في تونس 90 بالمئة من الكتب التي تصدر منذ الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي هي كتب اسلامية، والتيار الليبرالي في تونس في حالة حصار والامال التي انعقدت على الربيع التونسي انتهت برقابة اكثر وغياب التسامح، وزيادة في معدلات البطالة
فيسك: في تونس الجديدة الكتب الاسلامية الاكثر مبيعا.. وعدم تسامح حكومة النهضة.. وتصاعد السلفية… وبطالة عالي |
في تونس 90 بالمئة من الكتب التي تصدر منذ الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي هي كتب اسلامية، والتيار الليبرالي في تونس في حالة حصار والامال التي انعقدت على الربيع التونسي انتهت برقابة اكثر وغياب التسامح، وزيادة في معدلات البطالة. تقييم يبدو قاتما قدمه الكاتب والصحافي روبرت فيسك في مقال له في صحيفة ‘اندبندنت’ بناء على رحلة قام بها لتونس. يبدأ فيسك مقاله بالتساؤل عما تشهده تونس اليوم بعد عام من احداث مرت بها، وفي سؤاله نوع من المفارقة ما بين عهدين، عهد زين العابدين بن علي وعام الثورة الشعبية التي انهت حكم 23 عام من ديكتاتورية وفساد بن علي ونخبته من اقارب زوجته ليلى بن علي. ويقدم الكاتب صورة عن الحياة التي عاشها التونسيون في زمن الديكتاتور، حيث يقول ان اردت ان تعرف عن وضع الحياة في العهد الماضي فما عليك الا ان تمشي على طول شارع الحبيب بورقيبة، حيث كان يمتلىء بالعربات المصفحة والاليات العسكرية وادخل مكتبة فيه واسأل الناس عن عهد الرئيس المخلوع. فستجد ان الناس سيستعيدون الحياة الباذخة التي كان يعيشها الرئيس واقاربه فيما كان الشعب يتضور جوعا ويعيش حالة من الفقر المدقع، وقيل في يوم ما ان نسبة 96 بالمئة من هذا الشعب المقهور يعملون كمخبرين للنظام، ومع ذلك كان يقمعون ويضربون من رجال النظام ومن قوات الامن. ومن هنا كان النظام يتباهى على الرغم من هذه الصورة القاتمة بالدعم الذي يلقاه الرئيس من كل شيء حتى من صناديق الهواتف، ويشير الى ما جاء في افتتاحية صحيفة لابريس في عام 2009 والتي تقول ان ‘العدد الكبير من الشباب الذي وقع تأييدا لميثاق الشباب يظهر دعم الشباب التونسي للمشروع الاصلاحي للرئيس زين العابدين بن علي، والتصاقهم وتمسكهم ببلدهم واستعدادهم للمساهمة في تطوير تونس’. ويشير بعد ذلك للحرية ويحيي صحافية صديقة قاتلت وعملت بشجاعة في ظل الديكتاتورية والتي كانت تجلس في مكتبة الى جانب طبعات متعددة لكتب الفها الباحث المسلم طارق رمضان. ويعلق فيسك انها القصة القديمة : الاخلاق ضد الحرية، فالحكومة الجديدة التي يتزعمها حزب النهضة الاسلامي الذي فاز بنسبة 40 بالمئة من مقاعد البرلمان استخدمت القانون 121 من القانون الجزائي وهو القانون الذي يعود لعهد بن علي. ويشير المنجي الخضراوي وهو عضو بارز في اتحاد الصحافيين التونسيين ان القانون شرع كي يسجن كل المعارضين للنظام ايا كانوا، وقال انه كان على الحكومة ان تتعامل ان نشر الصورة تم بالخطأ وليس النظر اليها كجريمة. وتساءل قائلا ماذا حدث لقانون 115 الذي تم تمريره حول حرية الصحافة من قبل الحكومة الانتقالية. واشار الى ان حزب النهضة قبل اعتقال الصحافيين تعرض لانتقادات شديدة، لانه من ناحية يقول انه الحرية وفي الوقت نفسه