايا التي تمسّ قطاع الإعلام في تونس وموقف الحكومة منه. إليكم الحوار:
س/ متى تنشر الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال تقريرها النهائي عن وضع الإعلام في تونس؟
ج) نحن تقريبا انتهينا من صياغة التقرير، لكن بعض الأجزاء في التقرير لا تزال قيد الاستكمال وهي في حاجة إلى الغربلة والمراجعة، كما أن هناك بعض المؤسسات العمومية لها علاقة بقطاع الإعلام مثل الوكالة الوطنية للترددات وغيرها وعدت بمدنا ببعض المعطيات الإضافية حول التصرف لكن إلى حدّ الآن لم تصلنا هذه المعطيات. لذا لا يمكننا أن نمد الرأي العام بتقرير ناقص. ومبدئيا يتضمن التقرير السنوي للهيئة أكثر من 200 صفحة.
س/ هل ستقدمون تقريركم النهائي أولا إلى الحكومة ثمّ تعرضونه إلى الرأي العام؟
ج) لا نحن سنقدم التقرير للرأي العام والحكومة والنسيج الجمعياتي ذات الصلة وكل مكونات المجتمع المدني في نفس الوقت لضمان الشفافية كما سنضع التقرير على الموقع الالكتروني للهيئة.
س/ ما هي أهمّ التوصيات التي جاءت في هذا التقرير؟
ج) يتضمن التقرير في مرحلة أولى حوالي 100 توصية ونحن بصدد غربلتها، وهناك العديد من الأبواب المتعلقة بقطاع السمعي البصري وبقطاع الصحافة المكتوبة وأبواب متعلقة بمؤسسات إعلامية عمومية مثل وكالة تونس إفريقيا للأنباء والتلفزة الوطنية والإذاعة الوطنية. وهناك أبواب تتعلق بالرسكلة والتكوين وتخص معهد الصحافة وعلوم الإخبار والمركز الإفريقي لتدريب ورسكلة الصحفيين. ولقد قمنا من خلال هذا التقرير بتشخيص واقع الإعلام في البلاد ورصد نقاط لضعف والهنات التي تشوب القطاع. وفي ذات الوقت تمّ إرفاق كل باب من الأبواب بحلول ومقترحات لإصلاح الإعلام وتحسين أدائه.
س/ الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال هي هيئة استشارية وتقريرها غير ملزم، كيف تفكرون في تفعيل مقترحاتها لإصلاح الإعلام؟
ج) نحن نعوّل في المقام الأول على أهل القطاع وعلى الصحفيين والأخصائيين ومكونات المجتمع مدني وعلى الرأي العام للضغط من أجل إصلاح الإعلام بناء على هذه الأسس التي وضعتها الهيئة. وأنا استغرب من بعض المسؤولين، الذين لم يطّلعوا على تجارب الدول الأخرى في كيفية إصلاح الإعلام وليس لهم الدراية الكافية بخصوصيات القطاع يتجرؤون على إطلاق أحكام مسبقة ومُغالطة، وعليهم قبل ذلك أن يطلعوا على النصوص التي تمّ إعدادها من قبل الخبراء.
س/ما هو مصير هذه الهيئة بعد صدور تقريرها النهائي؟
ج) الهيئة سينتهي مهامها حال صدور تقريرها الختامي، وسننظر من موقع آخر كيف يمكننا أن نضغط باتجاه تفعيل المقترحات للنهوض بقطاع الإعلام والدفاع عن مصلحة القطاع.
س/ ما هو موقفكم من عدم اعتماد التوصيات الـ14 التي طالبتم الحكومة المؤقتة من تبنيها؟ (للإطلاع على التوصيات انقر هنا)
ج) نحن مستاءون من تجاهل الحكومة لهذه التوصيات التي تهدف للخروج بالإعلام من الوضعية المتردية التي يعاني منها في هذه المرحلة. الآثار السلبية من عدم اعتماد هذه التوصيات نحن بصدد الوقوف عليها كالاعتداء على الصحفيين ومحاكمتهم. فمثلا إذا كان المرسوم 115 الذي صدر في نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الطباعة والصحافة والنشر قد تمّ تفعيله من قبل الحكومة الجديدة لما تمّ الزج بمدير جريدة التونسية في السجن.
س/ ما هو تقييمكم لإستراتيجية الاتصال التي تتوخاها الحكومة المؤقتة الحالية؟
ج) اعتبرها متواضعة جدا ولا ترتقي إلى مستوى التطلعات وقد أشرنا إلى ذلك منذ أوّل اللقاءات التي عقدناها مع الحكومة وقلنا إن هناك خلل في الاتصال الحكومي وأنّ الحكومة لا يمكن أن تعمل في غياب إستراتيجية واضحة وملموسة للاتصال الحكومي المواكب للواقع الجديد للبلاد. وقلنا على الحكومة الحالية أن تستخلص الدرس من إستراتيجية الاتصال في النظام السابق إذ يجب أن يكون هناك فريق مسؤول عن الاتصال الحكومي وأن يكون مرتكزا على مقومات الشفافية والتفتح والتدريب. فهل ُيعقل أنه بعد أول انتخابات حُرّة أن يعتمد الوزراء على ملحقين إعلاميين كبلتهم التقاليد وتركة النظام القديم.
س/ ما هو الخلل في الاتصال لدى الحكومة المؤقتة؟
ج) الخلل يكمن في غياب رؤية وتصور واضحين وغياب الكفاءات والقدرات التي يجب أن تعتمد على إستراتيجية اتصالية. فالأشخاص غير مُهيّأين لمساعدة الحكومة على الاتصال بالرأي العام. لذلك رأينا أن بعض تصريحات الوزراء في الحكومة الائتلافية كانت متضاربة في بعض الأحيان وهو ما يجعل المواطن يشعر وكأنّ هناك ازدواجية في الخطاب. اعتقد أن أداء الاتصال الحكومي يظلّ دون المتوسط.
س/ كيف تقيّم مناخ حرية التعبير في تونس بعد الثورة؟
ج) هناك مؤشرات خطيرة ظهرت في الفترة الأخيرة بسبب الاعتداءات على الصحفيين ومقاضاتهم ومنعهم من القيام بواجبهم في ظروف طبيعية، كذلك منعهم من الوصول إلى مصادر المعلومات، وهناك قضايا مرفوعة ضد بعض المؤسسات الإعلامية. هيمؤشرات خطيرة إذا لم يتحرك أهل القطاع والتونسيين لإقناع أصحاب القرار بضرورة إصلاح الأوضاع فقد تدفع تونس ثمنا باهضا من حيث صورتها ومن حيث نجاح عملية الانتقال الديمقراطي.
س/ هل تعتقد أن هناك ازدواجية في الخطاب الحكومي بشأن الإعلام؟
ج) نعم هناك ازدواجية في الخطاب وهناك كلام معسول عن التزام الحكومة بالحريات الأساسية وبحرية التعبير لكن الواقع يعكس ذلك تماما إذ أن الممارسات الراهنة ضد الإعلاميين لا تبعث على الاطمئنان وتؤكد هذه الحقيقة.
|
حاوره خميس بن بريك ومهدي الزغلامي |