الصادق شورو، 60 عاما، من أبرز قيادات حركة النهضة ورئيسها السابق في عام 1988. حكم عليه في العهد السابق بالسجن مدى الحياة وقضى 18 عاما تحت التعذيب قبل أن يفرج عنه النظام الديكتاتوري…
الصادق شورو “للمصدر”: نريد تطبيق تدريجي للشريعة .. قانون تجريم التكفير سيخلق فتنة وإقامة إمارة سلفية مرفوض |
الصادق شورو، 60 عاما، من أبرز قيادات حركة النهضة ورئيسها السابق في عام 1988. حكم عليه في العهد السابق بالسجن مدى الحياة وقضى 18 عاما تحت التعذيب قبل أن يفرج عنه النظام الديكتاتوري.
بعد الثورة والانتخابات أصبح الصادق شورو عضوا عن حركة النهضة في المجلس التأسيسي، حيث أثار جدلا واسعا مؤخرا بدعوته لتطبيق الحدّ في الشريعة الإسلامية على المعتصمين بعد موجة من الاعتصامات قالت الحكومة إنّ أطرافا سياسية تقف وراءها لإفشال عملها والانقلاب على نتائج الانتخابات.
حاولنا في لقائنا مع السيد الصادق شورو التطرق إلى بعض المسائل لمعرفة وجهة نظره في كيفية اعتماد الشريعة الإسلامية في التشريع التونسي وعن حملات التكفير ضدّ العلمانيين وظهور جمعيات إسلامية تضع على عاتقها إصلاح المجتمع من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى جانب موقفه من مساعي السلفيين لإقامة إمارة إسلامية. إليكم الحوار:
س/ تسعى حركة النهضة الإسلامية إلى اعتماد الشريعة الإسلامية كمرجعية أساسية للتشريع في الدستور المقبل. أنت من أبرز الداعين للاقتباس من القرآن والسنة وإجماع العلماء في التشريع التونسي. هل هذا يعني أننا قد نشهد مستقبلا في تونس إقامة الحدود مثل قطع الأيادي ورجم الزاني وما غير ذلك؟
ج/ لا ليس هذا المقصود من الدعوة لأن تكون الشريعة هي مصدر أساسي للتشريع في تونس، لأن الشريعة ليست هي حدود فقط وإنما نعني بالشريعة المنظومة القيمية والقانونية إضافة إلى أنها منظومة جزائية. فالشريعة قبل أن نتحدث فيها عن الحدود نتحدث فيها عن الحقوق والواجبات المدنية والسياسية. كما أن تطبيق الحدود لا يجوز إلا بعد أن تتمّ الشروط الاجتماعية والاقتصادية. فمثلا في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أبطل قطع اليد للسارق نظرا لأنّ الأمة مرّت بمجاعة وظروف اقتصادية صعبة. فكذلك نحن في مجتمعنا اليوم لا نريد أن نتحدث عن تطبيق الشريعة بمعنى الحدود قبل أن يقتنع الناس بهذا الدين وبالمنظومة القيمية للحرية والعدالة وبأن القرآن هو مصدر أساسي لفهم الدين والمجتمع وكل ما يتعلق بالحياة المجتمعية. فالشريعة في تقديرنا نريد أن نضعها كمصدر أساسي للتشريع ولكن مع ذلك نريد أن يكون تطبيقها بالتدرج انطلاقا من إقناع الناس بهذه الشريعة والرجوع للمصادر الأساسية للتشريع الإسلامي وهي القرآن والسنة وإجماع العلماء والاجتهاد.
س/ هل هذا يعني أنه تطبيق الحدود سيأتي في وقت لاحق؟
ج/ لا ليس بالضرورة. إذا كان الناس مقتنعين بالذهاب في إطار الشريعة فعند ذلك سيطالب الشعب بنفسه بتطبيق هذه الشريعة ولن تكون هناك حاجة مسقطة من فوق من قبل الدولة وإنما ستكون هناك حاجة يعبر عنها الشعب من تلقاء نفسه.