يعارض القانون، ومن اثاره ان صحيفة ‘التونسية’ اختفت من محلات بيع الصحف. وقد يكون الحديث عن الحرية الصحافية حديثا ثقافيا لكن المشكلة الحقيقية تتمثل في الـ 800 الف عاطل عن العمل من مجموع القوة العاملة (3.5 مليون) من عدد السكان البالغ 10 ملايين، ومن معدلات النمو الاقتصادي ورحيل الاستثمار الدولية، فقد اعلن البنك المركزي التونسي عن نمو بنسبة صفرعام 2011، فيما غادرت نسبة 80 بالمئة من الشركات الدولية تونس. ويقول ان هذه ليست الارث الوحيد للعهد الماضي، فمن الاثار الاخرى والمثيرة للقلق هي تصاعد السلفية التونسية، فحكومات بن علي المتعاقبة انفقت اموالا كثيرة على العاصمة وجوعت المناطق الريفية وهو ما ادى الى تصاعد السلفيين الذين كان يلاحقهم بن علي واعفى عنهم النظام الجديد. فبلدة سجنان في شمال غرب البلاد تحولت العام الماضي ولفترة قصيرة الى امارة اسلامية حيث قام 200 من الناشطين السلفيين بتحويل المباني الحكومية لسجون يعاقب فيها المذنبين من الذين ارتكبوا تجاوزات اسلامية ومعظهم ممن تعاطوا الخمر، وتم حرق محل لبيع الاشرطة الموسيقية، وحذر السلفيون صاحبه قائلين له انه ان حاول مرة اخرى تضليل وحرف المسلمين عن المسجد، ‘فسيأتي الدور على بيتك وبعدها فانت من ستحرق’. وبدأت النساء خوفا بارتداء النقاب، والرجال بدأوا يطلقون لحاهم وارتداء زي افغاني. وهنا يتساءل الصحافي ان كان حزب النهضة يدعم السلفيين؟ فبعد الامارة الاسلامية حرقت دور السينما، فيما حوكم صاحب قناة ‘نسمة’ لعرضه فيلم ‘بيريسبوليس’ عن الحياة في ايران بعد الثورة الاسلامية والناقد لها. كما تعرض مثقفون للضرب، وتظاهر الالاف في المدن التونسية احتجاجا على تصاعد التطرف. وشهدت جامعات تونسية من مثل جامعة منوبة خلافات حول منع المنقبات من الجامعة مما ادى الى اجتياح الجامعة من ناشطين سلفيين يحملون السيوف، وعندما اعترض اساتذة على الفصل بين الطلاب والطالبات دعم نجلان لوزير الداخلية علي العريض التيار السلفي. ويشير فيسك قائلا لهذا السبب وصل الداعية السلفي المصري وجدي غنيم لتونس، والذي وصفته منظمات حقوق انسان انه يسعى لخلق الكراهية بين التونسيين، مشيرا ان ما يحدث في تونس يعطي نفس الشعور لما شهدته الجزائر بعد الغاء الجولة الثانية من الانتخابات عام 1992 والتي ادت لما نعرفه. ومن هنا يتساءل صوت ليبرالي عن ما يحدث في تونس حيث ينقل عن عبدالحميد القماطي ان تونس التي قدمت للعالم هاني بعل وابن خلدون وحتى الحبيب بورقيبة قوله ‘لماذا جلبنا هؤلاء السلفيين، هؤلاء الاسلاميين، الوهابيين، الافغان، هؤلاء الدعاة المهووسين بالجنس الذين يتحدثون عن ختان البنات والذين يصدرون الفتاوى التي لا علاقة لها بحضارتنا، بفكرتنا عن الدين، وقيمنا والتي تطورت عبر الالاف السنين، آسف، لحاهم ونقابهم وجلابيبهم وسوادهم تعود للعصر الوسيط وليس نحن’ وحتى لو ولدوا في تونس ‘فهم ليسوا تونسيين’. ويشير في نهاية مقاله ان كلام المثقف جيد لكن عندما نعرف انه يكتب في صحيفة لابرس وهي التي نقل منها ما قالته افتتاحيتها حول ميثاق الشباب ودعم بن علي متسائلا، هل سيدعي السلفيون ان لديهم ميثاقا للشباب؟ فكرة مرعبة حتى بمجرد التفكير بها! |
عن القدس العربي
|