أعلنت الإدارة العامة لمؤسسة التلفزة التونسية أنه انطلاقا من يوم 2 جانفي 2012 ستصبح القناة الوطنية الثانية قناة الجهات تماشيا مع ما أظهرته الثورة من فوارق بين الجهات وإقصاء وتهميش للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل، …
القناة الوطنية الثانية لم تعكس كما ينبغي واقع الجهات ومشاغلها في تونس |
أعلنت الإدارة العامة لمؤسسة التلفزة التونسية أنه انطلاقا من يوم 2 جانفي 2012 ستصبح القناة الوطنية الثانية قناة الجهات تماشيا مع ما أظهرته الثورة من فوارق بين الجهات وإقصاء وتهميش للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل، وبهدف إبراز واقع الجهات الداخلية للبلاد وتسليط الأضواء على أهم الإشكاليات التنموية التي تعيشها هذه المناطق.
عند انطلاق عمل هذه القناة وفق التوجه الجديد كان الأمل يحدو المشاهدين والمختصين في مشاهدة برامج وحصص تلفزية تكون مرآة عاكسة لواقع الجهات الداخلية في تونس من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وبالخصوص تسليط الأضواء على أهم الإشكاليات التنموية التي لا تزال تعاني منها البلاد حتى بعد الثورة.
وفي الواقع فإن الرسالة الحقيقة لمثل هذه المشاريع التلفزية ينبغي أن تكشف الإخلالات ونقل مشاغل المواطنين إلى المسؤولين في مختلف المواقع والقطاعات.
غير أنه بعد مرور حوالي 3 أشهر عن انطلاق عمل القناة الوطنية الثانية وفق التوجه الجديد (قناة الجهات) لم يجد المشاهد والمتابع لهذه القناة هذا الخط التحريري بل وجد قناة لا تزال تُعنى بالمسائل والملفات والتغطيات الصحفية والأحداث التي تحصل على الصعيد الوطني فقط، وأن نصيب الجهات في البرمجة لا يكاد يتجاوز في أقصى الحالات 30% من البرمجة العامة!
ويتأكّد عدم مواكبة القناة بصفة جدية وحقيقة لما يحصل من تطورات يومية في المناطق الداخلية ونقل لمشاغل المواطنين وتكريس الإعلام الجهوي على أرض الواقع وتجسيم صحافة المواطنة بالاقتراب أكثر ما يمكن من اهتمامات الناس ولا سيما في الجهات الداخلية في العديد من المستويات انطلاقا من الأخبار والتحقيقات ومرورا بالملفات ووصولا إلى البرامج الرياضية.
بالنسبة إلى الأخبار نلاحظ وبكل تجرّد أن هناك منافسة للنشرة الرئيسية للأخبار على القناة الوطنية الأولى وذلك من خلال برمجة أخبار في القناة الثانية ساعة تقريبا (س18و 45د) قبل انطلاق الأخبار الرئيسية كما أن مضمون الأخبار في القناة الثانية يشبه بنسبة كبيرة مضمون أخبار القناة الأولى.
وكان الأجدى والأحرى، ومواكبة لتكريس الخط التحريري لقناة الجهات، التركيز على إعداد نشرة أخبار يكون مضمونها تحقيقات جهوية وتغطية الندوات واللقاءات التي تحصل في الجهات فضلا عن نقل نبض الجهات في الداخل والحرص على إيصال صوت المواطن في هذه الجهات.
وفي ما يتعلق بالملفات فباستثناء ملف وحيد فإن أغلب الملفات تكاد تكون صورة مشابهة للملفات التي تُعدّها القناة الوطنية الأولى في ما يهم الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية إذ من المفروض مثلا التركيز في الملفات على إظهار الطاقات التنموية والاقتصادية للجهات وسبل توظيفها علاوة على تناول مواضيع توجه الحكومة الحالية في إعادة التقسيم الجهوي للبلاد لتكون أقطاب تنموية واقتصادية متكاملة.
وفي ما يخّص البرامج الرياضية فإن قناة الجهات وفي اعتقادنا فشلت في مقاربتها للتغطية الرياضية إذ بحثت عن الحلول السهلة ولن تجتهد في استنباط برامج جديدة تجعلها في صميم توجه القناة من خلال التركيز على الفرق والأندية الصغيرة المغمورة داخل الجهات والعمل على تغطية لقاءات ومباريات في مختلف الأنشطة الرياضية في أعماق الجهات.
كما كان بالإمكان إنجاز تحقيقات رياضية وبرمجة ملفات رياضية جدية تعنى بالمشاكل الحقيقة لواقع الرياضة التونسية في الجهات عبر إظهار نقص البنية التحتية الرياضية والمشاكل التي يتخبط فيها الشبان في الداخل في مستوى التنقل وممارسة الرياضة.
عموما التجربة في بدايتها وبالإمكان تصحيح المسار وتدارك الأخطاء من أجل ترسيخ قناة جهوية تعكس بحق مشاغل واهتمامات المواطن.
|
مهدي الزغلامي |