تسعى عدة أحزاب معارضة في تونس إلى لملمة شتاتها قبل الإستحقاقات الانتخابية القادمة بهدف تقوية جبهتها وإضفاء توازن في المشهد السياسي ولكن أيضا بهدف الخروج من الضائقة المالية التي تعانيها ومن حالة الافلاس التي أصبحت …
حال اليوم ليس كالأمس.. أحزاب معارضة بخزائن خاوية |
تسعى عدة أحزاب معارضة في تونس إلى لملمة شتاتها قبل الإستحقاقات الانتخابية القادمة بهدف تقوية جبهتها وإضفاء توازن في المشهد السياسي ولكن أيضا بهدف الخروج من الضائقة المالية التي تعانيها ومن حالة الافلاس التي أصبحت عليها بعد انتخبات المجلس الوطني التأسيسي. ولا تبدو أغلب الأحزاب، بما في ذالك أحزاب "الترويكا"، في مأمن من الهزات المالية بعد خمسة أشهر من أول انتخابات ديمقراطية جرت في البلاد منذ الاستقلال استنزفت كثيرا خزائن الأحزاب. ومع ان تلك الانتخابات وصفت بالأكثر نزاهة إلا ان كلام كثير دار حول تسرب المال السياسي في الحملات الانتخابية. واتجهت آنذاك أصابع الاتهام إلى عدة احزاب اساسا الحزب الديمقراطي التقدمي وحركة النهضة الذين قادا حملات انتخابية باذخة تخللتها عمليات إشهار بمئات الملايين من الدينارات، وتعبئة شعبية في الأحياء والجهات وعطايا غير مسبوقة لجمهور الناخبين. وإذا كانت النتائج التي افرزتها صناديق الاقتراع متطابقة مع توقعات عدد من تلك الأحزاب فإنها كانت مخيبة وصادمة لأحزاب أخرى. لكن المهم في هذا أنه بعد أشهر من الإعلان عن النتائج وتشكل المشهد السياسي بعد الانتخابات فإن الحال اليوم لم يعد عليه كما في السابق. ولا يتعلق الأمر بما أفرزه واقع اليوم من اندثار عدد كبير من الأحزاب التي انتشرت مثل الفقاع بعد الثورة ومباشرة بعد الاعلان عن موعد انتخاب المجلس الوطني التاسيسي بمرسوم رئاسي، حتى انها فاقت المائة حزب، ولكن أيضا بما يكشفه هذا الواقع اليوم من ترنح الأحزاب الكبرى التي تشكو من التشرذم والتوهان والافلاس المالي. ومثلا دفع الحزب الديمقراطي التقدمي وهو أعرق الأحزاب المعارضة الثمن باهضا بسبب المقاربة الدعائية التي توخاها في الحملة الانتخابية إضافة إلى التخبط الاداري وسوء التصرف في موارده المالية والبشرية الضخمة فضلا عن تداعي سمعته بسبب شبهة المال السياسي. وهي عوامل غذت بصورة كبيرة نفور الناخب وبالتالي حصول انتكاسة مدوية للحزب في الانتخابات، على الرغم من رصيده النضالي والاستفتاءات التي رشحته بقوة قبل الانتخابات لمقارعة حركة النهضة بمفرده. ومن الأثمان الباهضة التي دفها "تقدمي الشابي" ورفاقه بعد الانتخابات تضحيتهم بالصحيفة العريقة "الموقف" التي كانت أبرز منبر لأطياف المعارضة في حكم بن علي فيما يزال صحافيو الجريدة يطالبون الى اليوم بمستحقاتهم المالية المتخلدة بذمة الحزب. وربما تشكل تلك الائتلافات والإنصهارات المعلنة اليوم بين الأحزاب المتقاربة ايديولوجيا وفكريا على غرار التقدمي وآفاق تونس والحزب الجمهوري من جهة والتجديد وحزب العمل الوطني من جهة أخرى، ستشكل في الظاهر الحل الأنسب للخروج من حالة الضياع والانكماش وإضفاء نوع من توازن القوى المفقود في المشهد السياسي الوليد، ولكن أيضا سيسمح هذا الحل بإنقاذ الخزائن الخاوية من الملاليم للأحزاب المهزومة في الانتخابات الأخيرة وإعادة انعاش أنشطتها التعبوية من خلال الاستفادة من الأحزاب المتامسكة ماديا والتي ظهرت بعد الثورة، مثل آفاق تونس، وفتح انخراطات جديدة والعودة الى استقطاب رجال الأعمال بعناوين ووعود سياسية واقتصادية جذابة. وعلى اي حال سيكون من السابق لأوانه الحكم بنجاح او فشل تلك الخطوات من أجل استعادة الزخم والعودة الى المنافسة، ولكن الثابت أن الفشل هذه المرة سيحكم على هذه الأحزاب إما بالإندثار أو في افضل الحالات بالبقاء بصفة نهائية في صفوف الكومبارس.
|
طارق القيزاني |