كشفت الإحصائيات والدراسات التي اهتمت بالخارطة الصحية في تونس عدم توازن التوزيع الجغرافي للمؤسسات الاستشفائية بأصنافها الثلاث، مستشفى محلي، مستشفى جهوي، مستشفى جامعي وهو ما تسبب في اختلال التوازن في هذا القطاع خاصة في العمومي منه وضعف مستوى الخدمات الصحية الموجهة إلى …
اختلال التوازن في توزيع الخارطة الصحية في تونس |
كشفت الإحصائيات والدراسات التي اهتمت بالخارطة الصحية في تونس عدم توازن التوزيع الجغرافي للمؤسسات الاستشفائية بأصنافها الثلاث، مستشفى محلي، مستشفى جهوي، مستشفى جامعي وهو ما تسبب في اختلال التوازن في هذا القطاع خاصة في العمومي منه وضعف مستوى الخدمات الصحية الموجهة إلى المواطنين وأثقلت كاهل الموارد المالية والبشرية لعدد من المؤسسات الاستشفائية.
فالمنطقة الشمالية تشهد نقصا نسبيا في المستشفيات الجهوية في الولايات البعيدة في حين تكثر المستشفيات المحلية في المنطقة الوسطى خاصة في الولايات الساحلية فضلا عن تسجيل نقص نسبي في المستشفيات الجهوية خاصة في الولايات البعيدة.
أما منطقة الجنوب فهي تشهد نقصا كبيرا في المستشفيات بأصنافها الثلاثة وخاصة الجامعية والجهوية منها وذلك رغم بعد المسافات وتشتت التجمعات السكانية حيث تشكل هذه المنطقة أكثر من ثلثي المساحة الجملية للبلاد التونسية.
أما بخصوص توزيع الأسرة الاستشفائية فهو لم يتجاوز بالقطاع العمومي 183 سرير لكل 100 ألف ساكن رغم أن معدل الأسرة يتجاوز ضعف هذا العدد في الدول المتقدمة.
ويلاحظ كذلك عدم توازن نسبي في توزيعها بين المناطق الثلاث بحيث نجد نقصا بـ 20 سرير لكل 100 ألف ساكن في منطقتي الوسط والجنوب مقارنة بعدد الأسرة في المنطقة الشمالية.
وهذا الفارق لا يمكن تعليله بوجود مستشفيات جامعية ذات صبغة وطنية في تونس الكبرى لان استعمال الأسرة الجامعية عموما تتم من طرف سكان المناطق التابعة لها وخاصة من سكان مدن الولايات مقر المؤسسات الجامعية بنسبة لا تتجاوز الـ80 بالمائة.
أما بالنسبة لكثرة الأسرة الجهوية بولايات الجنوب فلا تعوض النقص المسجل بالأسرة الجامعية باعتبار الحاجة لتكوين الإطارات الطبية والشبه الطبية وضعف نسبة استغلال الأسرة الجهوية المتأتي أساسا من النقص الفادح في الأطباء.
وعلى الرغم من كل هاته المعطيات تمت إضافة أسرة جهوية في ولايات الجنوب البعيدة عن القطب الجامعي في فترة ما بين 2006 و2011 دون توفير الظروف الوظيفية لتحسين أدائها وكان الأجدى بعث مؤسسات جهوية إضافية في المناطق البعيدة ذات الكثافة السكانية الكبيرة نسبيا
مع اإاشارة إلى ان أسرة المستشفيات المحلية مستغلة بنسبة ضعيفة جدا لا تتجاوز الـ20 بالمائة.
كما يلاحظ النقص الكبير في الأسرة في ولاية المهدية ولا يمكن تعليل هذا النقص فقط بقرب المهدية من سوسة والمنستير وكذلك طبيعة الأسرة التي تحولت من جهوية إلى جامعية حيث ارتفعت نسبة استعمالها إلى 80 بالمائة في حين هذا المعدل لا يتجاوز الـ60 بالمائة في المستشفيات الجهوية.