وحتى في تنزيل القرآن في السور المكية لم تنزل أي آية تتعلق بحدّ من الحدود كل ما كان ينزل في الفترة المكية يتعلق بإقناع الناس بعقيدة التوحيد بأن الله هو واحد أحد وله الصفات الحسنى ونبذ عقيدة الشرك التي كانت سائدة في تلك الفترة. وحتى العبادات مثل الزكاة والحج فرضت بعد الفترة المكية. وفي الفترة المدنية كانت الأحكام تنزل بالتدرج. وهذا يعني أن الشريعة لم تنزل دفعة واحدة وإنما كانت تنزل شيئا فشيئا حسب متطلبات الواقع الاجتماعي الذي يمرّ به المجتمع المسلم في المدينة. كذلك نحن لا نريد أن ننزل أحكام الشريعة دفعة واحدة وإنما حسب متطلبات المجتمع وحسب الظرف الاجتماعي والاقتصادي الذي تمرّ به البلاد.
س/ ظهرت في الفترة الأخيرة حملات تكفير من قبل أطراف محسوبة على الإسلاميين ضد العلمانيين. فهل العلماني بالضرورة كافر؟
ج/ لسنا مع تكفير الناس. التكفير هو مسألة خاصة بالأحكام الأساسية في القرآن والسنة. ويقول الله سبحانه وتعالى "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة" وهذا حكم رباني بصريح النص القرآني يكفّر من يقول إن الآلهة ثلاث بمعنى انها الله والمسيح وجبرائيل. أما من ينطق بالشهادتين لا يجوز تكفيره. ومن كفر شخصا ينطق بالشهادتين يصبح هو الكافر.
س/ دعا رئيس الدولة المؤقت منصف المرزوقي إلى تجريم التكفير بسن قانون داخل المجلس التأسيسي. ما رأيك في ذلك؟
ج/ أنا لا أرى موجبا لذلك لأن التكفير في تقديري مسألة شرعية دينية من اختصاص هيئات هي التي تقدم متى يجرم الكافر ومتى لا يجرم. المسألة إذا مسألة فنية من اختصاص أطراف علمية مختصة. وهذا القانون هو سيدخلنا في متاهات لا مخرج لها وسيدخل فتنة بين الناس. فعندما نجرّم شخصا قال عن شخص آخر إنه كافر فمن سيقول إن ذلك ليس صحيحا وبأنه ليس كافرا. بمعنى كيف يمكن أن نثبت من أن ذلك كافرا أم لا؟ أمور العقيدة لا يجب أن تدخل في التقنين لأن العقيدة تدخل في القلب ولا إكراه في الدين.
س/ هناك جمعية تأسست حديثا أطلق عليها جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كيف يمكن لهذه الجمعية أن تعمل في تونس التي تتكاثر فيها الحانات وأوكار البغاء وما إلى ذلك؟
ج/ الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو فرض كفاية حسب تسمية العلماء والفقهاء بدليل قوله تعالى "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون على المنكر وأولئك هم المفلحون". وهذا يعني أنه إذا قام به بعض الناس بتلك المهمة فإنها تسقط على الآخرين. لكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لديه شروط يجب على من يقوم بالمهمة أن تكون لديه دراية بالدين وحكمة في الدعوة والأمر بالمعروف وخاصة لا يجب عليه أن ينهي على منكر ويتسبب هو بمنكر أكبر منه. هناك حادثة تروى عن الشيخ ابن تيمية كان مار مع مجموعة من أصحابه في عهد "التاتار" عندما دخلوا للبلاد العربية فوجدوا جنودا من "التاتار" يشربون الخمر فقام أحد من أصحاب ابن تيمية وأراد أن ينهيهم عن شرب الخمر، فقال له الشيخ ابن تيمية دعه يشرب لأنك إذا نهيته عن شرب الخمر سيلتفت إلى أشياء أعظم من ذلك ويصبح ينتهك أعراض النساء. فمن شروط النهي عن المنكر هو عدم النهي عنه والتسبب في منكر أكبر منه. الأمر بالمعروف يكون بالحكمة مثلما قال الله تعالى "وأدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعضة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
س/ ما هو موقفك من مساعي بعض السلفيين لإقامة إمارة إسلامية في تونس؟
ج/ إذا كانت هناك أدلة على ذلك فهذا شيء مرفوض وشيء طبيعي أن لا أوافق عليه لأنه ليس هنالك ما يدعو لإقامة هذه الإمارة خاصة وأننا نعيش في ظل حكومة شرعية منتخبة من طرف الشعب وموافقة عليها أغلبية الناس وهذه الدعوة تصبح مرفوضة.
|
حاوره خميس بن بريك |