ينتفع أكثر من 80 بالمائة من مجموع السكان في تونس بخدمات الضمان الاجتماعي بصفة مباشرة أو غير مباشرة. وتلعب صناديق الضمان الاجتماعي وهي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للتامين على …
الصناديق الاجتماعية مهددة بالإفلاس في غياب حلول عاجلة وآجلة |
ينتفع أكثر من 80 بالمائة من مجموع السكان في تونس بخدمات الضمان الاجتماعي بصفة مباشرة أو غير مباشرة. وتلعب صناديق الضمان الاجتماعي وهي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للتامين على المرض دورا أساسيا في تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي، علاوة على توفيرها لخدمات في مجال التضامن الاجتماعي.
ورغم هذا المجهود الذي تقوم به هذه الصناديق فإنها تشكو عجزا كبيرا في توازناتها المالية منذ سنوات ومن المتوقع أن يتم الإعلان في غضون ثلاث سنوات عن إفلاس الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، في ظل غياب تام للحلول الناجعة لحل هذه الأزمة التي توشك على الانفجار.
وبحسب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي دق ناقوس الخطر عديد المرات حول ما ستأول إليه الأوضاع في قطاع الضمان الاجتماعي الذي يمثل ركيزة أساسية من ركائز الدولة التونسية، فإن من أسباب تدهور الوضعية المالية للصندوقين الوطنيين للضمان الاجتماعيين والتقاعد أو الحيطة الاجتماعية الانعكاسات السلبية للاختيارا ت الاقتصادية الليبرالية، وما نتج عنها من تراجع كبير في قدرة الدولة على إحداث مواطن شغل.
كما يعزى هذا الوضع الصعب إلى ارتفاع نسبة البطالة وظهور أنماط جديدة من التشغيل الهش التي تقوم على المناولة والسمسرة باليد العاملة إلى جانب اللجوء في العديد من المؤسسات سيما الخاصة إلى تشغيل المتقاعدين وبالتالي التقليص من المساهمات الاجتماعية.
كما أنّ خصخصة المؤسسات وما ينجر عنها من تسريح أعداد كبيرة من العمال وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي في السنوات الأخيرة لتشمل الفئات المهنية ذات القدرة التمويلية الضعيفة تعد كذلك من أسباب تدهور التوازنات المالية للضمان الاجتماعي إلى جانب تحميل هذا القطاع أعباء تخرج عن نطاق مهامه الأساسية.
وللخروج من هذه الأزمة يقترح الاتحاد العام التونسي للشغل جملة من المقترحات العملية من بينها تعميق التفكير في واقع التشغيل في تونس والقطع مع الأنماط الهجينة للتشغيل التي تضرّ بشكل كبير بموارد صناديق الضمان الاجتماعي، إلى جانب تنويع مصادر تمويل هذه الصناديق من خلال النظام الضريبي المباشر وغير المباشر حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن وعلى مواطن الشغل.
كما يدعو الاتحاد إلى عدم الترفيع في سنة التقاعد باعتبار تزايد أعداد طالبى الشغل إلى جانب الفصل الواضح بين الضمان الاجتماعي الذي يقوم على قاعدة المساهمات مقابل الحقوق والتضامن الاجتماعي وهو من مشمولات الدولة ومسؤولياتها تجاه كافة التونسيين.
إذن فإن الإشكالية الكبرى التي يواجهها الضمان الاجتماعي في تونس تتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة والمسؤولية ومن الإرادة السياسية، بحيث يتمّ تشخيص الوضع وتحديد مكامن الخلل بكل دقة وموضوعية واقتراح الحلول العاجلة والآجلة بما يضمن تحقيق توازنات أنظمة الأجراء وديموتها، أذ أن العجز الذي يعانى منه هذا النظام يعد خطيرا جدا وتهديدا مباشرا لديمومتها ومن ورائه بقية الأنظمة.
|
مريم التايب |