كما يسجل نقصا في الأسرة بكل من الولايات القريبة من الاقطاب الجامعية الأخرى مثل القيروان وزغوان ونابل.
أما بالنسبة للولايات الأخرى البعيدة مثل سيدى بوزيد والقصرين وجندوبة فإن تأثير نقص الأسرة الجهوية يكون له وقع اكبر على مواطني هذه الولايات ولذا فإنه من الضروري إحداث مستشفيات جهوية وبعث أقطاب متعددة الاختصاصات ومتكاملة من حيث عدد أطباء الاختصاص والتجهيزات المتطورة حتى لا يحرم المواطن البعيد من الأقطاب الجامعية من الخدمات الصحية اللازمة من هذا الصنف.
كما تشهد ولاية صفاقس نقصا كبيرا في عدد الأسرة وخاصة الأسرة الجامعية مما أنجر عن ذلك العديد من المشاكل من حيث تكوين الأطباء ومن حيث الرفض المقنع لإيواء المرضى الذين ليس لهم خيار آخر.
ولا يمكن للأسرة بالقطاع الخاص مهما كانت كثافتها تغطية النقص المسجل في بعض الولايات بما ان أغلبية المواطنين هم من الطبقة الضعيفة أو المتوسطة ولا يمكنهم الانتفاع بها.
أما بالنسبة لتوزيع أطباء القطاع العمومي فيلاحظ نقصا كبيرا في الأطباء العامين والمختصين في صفاقس ويقدر هذا النقص ب138 طبيا حتى تلتحق هذه الولاية بمثيلاتها في الوسط إلى جانب تسجيل نقص واضح في ولايات القيروان وسيدى بوزيد وجندوبة ونابل مقارنة بالمعدل الوطني للولايات غير الجامعية.
كما يلاحظ عدم توازن واضح بين الجهات في توزيع الأطباء العامين في الخط الأول من ذلك حجم عمل طبيب بجهة القصرين يتجاوز عمل طبيبين بتونس الكبرى ينضاف إلى ذلك أن اغلب أطباء الجهات الداخلية مطالبون بتأمين حصص استمرار زيادة عن مهامهم العادية.
وتشكو ولايات الوسط الغربي والجنوب نقصا كبيرا في هذا السلك مقارنة بكثافة العمل هي نفسها التي بها نسبة كبيرة من المراكز الصحية التي لا تؤمن سوى عيادة أو عيادتين في الأسبوع خاصة ولايات القصرين وسيدى بوزيد والقيروان وسليانة و الكاف وصفاقس ونابل.
وتبرز الحاجة إلى زيادة أكثر من 300 طبيب عام حتى نضمن 25 مريض في الحصة الواحدة وتحقيق زيادة طبيب الى كل مركز صحة على الاقل 3 مرات في الأسبوع مع مراجعة الكثافة غير المبررة للأطباء العامين بالخط الثاني والثالث خاصة في ولايات تونس الكبرى وسوسة.
أما بالنسبة لسوسة والمنستير فيلاحظ سوء توزيع الأطباء العامين وكثرتهم بالخطين الثاني والثالث حيث يعمل حوالي ثلثهم بهذين الخطين بالرغم من ان هذا القطب يتمتع بأعلى تغطية بأطباء الاختصاص .
كما تعد ولايات الوسط الغربي والجنوب التونسي الأكثر تضررا من حيث نقص أطباء الاختصاص رغم أن اكبر نسبة أطباء أجانب توجد في هذه الولايات ولم تثمر الامتيازات التي أقرت لفائدة أطباء الاختصاص في هذه الجهات بالشكل المطلوب مقارنة بالجهات الشمالية وهو ما يستدعى استنباط حلول أخرى بسرعة لتدارك اختلال التوازن المسجل في هذا القطاع الحساس.
|
مريم التايب |